بمناسبة «عيد الحب».. «القُبلة» أشهر لوحة تجسد مشهد رومانسي بـ«أوراق الذهب»

لوحة أوراق الذهب
لوحة أوراق الذهب

يحتفل العالم بـ«عيد الحب» أو ما يعرف باسم «الفالنتاين» عالميا في 14 فبراير سنويا، حيث ينتظر المحبون والعشاق هذه المناسبة للتعبير عن حبهم ولإحياء مشاعرهم تجاه محبيهم.


وبهذه المناسبة تستعرض «بوابة أخبار اليوم» في السطور التالية، أبرز لوحة عالمية معبرة عن هذه المناسبة وهي «لوحة القبلة» الشهيرة للفنان العالمي جوستاف كليمت، الذي يعد أيقونة الفن الحديث .


ولد «كليمت» عام 1862، لأبوين من أسرة متوسطة، ولم تمض 30 عامًا إلا وأصبح أحد المتمردين بالفن، ووصل إلى ذروة شهرته عندما رسم جداريات مسرح بورج في فيينا، والتي تميزت بدقتها التصويرية لتصبح واحدة من أعظم جداريات الرسم الطبيعي، ويصبح هو الفنان الرائد لعصره.

 

اقرأ أيضا| بالدموع.. ريهام سعيد تحتفل بـ«الفلانتين»


رغم ذلك لم تنبع شهرة جوستاف كليمت من أعماله الجدارية في المسارح، بل من «لوحة القبلة» الشهيرة، واللوحات الذهبية التي سبقتها، بعدما تحول الفنان النمساوي إلى أساليب جديدة أكثر تجريبية في الفن الحديث .


حياة «كليمت»


قضى كليمت طفولته في فقر نسبي، لأب يعمل نقاشًا وصائغًا؛ وهو ما اضطره لدعم أسرته ماديًّا طوال حياته تقريبًا، لكن بداية كليمت لم تكن بمثل هذا الشغف والتجريب الذي عهدناه في أعماله الأخيرة؛ إذ التحق الفنان بمنحة دراسية داخل مدرسة فيينا للفنون والحرف، عام 1876، ويمكن تصنيف أعماله المبكرة على أنها أكاديمية.


عام 1880، انضم إرنست شقيقه إليه، والذي كان يعمل نقاشًا مثل والده، ومعهما صديقهما فرانز ماتش، وكونوا معًا فريقًا للعمل أطلقوا عليه «شركة الفنانين»، وهو الفريق الذي ساعد في رسم جداريات مسرح براج في فيينا؛ بعدما تخصص الثلاثي في الديكور الداخلي للمسارح، كانت النتيجة أن تزينت المسارح بجدارياتهم في جميع أنحاء الإمبراطورية النمساوية المجرية، وهي أعمالٌ باقية حتى يومنا هذا.


خلال 10 سنوات، تمرد جوستاف كليمت على الكلاسيكية، لينهار الثلاثي الفني بعدما أصبح من المستحيل العمل الجماعي معه، نظرًا لأسلوبه المتغير، إلا أن وفاة شقيقه إرنست كان لها النصيب الأكبر في أن ينعزل جوستاف عن الحياة العامة ويركز على التجريب ودراسة الأساليب الفنية المعاصرة.


في عام 1892، درس الأساليب الفنية التاريخية القديمة، مثل الفن الصيني، والياباني، والفن المصري القديم، ليرسم في 1893 آخر أعماله العامة، وهي لوحات في الفلسفة والطب لجامعة فيينا، جرى انتقادها بشدة وفقًا للأعراف السائدة في ذلك الوقت، ودمرت خلال الحرب العالمية الثانية على يد النازيين، ولم يبقَ منها سوى نسخ بالأبيض والأسود.


في ذلك الوقت، قرر كليمت التمرد على المفاهيم الفنية السائدة بتأسيس جمعية فنية أطلق عليها «الحركة الانفصالية الفنية في فيينا»، وهو الاتحاد الذي عُرف بعدائه للمؤسسة الكلاسيكية القمعية، وهي الفترة التي لمع فيها نجم «سيجموند فرويد» واتجاهاته الحديثة في علم النفس، وهو ما أثرى الحركة الفنية بشغف البحث عن أساليب رمزية جديدة، وهنا اتجه كليمت إلى اتجاهات مبتكرة تمكنه من تصوير روح المناظر الطبيعية المليئة بالعواطف المظلمة والخيالات المفعمة بالأمل.


«لوحة القُبلة»


استخدم جوستاف كليمت «أوراق الذهب» في الرسم، وهي المرحلة التي وصل فيها إلى ذروة شهرته، وعرفت لوحاته في هذه الفترة باستخدام أسلوب الفسيفساء، والذي يعد إلهامًا ناتجًا عن استخدامه لتقنية الذهب، وهو ما أثرى الفن الحديث بأفضل الأعمال الزخرفية، وجعل من كليمت رائدًا في الأساليب الفنية الحديثة، وأشهر فناني النمسا.


كانت اللوحة الأكثر شهرة لتلك الفترة الفنية هي «القبلة»، والتي رسمت بين عامي 1907- 1908 بنمط ثنائي الأبعاد لزوجين في مشهدٍ رومانسي وتحيط بهما الزخارف والذهب والمناظر الطبيعية، كانت المرأة ترتدي فستانًا من الأزهار الملونة الناعمة، أما الرجل فقد اتخذ ثوبه أشكالًا مستقيمة، في حين كانت الخلفية قطعة من الذهب المزخرف.


كانت اللوحة بحجم (180 * 180سم) وكأنها رسمت بحجمٍ طبيعي ملفوف بالذهب، وقد ألهمت جوستاف كليمت لوحات الفن البيزنطي التي اتخذ منها أسلوب الفسيفساء المميز، وكانت اللوحة رمزًا للحب الصوفي والإيروتيكي، واندماج الفرد مع الكون الأبدي.


اعتمد فيها الفنان على الطاقة الأنثوية لرسم الزخارف الزهرية الساطعة، في حين يبارك المطر الذهبي الأرض الخصبة، وهي اللغة الرمزية الشخصية التي استخدمها جوستاف في لوحاته، وتشير إلى العقل اللاواعي، وهو ما جعله ينجح في التقاط لحظة من المتعة شديدة الحسية لشخصين ملفوفين بأقمشة مزخرفة وهائمين في قبلة.


كانت «لوحة القبلة» في حد ذاتها تمردًا على الأعراف ما بعد الفيكتورية، التي عدت القبلة فعلًا إباحيًّا، ربما لهذا صور كليمت بطليه بتلك الحسية ملفوفين بالأقمشة وليسا عاريين، ورغم ما تعرضت له تلك اللوحة من النقد الشعبي، فإنها بيعت لمتحف بلفيدير في فيينا قبل أن ينهيها، وقد كانت أغلى خمس مرات من أي لوحة أخرى بيعت في النمسا، وتعد «لوحة القبلة» هي اللوحة الأخيرة في الفترة الذهبية للفنان.


كان جوستاف كليمت في ذلك الوقت رئيسًا لـ«حركة الانفصال الفنية»، وقد فضل رسم «أجساد النساء»، وكان رسام الطبقة البرجوازية الراقية، والتي صورها بشكلٍ بارز في لوحاته النسائية، وتميزت تلك المرحلة الإبداعية في حياته بكثرة الزخارف واللون الذهبي الذي ميَّز لوحاته النسائية، وتصور بطلاتها بصورةٍ براقة وكأنهن ينفذن من الذهب، وقد توجت تلك المرحلة بـ«لوحة القبلة».