لحظة صدق

الصقيع بين تهويل المواقع وتهوين هيئة الأرصاد!!

إلهام أبوالفتح
إلهام أبوالفتح

عواصف رعدية وأمطار غزيرة وتيارات هوائية مصحوبة ببرد شديد ورياح عاتية مثيرة للرمال على مختلف أنحاء البلاد، وتوقع «خبراء السوشيال ميديا» أياما قطبية ستشهدها مصر وبعض الدول العربية خلال الفترة من 16 إلى 23 فبراير الحالى، كل هذه الأخبار الصادمة تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي عن أحوال الجو.. تخيلت حجم الفزع الذى سيطر على قلوب وعقول الناس بهذه التكشيرة المفاجئة التى ينذرنا بها الشتاء بقوة وما يصحبها من برودة قطبية وثلوج وأمطار... وخاصة الذين تضطرهم لقمة العيش أو تعليم الأولاد أو ظروف العمل للنزول للشارع ابتداء من اليومين القادمين!

ومن ناحية أخرى انشغلت كل قنواتنا الفضائية فى ترويج هذه الأنباء والتوقعات الافتراضيه وكأنها تتحدث عن نذر يوم القيامة الوشيك، وهى نفس الهرولة التى تحدث كل يوم عقب ترويج هذه المواقع لفضائح وأخبار فارغة وشائعات تافهة وخوض فى الأعراض والذمم واستقالات وإقالات وقرارات مزعومة لا أساس لها من الصحة!
ومن ناحية ثالثة هرع البعض إلى الهيئة العامة للأرصاد الجوية باعتبارها المنوطة والمصدقة بنقل هذا النوع من الأخبار، فجاء نفى الدكتور محمود شاهين مدير إدارة التنبؤات الجوية بالهيئة، وحذر من التهويل الشديد، وأن ما تم تداوله على بعض المواقع الإخبارية بشأن تعرض مصر لأيام قطبية باردة للغاية وتسجيل درجات حرارة غير مسبوقة ستكون يومى 16 و17 فبراير الجارى.. كما نصح بعدم التعرض للرياح الباردة لفترة طويلة حتى مع ارتداء الملابس الثقيلة والتقليل من التحركات هذه الفترة.. وممنوع الوقوف بجوار اليافطات الإعلانية الكبيرة أو أعمدة الضغط العالى أو ملامسة أعمدة الإنارة خلال فترة تساقط الأمطار لأنه سوف يرافقها سرعات عالية من الرياح.

وعرضت هيئة الأرصاد خرائط وجداول وبيانات عن حركة الرياح والمنخفض الجوى ودرجات الحرارة المتوقعة على الأقاليم المختلفة، وتحدثت عن شحن عالٍ جداً لطبقة الايونوسفير فوق منطقة شرق المتوسط.. ينتج عنه حالة مناخية حادة من انخفاض كبير فى الحرارة وأمطار غزيرة باردة وتساقط للثلوج ورياح باردة جداً، وأن مصر بأكملها من ضمن منطقة هذا الشحن، وأن يوم 16 من هذا الشهر هو الأقوى منذ فترة طويلة بسبب تنوع الحالة المناخية فيه، احتمال تساقط الثلوج على القاهرة وجنوب الجيزة وأقصى جنوب الدلتا ومعها الأمطار ومن المتوقع تساقط للثلوج على شرق القاهرة ومرتفعات خليج السويس ووسط وجنوب سيناء صباح الغد!

ورغم أن الناس قد سمعت النصائح برفع درجات الاستعداد فى الإسكندرية ومطروح ومعظم مدن شمال ووسط الدلتا.. لمواجهة غزارة الإمطار وقوة الرياح المصاحبة والانخفاض الكبير فى درجات الحرارة، أقول رغم صدى التحذيرات على الناس إلا أنها لا تنفى حالة الرعب والصدمة والحيرة بين المصدرين الرسمى والافتراضى!
وحتى لا تتكرر هذه الحالة وتصبح أعصاب الناس تحت رحمة المواقع، لماذا لا تصير هناك جهات محددة يلتزم الجميع بالرجوع إليها فى قضايا وموضوعات بذاتها كالتنبؤات الجوية يلجأ إليها الناس ويثقون فيها كمصدر لهذه الأنباء، ولماذا تركت الساحة فارغة من المعلومات الصحيحة عن حالة الجو أولا بأول، كما تركناها فى مجالات وميادين عديدة ترتع فيها مواقع التواصل والنميمة بلا رقيب ولا حسيب.

الآن من المفترض ـ أثناء كتابة هذه السطور ـ أن يحمل الأمس واليوم بداية الحقيقة والمية تكدب الغطاس، وحتى الآن ننتظر بين تهوين الهيئة وتهويل المواقع الافتراضية فمن يكون الأصدق؟.. وإن غدا لناظره قريب!