حكايات| مأساة يوكوتا.. طفلة مختطفة تتحول لأصغر جاسوسة بالعالم

مأساة يوكوتا.. طفلة اختطفتها دولة لتدريب جواسييها
مأساة يوكوتا.. طفلة اختطفتها دولة لتدريب جواسييها

يقال إن كل شيء مباح في الحب والحرب لكن دائما ما يكون هناك نفقا للإنسانية يجد طريقه نحو قلوب أًصحاب القرار.. إلا أن ذلك النفق كان مسدودًا في قلوب مسئولي كوريا الشمالية الذين اختطفوا نحو 100 طفل وطفلة وفق الخبراء لتجنيدهم وتدريبهم للجواسيس الكورية.

 

لكن هذا العدد الكبير لا تعترف حكومة بيونج يانج كاملا وتكتفي بالإقرار بخمسه فقط أي 17 طفلا، كان من بينهم ميجومي يوكوتا التي اخطتفت وعمرها 13 عامًا، وشهدت قصتها مراحل قاسية انتهت بطريقة مأساوية. 

 

ووفقا لوثائق يابانية نشرت (BBC) بعضا منها فإن الطفلة اختطفت أثناء عودتها من المدرسة في مقاطعة نيجاتا الواقعة على ساحل بحر اليابان. 

 

لحظات الاختطاف

 

تأخرت الطفلة عن العودة في موعدها الطبيعي وتحركت عقارب الساعة تشير مرور وقت طويل، وتلدغ قلب الأم ساكي رعبًا خاصة بعدما اتجهت لمدرسة ابنتها والتي صدمت بفناء خال وحارس يخبرها أن الجميع غادر منذ مدة طويلة. 

 


(سرقة.. اغتصاب).. كانت تلك أول الأفكار التي هبطت على رأس الأم فهرولت إلى الشوارع تنتقل بنظرها بين هذا الشارع وذلك الزقاق تتفحص السيارات السائرة والمتوقفة، أملا في العثور على ابنتها لكن لم تجد سوى آلام تنزع روحها. 

 

اقرأ أيضًا| نفي مؤقت للفتيات خلال «الحيض».. مصرية تنقذ الآلاف في كينيا

 

من الشوارع للأضرحة، والأماكن الأثرية، وساحل البحر، كلها أماكن خالية والنهاية "يوكوتا" غير موجودة، فعادت لمنزلها أخبرت الأب الذي عاد مسرعًا وبدأ رحلة جديدة في البحث لم تصل بالعائلة المكلومة لشيء، وكذلك الشرطة، فالنتائج كلها مخيبة والحقيقة مفجعة.


لم يتوقع أكثر اليائسين أن ابنة الـ 13 عاما على متن قارب متجه لكوريا الشمالية بينما أهلها يعتصروا آلما ويبحثوا عن ابنتهم بلا جدوى. 

 

العملية تمت بدقة، لا دليل على الخاطفين العملاء لكوريا الشمالية، فالفتاة تبخرت من فضاء اليابان بشكل تام، حتى أن تلك التفاصيل لم تكشف إلا بعد 20 عامًا أي في 1997. 

 

 

قبل ذلك التاريخ بـ 4 سنوات، أخبر جاسوس كوري شمالي منشق يدعى ميونج جين الحكومة اليابانية قصة يعتقد أنها ليوكوتا. 


فك طلاسم الحادث

 

"هناك أشخاص كل ذنبهم أنهم تواجدوا في المكان الخطأ والتوقيت الخطأ".. تلك الجملة الدرامية تبدو مناسبة للغاية لحالة يوكوتا التي اختطفت بسبب صدفة تعيسة، فلم يكن القصد اختطاف طفل لكنها كانت طويلة مقارنة بعمرها.

 

وكان عميلان ينتظران قاربا على الشاطئ بعدما أنهوا عملية تجسس، لكنهم لاحظوا أن شخصا ما رصدهم كانت يوكوتا، وبسبب غيوم اليوم لم يتمكنوا من معرفة أنها طفلة.. تلك التفاصيل التي أخبرها جين لليابانيين.

 

 بعد ذلك، أجبرت كوريا الشمالية يوكوتا على العمل كمدرب تجسس، لتقوم بتدريس اللغة اليابانية والسلوك الياباني لعملاء كوريا الشمالية.

 

 

وأراد الزعيم المستقبلي للبلاد كيم جونغ إيل، الذي كان حينها رئيساً لأجهزة المخابرات، توسيع برنامج التجسس الخاص به، إذ لم يكن المختطفون الأجانب ذات فائدة فقط كمعلمين، حيث أنه يمكن أن يكونوا جواسيس بأنفسهم، أو قد تسرق بيونج يانج هوياتهم للحصول على جوازات سفر مزورة، ويمكنهم الزواج من أجانب آخرين وهو شيء ممنوع على الكوريين الشماليين، وباستطاعة أطفالهم أيضاً خدمة النظام.

 

جاهزون للاختطاف

 

كانت شواطئ اليابان مليئة بالناس العاديين، الناضجين للاختطاف وفي المدن الساحلية في آواخر السبعينيات، انتشرت الشائعات بكثرة، وتحدث السكان المحليون عن إشارات وأضواء راديو غريبة من سفن مجهولة، أو علب سجائر كورية ملقاة على الشاطئ.

 

ومع وقوع حادث زرع جاسوسة كورية عام 1987 قنبلة على متن طائرة مدنية لكوريا الجنوبية خلال دورة الألعاب الأولمبية السابقة في سيول، ومقتل جميع الموجودين على الطائرة والبالغ عددهم 15.

 

أشارت الوقائع إلى يوكوتا مرة أخرى؛ إذ قالت إنها عميلة لكوريا الشمالية وتتصرف بناءً على أوامر من الدولة، كاشفة أنها تعلمت اللغة اليابانية حتى تتمكن من العمل بشكل مموّه، وأشرف على تعليمها امرأة يابانية مخطوفة عاشت معها لمدّة عامين تقريباً، في دلالة إلى يوكوتا.

 

مصير يوكوتا

 

وعندما حاول المفاوضون اليابانيون إثارة القضية على انفراد، نفت كوريا الشمالية بغضب وجود أي مختطفين وأنهت المحادثات، وذلك نظرا للتاريخ العدائي بين الدولتين، لكن بعد 20 عاما على الاختطاف وافقت بيونج يانج على التحقيق.

 

 

وفي ذلك العام، أبٌلغ الأب من قبل مسئول ياباني أن ابنته على قيد الحياة في كوريا الشمالية، لكنها كانت معلومة خاطئة إذ توفت يوكوتا قبل ذلك التاريخ بثلاث سنوات. 


وأرجعت كوريا الشمالية وقتها عمليات الاختطاف إلى هدفها تزويد جواسيسها بمعلمين يابانيين أصليين وهويات مزيفة لمهمات في كوريا الجنوبية، وقالت إن خاطفي يوكوتا حوكموا وأدينوا في عام 1998، وأن أحدهم جرى إعدامه، في حين أن الآخر توفي في السجن بعدما حكم عليه بالسجن 15 عاماً.

 

وادّعت الدولة المتهمة أن يوكوتا شنقت نفسها في غابة صنوبر في 13 أبريل 1994، على أرض مستشفى للأمراض العقلية في بيونج يانج حيث كانت تعالج من الاكتئاب، وقدمت ما وصفته بـ"سجل الوفيات" بالمستشفى، لكن السلطات اليابانية شككت في صحة هذه الوثيقة واعتبرتها مشبوهة.

 

 ومع هذا، فقد كشفت امرأة يابانية أخرى مخطوفة وتدعى فوكي شيمورا في وقتٍ لاحق أنّ يوكوتا انتقلت إلى المنزل المجاور لها وزوجها في كوريا الشمالية في يونيو 1994 بعد شهرين من وفاة ميجومي المفترض، وعاشت هناك لعدة أشهر.

 

ولا تعتقد عائلة يوكوتا أن ابنتها قتلت نفسها. ومع ذلك، تجد ساكي (والدة يوكوتا) أن تفاصيل قصة بيونغ يانغ مخيفة.

 

وبعد عامين من إعلان وفاة يوكوتا، سلمت بيونغ يانغ ما قالت إنه رمادها الذي وصل في الذكرى الـ27 لاختطافها.


 ومع هذا، فإن والداها كانا احتفظا بالحبل السري لابنتهما عندما ولدت - وهو تقليد ياباني - وأجريت اختبارات الحمض النووي، لكن العينات بينه وبين الرماد لم تكن متطابقة. وقال العالم الذي اختبر الرماد في وقت لاحق إنه كان من الممكن أن يكون ملوثاً، مما يجعل النتيجة غير حاسمة.