فى الذكرى الألف لاختفائه ٫٫٫ الحاكم بأمر الله.. ادعى الألوهية ومنع الملوخية!

حسن حافظ تصوير: سامح مسلم

مسجد الحاكم بأمر الله
مسجد الحاكم بأمر الله

قبل ألف عام عاشت القاهرة ليلة ليست كمثلها من الليالي، سادت أروقة المدينة شائعة حول اختفاء الخليفة الحاكم بأم الله، الشخصية التاريخية الأكثر إثارة للجدل تركت خلفها نهاية مفتوحة غذتها الأساطير، فالخليفة خرج من باب الفتوح فى جولة حتى جبل المقطم ثم اختفى فى 13 فبراير 1021، ولم يعثر له على أثر، ما جعل بعض دعاة ألوهيته يؤمنون بعودته، والبعض رأى أنه تنسك فى أحد الأديرة، لكن الحقيقة تخرج من بطون كتب التاريخ فالرجل الذى اقترب من حافة جنون العظمة قتل إثر مؤامرة اشترك فيها كبار رجال الدولة بالتعاون مع أخته ست الملك، فى دراما لم تفقد يوما قدرتها على جذب الأدباء للكتابة عنها والبحث فى رموز شخصياتها المليئة بطبقات من التراجيديا.

حكم الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله مصر (386-411هـ/996-1021م)، فى فترة كانت القاهرة مقرًا لإمبراطورية مترامية الأطراف إذ يخضع لها بالولاء حكام تونس وصقلية والشام والحجاز وأجزاء من العراق والجزيرة العربية، فضلا عن عشرات الجماعات الإسماعيلية الشيعية المنتشرة فى إيران ووسط آسيا والتى تدين بالولاء المذهبى للإمام الجالس على عرش الفاطميين، وقد تولى الحاكم الخلافة وهو دون الثانية عشرة من عمره، بعد وفاة والده الخليفة العزيز بالله، فسيطرت أزمة نفسية على الحاكم بسبب تسلط كبار رجال الدولة عليه وفى مقدمتهم برجوان الخادم، الذى تولى مقاليد الدولة لخمس سنوات، حتى استطاع الحاكم التخلص من وصايته وقتله ليبدأ مباشرة أمور الحكم وهو فى نحو السادسة عشرة من عمره، وهنا قرر أن يقتل كل من يهدد نفوذه من قريب أو بعيد.
ويشرح الدكتور أيمن فؤاد سيد، رئيس الجمعية المصرية التاريخية وأستاذ التاريخ الإسلامي، سيرة الحاكم قائلًا لـ«آخرساعة»: «بعد التخلص من برجوان أصبح الحاكم طاغية مطلقا لا تصدر قراراته سوى عن هواه أو مزاجه الشخصي، ووضحت فى تصرفاته المتناقضات، فقد كان مصابًا بانفصام الشخصية يأخذ القرار ثم ينقضه بعد قليل»، ويمكن تقسيم فترة حكم الخليفة الحاكم بعد تخلصه من برجوان إلى فترة الاعتدال التى استمرت لعام 395هـ/ 1005م، وتميزت بانفتاحه على أهل السنة فى مدينة الفسطاط الذين وقفوا بجواره ضد ثورة أبى ركوة بين بدو برقة، كما أنجز الحاكم فى هذه الفترة بناء جامعه الأنور المعروف الآن باسم جامع الحاكم بأمر الله.
أوامر عجيبة
وتتميز المرحلة الثانية من خلافة الحاكم، بحسب الدكتور سيد، بتشدده مع الرعية سواء من أهل السنة أو المسيحيين واليهود، وهى الفترة التى تعود إليها الأوامر العجيبة التى اشتهر الحاكم بأمر الله بها فى التاريخ، والتى توعد من يقدم عليها بالقتل والتعذيب، مثل منع صناعة النبيذ وما يماثله، ومنع ذبح الأبقار السالمة من العيب، ومنع الخبازين من استخدام أقدامهم فى عجن العجين، ومنع النساء من مغادرة منازلهن، ومنع صناع الأحذية من عمل الخفاف لهن، ومنع أكل الملوخية، والجرجير، ونهى عن المتوكلية لنسبتها إلى المتوكل العباسي، ويرى صاحب كتاب «الدولة الفاطمية فى مصر.. تفسيرا جديدا«: أن معظم قرارات الحاكم فى تلك الفترة يمكن تبريرها فى إطار كونها «إجراءات إصلاحية»، لمواجهة بعض مظاهر الانحلال الأخلاقى والحض على قواعد الصحة العامة.
وقلب الحاكم بأمر الله حياة المصريين رأسا على عقب عندما أمرهم بالعمل ليلا والنوم نهارا، وفى ذلك يقول محمد عبدالله عنان فى كتابه «الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية«: «كان شغف الحاكم بالليل من أظهر خواص تلك المرحلة من حكمه، كان يعقد مجالسه ليلًا، ويواصل الركوب كل ليلة، وينفق شطرًا كبيرًا من الليل، فى جوب الشوارع والأزقة، وصدرت الأوامر بهذه المناسبة بتعليق المصابيح ليلًا، على جميع الحوانيت وأبواب الدور والمحال المختلفة فى جميع طرقات القاهرة والفسطاط، وتكرر هذا الأمر غير مرة... فكانت المدينة تبدو فى هذه الفترات بالليل كأنها شعلة مضيئة، وتبدو فى نفس الوقت فى ثوب مشرق من النظافة والأناقة»، وقيل إنه كان يجوب الشوارع بنفسه ومعه سياف فمن وجده يغش فى تجارته يأمر بقتله فورا.
ارتدى الحاكم ثوب المصلح الاجتماعى وتشدد فى تنفيذ إجراءاته وقراراته الإصلاحية بالعنف والقوة، وهو ما جعل الدكتور عبدالمنعم ماجد يؤلف كتاب «الحاكم بأمر الله الخليفة المفترى عليه»، الذى ارتدى فيه ثوب المحامى للدفاع عن قرارات الحاكم المتضاربة وإيجاد مبررات لها، واعتبره الخليفة المصلح الذى «شاهدنا مثاليته النادرة، وليدة إيمانه بمسئولياته نحو رعاياه، وعمله على اقتلاع الفساد من جذوره»، وعلى العكس نرى المؤرخ الأمريكى بول ووكر يذهب إلى قراءة أكثر إدانة لاضطراب الحاكم فى كتابه «خليفة القاهرة.. الحاكم بأمر الله»، وهو ما يكشف أن شخصية الخليفة الفاطمى الملونة أجبرت جميع المؤرخين على الاشتباك معها والوقوع فى حيرة محاولة تفسير هذه القرارات المتضاربة التى تبدو غير مفهومة فى الكثير من الأحيان.
ادعاء الألوهية
وبدأت المرحلة الأخيرة من حياة الحاكم بأمر الله فى سنة 403هـ/ 1013م، وهى الفترة التى بدأ فيها اعتناق أفكار بعض الدعاة المتطرفين الذين نادوا به إلهًا، فقد وصل مجموعة من الدعاة الفرس إلى مصر بقيادة الحسن بن حيدرة الفرغانى وحمزة بن أحمد الزوزنى ومحمد بن إسماعيل أنوشتكين الدرزي، وأعلنوا تأليه الحاكم، وحاولوا فرض هذه الديانة الجديدة على أهالى القاهرة وكانت محل الحكم وأهل الدولة من المذهب الإسماعيلي، والفسطاط (مصر القديمة حالياً) وكانت المركز السُنى وقتذاك، ما أدى إلى سلسلة من الصدامات وأحداث العنف تكللت بمحاولة الحاكم بأمر الله إطلاق عبيده لإحراق مدينة الفسطاط سنة 410هـ/1019م، ورغم مقاومة أهالى المدينة التى استمرت لثلاثة أيام، لم يمنع الحاكم من تدمير المدينة إلا تهديد كبار دولته وقادة الجيش من الانحياز إلى الأهالى ووقف هذه المهزلة.
عند هذا الحد بدأ كبار رجال الدولة ودعاة المذهب الإسماعيلى فى التفكير فى التخلص من الخليفة الذى أصابه جنون العظمة، وبات يهدد بأفعاله المتناقضة وادعاء الألوهية شرعية الخلافة الفاطمية فى مقتل ومن ثم سقوطها، وهنا توجهت الأنظار إلى سيدة الملك أو ست الملك الأخت غير الشقيقة للحاكم بأمر الله، والتى تكبره بعشرين عامًا، والتى فكرت فى مستقبل الدولة الفاطمية التى تعرضت لتشويه ممنهج على يد أعداء الدولة، لذا لم يكن غريبًا أن يصدر الخليفة العباسى محضرًا رسميًا بالطعن فى نسب الفاطميين فى عصر الحاكم بالذات، فالرجل ألحق ضربة قاصمة بالسمعة الفاطمية.
وكانت ست الملك محبوبة والدها التى بنى لها القصر الغربى فى مواجهة القصر الشرقى الكبير (منطقة الجمالية حاليا)، وعين لها فرقة حربية باسم الفرقة العزيزية تخضع لأمرها، واستطاعت أن تتحول إلى رمز المعارضة من داخل البيت الفاطمى لإجراءات الخليفة الحاكم بأمر الله، الذى فكر فى محاكمتها باتهامها فى شرفها تمهيدا لقتلها، وهنا سارعت ست الملك بالتحرك بالاتصال بكبار رجال الدولة وعلى رأسهم زعيم فرق القبائل المغربية ابن دواس، الذى كان بدوره يخشى على رأسه من سيف الحاكم ونزواته، فيما اتفق معهم داعى دعاة الإسماعيلية أختكين العضدى الذى رأى فى دعوة الدروز التى تؤله الحاكم خروجا على أصول المذهب الإسماعيلي، كما أثبت الدكتور محمد كامل حسين فى كتابه «طائفة الدروز«.
زمن الخفاء
وفى يوم 27 شعبان 411هـ/ 13 فبراير 1021م، قتل الحاكم أثناء تجواله فى جبل المقطم على يد عناصر استخدمتهم ست الملك وحملوا الجثة بعد إتمام المهمة إلى ست الملك فى قصرها الغربى ودفنتها فى قاعتها بالقصر والتى بنى عليها فى عصر آخر مجموعة قلاوون المعمارية بشارع المعز بقلب القاهرة القديمة. وقد روى لنا المقريزى فى كتابه «اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الخلفا» المشهد الأخير من حياة الحاكم قائلا: إن ست الملك راسلت حسين بن دواس «وتواعدا على قتل الحاكم وتحالفا عليه، فأحضرت ست الملك عبدين وحلفتهما على كتمان الأمر، ودفعت إليهما ألف دينار ليقتلا الحاكم إذا صعد إلى الجبل فى الليل»، وعندما توجه الحاكم إلى جبل المقطم للتعبد كعادته فـ «دخل الشعب الذى كان يدخله وقد وقف العبدان له، فضرباه حتى مات، وطرحاه، وشقا جوفه ولفاه فى كساء... وحملاه إلى أخته فدفنته».
وحاولت السلطة الفاطمية الرسمية ترويج عدة روايات غير حقيقية للتغطية على المؤامرة التى شارك فيها أركان الدولة، فتم نشر رواية شبه رسمية أنه قتل على يد بعض البدو الغاضبين، أو أنه اختفى ببساطة ولم يُعثَر له على أثر، وقد قامت ست الملك بعملية تطهير لكل من شارك فى المؤامرة فأمرت بقتل شريكها فى المؤامرة ابن دواس، وتخلصت تباعا من كل رجال الدولة الذين شاركوا فى المؤامرة.
أحكمت ست الملك قبضتها على مقاليد الدولة، ونصَّبت ابن الحاكم خليفة جديداً بلقب الظاهر لإعزاز دين الله، (حكم 411-427/1021-1036م)، ولم يأت اختيار اللقب الخلافى اعتباطاً، بل جاء تعبيرا عن نية الدولة ومؤسساتها التركيز على ظاهر الشريعة وتهميش الباطن الذى شهد ازدهارا فى عهد الحاكم، وافتتح الظاهر لإعزاز دين الله عهده بسجل تبرأ فيه من دعاوى الألوهية وإنكاره على ذهاب طائفة من الجهَّال إلى الغلو فى الإمامة، وتأكيده أنه وأسلافه الماضين وأخلافه الباقين مخلوقون لله، متوعدًا منكرى بشرية الأئمة بالملاحقة، مهددًا من يصر على كفره باستئصاله بالسيف، وهو ما تم تنفيذه على أرض الواقع بمطاردة السلطات الفاطمية دعاة الدروز والقبض على بعض الدعاة إلى مذهب تأليه الحاكم بأمر الله والمعتقدين له واستتيب من رجع منهم عن مذهبه، وقُتل «من أبى الإقلاع عنه وصُلب، وتُتُبّعوا فى سائر الأعمال»، بحسب نص المقريزى فى كتابه «اتعاظ الحنفا فى أخبار الخلفاء».
وشدد الخليفة الظاهر على إنهاء أى علاقة بالدعاة المتشددين واستغل حادثة قيام أحد المنتمين لدعوة تأليه الحاكم بأمر الله بالتعدى على الحجر الأسود، لإصدار سجل وُزِع على نطاق واسع فى العالم الإسلامى للتأكيد على تخلى الدولة الفاطمية عن تلك الدعوة المتطرفة وقطع الصلة تمامًا مع دعاة الدروز، ونجحت الإجراءات الفاطمية فى إنهاء دعوة التأليه تمامًا ولم يرد لها ذكر بعد ذلك فى مصر.
شخصية درامية
شخصية الحاكم بأمر الله بكل تقلباتها ونوازعها النفسية العميقة وتفاصيل حياتها المتقلبة والمثيرة، جعلتها منجماً لا ينضب ومنبعاً لا يعرف الجفاف للأدباء وكتاب المسرح ينهلون منها على مدار 100 عام وأكثر، فمنذ فجر الكتابة العربية الحديثة، تحول الحاكم بأمر الله إلى شخصية من أهم الشخصيات التاريخية التى تم البناء عليها دراميا ويبدو أنه إحدى الشخصيات التاريخية الأكثر استدعاء فى الأعمال الأدبية فى القرن العشرين، ويبدو أن البداية كانت مع الكاتب المسرحى إبراهيم رمزي، الذى كتب مسرحية بعنوان «الحاكم بأمر الله» عام 1915، والتى تم تمثيلها على المسرح من قبل فرقة جورج أبيض فى العام ذاته، ثم قدم الكاتب المسرحى الكبير أحمد على باكثير مسرحيته الشهيرة «سر الحاكم بأمر الله».
وقدم الكاتب المسرحى الراحل سمير سرحان مسرحية «ست الملك» والتى تعرض فيها للأحداث الأخيرة فى عصر الحاكم من وجهة نظر أخته، والتى تم تجسيدها على مسرح الدولة عام 1978 بطولة عبدالرحمن أبوزهرة وأنور إسماعيل وسميحة أيوب، كما قدّم الكاتب المسرحى محمد عبدالحافظ ناصف مسرحية «حضرة صاحب البطاقة» 2007، والتى قدم فيها دراما مسرحية من طراز رفيع تدور حول متناقضات شخصية الحاكم بأمر الله وغطى فيها سنوات حكمه الأخيرة وصولا إلى روايات مقتله.
أما على مستوى الرواية فنجد رواية «ما ذكره رواة الأخبار عن سيرة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله» للكاتب محمد جبريل، والصادرة عن روايات الهلال عام 2003، وهى رواية تقدم إبداعا روائيًا رفيع المستوى من قلم أحد أبرز مبدعى جيل الستينيات، تستعيد الروايات التاريخية لكبار المؤرخين فى العصور الوسطى أمثال المقريزى والنويري، مع إعادة نسجها دراميا لتقديم قراءة تتعمق لمحاولة فهم الحاكم وعصره، ويحاول نسج رواية حول مقتله نتيجة مؤامرة دبرت داخل قصر الخلافة.
وكتب أسامة الشاذلى رواية تاريخية بعنوان «ست الملك والحاكم بأمر الله»، بينما أطلق الكاتب محمد سمير رواية «ست الملك» فى 2016، وهى رواية تنتصر لست الملك وتقدمها باعتبارها المرأة التى حمت الخلافة الفاطمية من الضياع ومنعت سقوطها بسبب جنون الحاكم بأمر الله، بدوره قدم حسين السيد روايته «حكاية البنت شمس والحاكم بأمر الله» 2019، وهى تنتمى إلى فن المسرواية والذى يمزج فيه المبدع بين فنى المسرحية والرواية، ويقدم السيد رؤية تنتصر للإصلاحات الاجتماعية التى قدمها الحاكم بأمر الله» كخليفة سابق عصره فى وقت كانت مصر فى قمة تقدمها الحضارى فى العصور الوسطى، وفى ذات العام أصدر محمد محمود الفخرانى رواية «سيرة الغيبة من سيرة الحاكم بأمر الله»، وهى رواية تغوص فى متناقضات الحكم على شخص الحاكم ما بين من عظموه وبين من اعتبروه من زمرة الشيطان وفريق ثالث رآه طرفة من طرف الزمان، ليلعب الفخرانى على كل هذه التناقضات لإغناء النص الروائي.
عربيًا، قدم الكاتب المغربى بنسالم حميش رواية «مجنون الحكم» عام 1990، وهى رواية تروى تناقضات المجتمعات العربية من خلال سيرة تعتمد الخيال فى إعادة بناء الحدث التاريخى وتفسيره، فى فترة كانت مليئة بالتحولات تحت مظلة الحاكم شبه المجنون، وقد تم اختيار الرواية ضمن قائمة أفضل 100 رواية عربية فى القرن العشرين والتى أعدها اتحاد الكتاب العرب، كما فازت الكاتبة السعودية أميمة الخميس بجائزة نجيب محفوظ المقدمة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة فى دورة 2018، وذلك عن رواية «مسرى الغرانيق فى مدن العقيق»، وهى رواية استثنائية خصصت أكثر من ثلثها لاستعراض أوضاع مصر والقاهرة فى ظل خلافة الحاكم بأمر الله.
أما أحدث رواية عن الحاكم بأمر الله وعصره، فهى من إبداع يوسف زيدان، الذى صدرت له مؤخرا رواية «حاكم.. جنون ابن الهيثم»، ويلعب زيدان الذى برع فى تقديم روايات تاريخية بنكهة مميزة منذ روايته الاستثنائية «عزازيل» على قصة واقعية حدثت بين الخليفة الحاكم بأمر الله والعالم الكبير الحسن بن الهيثم، عندما فكر الأخير فى بناء ما يشبه السد العالي، عندما قال الحسن «لو كنت بمصر لعملت على نيلها عملًا يحصل به النفع فى كل حالة من حالاته من زيادة ونقص»، وهو الأمر الذى دفع الحاكم بأمر الله لاستدعائه من البصرة إلى القاهرة ليبدأ تنفيذ مشروعه فورًا، وبعد أن وصل ابن الهيثم، وأجرى حساباته تيقن أن قدرات عصره التقنية لن تسعفه لإنجاز مشروعه لبناء السد، ولكى يهرب من عقاب الخليفة الفاطمى ادعى الجنون ودخل البيمارستان هربًا من سيف الحاكم.