خوفاً من العدوى

كورونا يغلق أمامهن الأبواب

كورونا يغلق أمامهن الأبواب
كورونا يغلق أمامهن الأبواب

كتبت: آية فؤاد

ألقى فيروس كورونا بظلاله الرمادية وآثاره السلبية المباشرة على العاملات بالمنازل، وتسبب لهن فى خسائر فادحة مادية ومعنوية كونهن عمالة غير منتظمة مطرودة من حماية قانون العمل، ما وضعهن فى اختبار صعب يحاولن الفرار منه منذ بدأت الجائحة، وهذا ما أكده العديد من السيدات العاملات فى هذه المهنة لـ"آخر ساعة" ممن ذقن مرارة الطرد من عملهن بسبب كورونا.
فى البداية، تقول (عزة. م)، فى الأربعينيات من عمرها: أعمل فى المنازل منذ 10 سنوات تقريباً، عندما حدثت لى ظروف أسرية اضطرتنى للبحث عن مصدر للرزق الحلال، وبسبب قلة فرص العمل، كما أننى لم أكمل تعليمى لذا لم أجد سوى العمل فى هذه المهنة، أحياناً أكون جليسة مسنين وأحياناً أخرى خادمة مسئولة عن أمور المنزل المتعلقة بالنظافة، وكنت أحصل على العمل من خلال إحدى الجمعيات التى تتواصل بدورها مع الأسر التى تريد عاملة بالمنزل، وكان نظام العمل يتنوع بين اليومى والشهري، وكانت الأمور جيدة إلى أن جاءت ظروف كورونا، حيث كنت أعمل لدى سيدة مسنة يسكن معها ابنها الأكبر وزوجته وأولاده الذى قرر الاستغناء عنى خوفاً على والدته، بما أننى أتردد عليهم يومياً ولست مقيمة معهم فى المنزل.
تتابع: بعد ذلك ظللت لفترة طويلة أبحث عن عمل لكن بلا نتيجة، وحتى الجمعية التى كانت تنهال عليها الطلبات من الأسر الراغبة فى عاملة، أصبحت لا تتلقى طلباً واحداً لأسابيع وشهور.. كنت أذهب للجمعية وأجلس هناك طوال النهار على أمل أن يأتى اتصال يطلب عاملة، حتى هدأت الأزمة خلال الأيام التى قلت فيها أعداد الإصابات، وبدأت الطلبات من جديد، إلا أننى لم أحصل على عمل دائم مرة أخرى طوال هذه الفترة فكان الخوف من العدوى لا يزال مسيطراً على الناس، وسرعان ما أصبح الوضع أسوأ خلال الأيام الماضية مع الموجة الثانية من كورونا، وأصبح كل من لديه خادمة يطردها، وعزف الناس عن استقدام خادمات إلى منازلهم خوفاً من الفيروس.
وتؤكد عزة أن فئة العاملات فى المنازل من أكثر الفئات التى تأثرت بجائحة كورونا، متمنية أن يتم وضعهن بعين الاعتبار فى ظل أزمة كورونا، التى كان سبباً فى معاناتهن من البطالة.
وافقتها الرأى خادمة غير مصرية فى العقد الثالث من عمرها تُدعى ابتهاج، كانت تعمل لدى إحدى الأسر منذ أن وطأت قدمها مصر كلاجئة منذ أكثر من عامين، وكان الوضع معها مستقراً إلى حد ما على حد قولها، حتى بدأت جائحة كورونا، ففقدت عملها وفقدت الأمل فى الحصول على عمل آخر.
تتابع: "جئت إلى مصر بعدما ساء الحال فى بلدي، ما أثر على الاستقرار النفسى لأطفالي، بالطبع بدأنا نبحث عن عمل أنا وزجى منذ وصولنا لإعالة أطفالنا وتوفير احتياجاتهم، فوجدت أن معظم الأعمال المتاحة لنا متعلقة بالعمالة المنزلية، وبالفعل من خلال مكتب تخديم حصلت على فرصة عمل ولحسن حظى استقررت بالعمل على عكس ما يحدث مع زملاء المهنة  بالتردد على أكثر من منزل فى فترات قصيرة، إلى أن بدأت أزمة كورونا وحينها فوجئت باستغناء أصحاب المنزل عنى رغم أننى قضيت معهم شهوراً طويلة.
وأشارت ابتهاج إلى أن مكتب التخديم فشل فى تدبير عمل آخر لها، حيث إن تسريح العمالة المنزلية هو السائد فى ظل جائحة كورونا، خصوصاً الذين يحملون جنسيات غير مصرية، رغم أنهن فى العادة هن المفضلات فى العمل لدى أغلب الأسر والعائلات المصرية.
أما (شيماء.ح)، فتقول: أعمل منذ سنوات كعاملة فى المنازل لإعالة أطفالى الخمسة، خصوصاً أن اثنتين منهم مريضتان، واحدة مصابة بالتقزم والثانية تعانى مرضاً نادراً بالقلب، وزوجى لا يمكننى الاعتماد عليه لتوفير نفقات علاجهما، حيث إنه مدمن، فبدأت العمل فى المنازل، وواصلت العمل بنظام اليومية عن طريق المعارف حتى اتسعت الدائرة وأصبح لدى أكثر من منزل أعمل به بنظام يومى أو أسبوعي.

سيدات أمام مكاتب التخديم بحثاً عن عمل
تتابع: لكن مع أزمة كورونا فقدت أكثر من نصف عملى نتيجة لخوف الأسر من العدوى خاصة أن منهم من لديه أطفال أو كبار فى السن ومازال الحال على ما هو عليه منذ انتشار الفيروس، ندبر احتياجاتنا الأساسية بالكاد من بعض المساعدات المالية من أهل الخير، وننتظر انفراجة قريبة لتدبير مصروفات علاج ابنتي.
على جانب مواز، يقول محمد جمال صاحب أحد مكاتب التخديم، إن العاملات بالمنازل من أكثر الفئات المتضررة جراء أزمة كورونا، فالعمالة بالمكتب انخفضت  لأكثر من النصف، بالإضافة إلى أن كثيراً منهن بالفعل تم طرده من المنازل التى كن يعملن بها، مشيراً إلى أن العمل بالمنازل بمثابة يد عون لكثير من السيدات لإعالة أسرهن، خصوصاً المصريات فمعظمهن من الأرامل أو المطلقات ويعتبر أجرهن دخلاً رئيسياً يعتمدن عليه، لافتاً إلى أن سياسة تخفيض الأجر لم تجد نفعاً فى ظل تفشى كورونا.
مــــــــن جــــانبهـــــــا، أوضـــحت جــــواهر الطــاهر، المـحــامية بمؤسســــة "قضــــايا المرأة المصرية"، أن طبيعة عمل الخادمات هى التى وضعتهن فى هذا المأزق مع انتشار فيروس كورونا، حيث لا يوجد رواتب أو تأمينات ثابتة تمكنهن من تجاوز الأزمة نظراً لأنهن فئة غير معترف بها قانوناً، ولا توجد أى مظلة تشريعية تحتمى تحتها العاملات بالمنازل وقت الأزمات.
تضيف: يجب الوضع فى الاعتبار أن مهنة العاملات فى المنازل لا تقل أهمية عن أى مهنة أخرى، وتأتى أهميتها من أن العاملين بها من السيدات ومعظمهن لديه مشكلات مجتمعية، بالتالى يجب تنظيم المهنة بما يضمن حقوقهن ويضمن عبورهن الأزمات التى بدورها قد تؤثر فى الاقتصاد أو تخلق البطالة مثلما حدث مع انتشار فيروس كورونا.