«مية النار».. أبشع جرائم العنف ضد المرأة.. والعقوبة بالسجن 5 سنوات

صورة توضيحية
صورة توضيحية

◄ الانتقام قاد صاحبه لطمس ملامح فاطمة وشوه وجه سناء وأشعل النيران في جسد نهى
◄هبة السويدى: لدينا برامج لتأهيل الضحايا بمشاريع تمكين المرأة بمؤسسة «أهل مصر»
◄ دينا المقدم: تعتبر عاهة مستديمة وعقابها الحبس من 3 إلى 5 سنوات

اعتداءات "الأسيد" أو رش الحمض مثل ماء النار كنوع من الانتقام العنيف ضد المرأة، حيث يلقي فيه المعتدي مادة حامضية حارقة على الضحية بهدف تشويهها بشكل دائم أو تعذيبها أو قتلها، وغالباً ما يرتكب الجاني جريمته لرفضها الزواج منه أو لفسخ الخطوبة أو لطلبها الطلاق أو لوجود خلافات ليتصدر العنف الأسري المشهد وينتهى بمأساة .

اقرأ أيضا :   قانون الأحوال الشخصية الجديد.. «بعبع الرجالة»

 فاطمة بلا ملامح

لا يخلو بيت مصري من الخلافات الزوجية، التي تنتهي عادة بالتراضي بين الطرفين، وخصوصاً عندما يبلغ العمر أرذله بين الزوجين، ولكن اختلفت نهاية الحياة الزوجية بين السيدة «فاطمة.م.ع» 43 عاماً وزوجها.                                                                                                                                  

منذ 8 أشهر، عندما اشتدت حدة الخلاف الزوجي، تكرر الاعتداء بالضرب، ولم تستطع «فاطمة.م.ع» تحمله، وتغاضت كثيراً طيلة فترة زواجها حفاظاً على الشكل الاجتماعي للأسرة من التفكك، لكن دون فائدة أو تغير.ومع تصاعد حدة الضرب اليومي، بدأت «فاطمة» تهديده بتصعيد الأمر للشرطة والإبلاغ عنه.  

تقول فاطمة «للأخبار المسائي»: بعد يوم مليء بالمشاجرات والعنف، والتهديد بإبلاغ الشرطة وتحرير محضر عنف، لإنهاء وصلة الضرب، ذهبت إلى عملي وفور عودتى، كان  زوجي يترصدنى وقام برش مياه نار على وجهي.  

لم تتخيل  «فاطمة» أن سلسلة الخلافات الزوجية التي يتعرض لها كل بيت مصري ستنتهي بقصة مأساوية، فالتهديد بتحرير محضر لوقف العنف الزوجي التي تعرضت له أَدَّى إلى تشويه وجهها وزراعيها، انتقاماً منها لتصبح بدون ملامح.

 الحب شوه سناء
 

«ومن الحب ما قتل» شعار يطلق على قصص الحب الأسطورية التي تنتهي بمشهد قتل الحبيبة خوفاً من أن تتركه، أو الانتحار معاً ليكونا قربانا للحب، الفتاة «سناء .أ.م» ذات الـ 25 عاماً، جمعها قصة حب بابن خالها، دامت لفترات حتى قررا تكليل حبهم بالخطوبة والزواج.

لم تعرف سناء أن لأسرتها رأي أخر في العريس المنتظر، حيث رفض الأب إتمام  الخطبة، وإنهاء قصة الحب .  

واستسلمت «سناء» لرأي العائلة في عدم موافقتهم على ابن خالها، لـِترضخ  بعد ذلك لرغباتهم في الجلوس مع عريس آخر قد تقدم لها وبعد عدة جلسات سوياً رأت فيه شاب ميسور الحال، وطموح ملبي لجميع رغباتها ومن جانب آخر كان الأب معجبا ومتمسكا به، لتوافق على إتمام الخطبة والزيجة، ومع فرحتها  تناست ما حدث ورفض أبيها لابن خالها.

وتروي «سناء» قائلة: اعتقدت أن ابن خالي نسي رفض أهلي له، مثل أي شاب يتقدم لعروسة ثم يتم رفضه لكني فوجئت به يوم زفافي، ولا أعرف كيف حدث ذلك حتى الآن، حيث هاجمنى بـ «الأسيد» الذي وجد فيه أداة لمعاقبتى حتى لا أكون لغيره، ما أدى إلى فقدان عينى وتشوه وجهى وجسمى بالكامل.


طلاق نهى قادها للجحيم


بعد مرور أكثر من 10 سنوات على زواج «نهى.م.و» 40 عاماً كانت تنعم خلالها بحياة أسرية هادئة يملؤها الرضا والسعي في تربية أبنائها الأربعة مع زوجها الذي يعمل ليلاً ونهاراً من أجل توفير لقمة العيش بالحلال، استطاع أصحاب السوء إقناعه بتجربة أول سيجارة من «الحشيش»، لـِ ينفرط الحبل بعد ذلك ويقبل على إدمان وتعاطي المخدرات.  

تفاقمت المشاكل بين الزوجين يوم بعد يوم لعدم قدرته على الالتزام بواجباته المفروضة عليه وعدم توفير مصاريف أسرته وأبنائه،  حتى انتهت الحياة الزوجية بالطلاق، وتركت السيدة الأربعينية بيتها مع أطفالها وقررت الذهاب للعيش بمفردهم.                                                                                  

النجاة من مسلسل العنف الأسري والحياة المليئة بالإدمان كانت تسيطر على تفكير «نهى» ولكن ظل الزوج حبيس فكرة الانتقام حيث اتفق مع أحد أصدقائه الاتصال بطليقته وإبلاغها بأن أحد أبنائها تعرض لحادثه وتم نقله إلى المستشفى.                                                                                            

بلعت نهى الطعم لتفاجأ بالزوج في انتظارها متشبع بأفكار انتقامية وتشويهها كعقاب على البعد وطلاقها منه، ممسكاً بزجاجة مملوءة بالبنزين وعند مقابلتها قام برش الزجاجة على وجهها وإشعال النار بها.

18.2 % من السيدات يتعرضن للحرق من قبل أزواجهن

وعلى الجانب الآخر تقول الدكتورة هبة السويدى، رئيس مجلس أمناء مؤسسة أهل مصر لعلاج ضحايا الحروق ، إن المؤسسة تقدم الدعم للسيدات اللائي تعرضن لحروق ناتجة عن العنف الأسري، حيث يتم تخصيص برامج متعددة لهن من خلال العلاج الطبي والتأهيل النفسي والدمج المجتمعي مرة أخرى بعدما تم تشويه وجوههن وفقدن الثقة بأنفسهن، بجانب تأهيلهن للقيام بمشاريع تمكين المرأة بالمؤسسة                                                                                                                                 وتابعت السويدي، نتبع منهجا متكاملا في التعامل مع مصابي الحوادث وضحايا الحروق الناتجة عن العنف الأسري، من خلال تأهيل جسدي وعلاج طبيعي، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 18% من ضحايا الحروق يصابون بإعاقة دائمة، و17% يصابون بإعاقة مؤقتة وأهم أحد الأسباب الرئيسية للإعاقة هو تجاهل فكرة التأهيل الجسدي للمصاب مع الساعات الأولى «الحرجة» من الإصابة.

   

وتشير السويدي إلى مدى الأذى النفسي الذي يتعرض له ضحية الحروق بالأخص، فإن قدر له العيش وشفي من آلام جسده، يستمر معه ألم النفس بسبب قسوة الحادث والتشوهات التي يتعرض لها بالإضافة إلى رفض ونبذ المجتمع وذويه له، مضيفة أنه يصاب 250 ألف حالة بحروق سنوياً، منهم 42% امرأة كان حرقها ناتج عن العنف الأسري، منهن 7 آلاف امرأة فقط تلجأ إلى القانون للحصول على حقوقها عن طريق إجراءات الحماية بالقانون.                                                                        

ورصدت مؤسسة أهل مصر لعلاج ضحايا الحروق لسيدات تم حرقهن من قبل أزواجهن، حيث تشير النتائج إلى 34.1% من السيدات تعرضوا للعنف من أزواجهن، و 18.2% منهن تعرضن للحرق.

وعلى الجانب القانونى توضح المستشارة القانونية والمحامية دينا المقدم، أن جرائم «الأسيد» يتم التعامل معها بقانون العاهة المستديمة حيث حددت المادة 240 من قانون العقوبات، عقوبة كل من يتسبب في عاهة مستديمة و جروح أو إيذاء للغير يعاقب بالسجن من 3  إلى 5 سنين.   ونوهت المقدم إلى ضرورة تشريع قوانين لمعاقبة الزوج أو الأسرة على العنف الأسري الذي يتسبب في تشوهات، بجانب تجريم تداول مواد «الأسيد « وبيعها للمواطنين.