بدون أقنعة

مصر الكبيرة العظيمة

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

كانت أول زيارة خارجية لرئيس الحكومة الليبية الجديدة عبد الحميد الدبيبة إلى القاهرة بمثابة رسالة مهمة للعالم أن مصر تحظي باهتمام بالغ فى رسم خريطة الحكم الجديد فى البلد الشقيق وأن الليبيين يقدرون كثيرا الدور الكبير والفاعل للرئيس عبد الفتاح السيسي فى الحفاظ على وحدة التراب الليبى وسعيه نحو استقرار الأشقاء وبدء صفحة جديدة للوفاق من أجل وحدة الليبيين.

الزيارة تعكس رغبة الأشقاء الليبيين بعد الانتخابات التى تمت وجاءت بالدبيبة رئيسا للحكومة ومحمد المنفى رئيسا للمجلس الرئاسى فى الحصول على دعم سياسى مصرى يساهم فى عودة الاستقرار وطي صفحة الماضي بكل أحداثها التى أدت إلى انقسام الليبيين وتوحيد الصفوف.. لم تكن زيارة عادية بكل المقاييس بل كانت رسالة مهمة للمحيط العربي والإقليمي والدولي بأن مصر كانت لنا الداعم الأكبر الحريص على وحدة بلادنا وستظل شريكا أساسيا فى المرحلة القادمة وهى مرحلة لم الشمل وعودة بسط السلطة الشرعية المنتخبة سيطرتها على كامل الأراضي الليبية وإنتهاء عصر الميليشيات المسلحة وزوال هيمنة أجنحة الإخوان الإرهابيين على الوضع فى العاصمة طرابلس لسنوات طويلة.

الرئيس السيسى شدد على حرص مصر على الاستمرار فى دعم الشعب الليبي لاستكمال آليات إدارة بلاده وتثبيت دعائم السلم والاستقرار لصون مقدراته وتفعيل إرادته وأن المرحلة الحالية تتطلب حشد ليبيا لكافة جهود وسواعد أبنائها ورجالها المخلصين من أجل ترتيب أولويات التحرك والعمل تجاه المجالات المختلفة بدءا باستعادة الأمن ومروراً بتثبيت أركان الدولة وصولاً إلى الشروع فى المشروعات الخدمية والتنموية ذات المردود المباشر على أبناء الشعب الليبي.

وكان السيسى أيضا شديد الوضوح فى تأكيده على استعداد مصر لتقديم خبراتها وتجربتها فى خدمة الشعب الليبى بما يساهم فى وضع ليبيا على المسار الصحيح وتهيئة الدولة للانطلاق نحو آفاق البناء والتنمية والاستقرار.

الدبيبة عبرعن اعتزاز بلاده بالجهود المصرية الصادقة والفعالة فى مختلف مسارات حل الأزمة الليبية خلال الفترة الماضية، وأن الجهود المصرية نتج عنها تقريب وجهات النظر بين الليبيين وإنهاء حالة الانقسام فضلاً عن دعم مصر للمؤسسات الليبية فى مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة. وأكد أن ليبيا حكومةً وشعباً تتطلع إلى إقامة شراكة شاملة مع مصر بهدف استنساخ نماذج ناجحة من تجربتها التنموية الملهمة التى تحققت خلال السنوات الماضية بقيادة ورؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى خاصةً فيما يتعلق باستعادة الأمن والاستقرار وانطلاق عملية التنمية والإصلاح.

الكاتب والمحلل السياسى الليبى محمد العمامى وصف الزيارة بخطوة ليبية فى الاتجاه الصحيح وأشاد بمواقف الرئيس السيسي السابقة التي أكد فيها أن أمن مصر من أمن ليبيا وأنها عمق استراتيجى لمصر وأن القاهرة يهمها استقرار وراحة ليبيا وشعبها ولا تنتظر أى عائد من ذلك وأنها مهتمة بمسألة تأمين حدودها مع جارتها الغربية ومنع تسلل الإرهابيين والمرتزقة إليها.. فى تعليق الكاتب الليبى نقطة مهمة للغاية وهي أن مصر لا تنتظر أى مقابل من الأشقاء في ليبيا وهى سياسة مصرية خالصة تعكس التوجه الدبلوماسى المصرى فى المحيط العربي والأفريقي.. نحن على مسافة واحدة من جميع الأطراف.. لا ننحاز لأحد على حساب الآخر.. يهمنا تأمين حدودنا ورعاية مصالحنا وهذا إنجاز يكتب لمصر في علاقاتها مع الأشقاء ولعل هذا كان بيت القصيد فى رعاية مصر للمصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس.

وخلال الأيام القليلة القادمة يزور محمد المنفى القاهرة أيضا ليستمع للرئيس السيسى ويستنير بآرائه فى بداية رئاسته للمجلس الرئاسى الليبى.. من حقنا أن نشعر بالفخر تجاه رئيسنا الذى يحظى بتقدير عالمى يجعل من القاهرة عاصمة مؤثرة فى محيطها.