أمنية

حتى آخر العمر

محمد سعد
محمد سعد

سلاما‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬قال‭ ‬يوما‭ ‬ما‭ ‬كلمة‭ ‬طيبة‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬عابرة‭ ‬فغرست‭ ‬فدانا‭ ‬من‭ ‬الورود‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬مساحته‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬قبضة‭ ‬اليد،‭ ‬بالامس‭ ‬كان‭ ‬الاحتفال‭ ‬بعيد‭ ‬الحب‭ ‬الذى‭ ‬توافق‭ ‬ذكراه‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وكالعادة‭ ‬عبر‭ ‬العشاق‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬عن‭ ‬حبهم‭ ‬لبعضهم‭ ‬البعض‭ ‬فى‭ ‬لحظات‭ ‬حالمة‭ ‬، ‬وتبادلوا‭ ‬الهدايا‭ ‬والورود‭ ‬ولكن‭ ‬كلا‭ ‬على‭ ‬طريقته‭ ‬الخاصة،‭ ‬فقد‭ ‬علمنا ‭ -‬العفيف‭- ‬أبى‭ ‬فراس‭ ‬الحمدانى‭ ‬منذ‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬الف‭ ‬عام‭ ‬أن‭ ‬للناس‭ ‬فى‭ ‬الحب‭ ‬مذاهب‭.‬

ويقولون‭ ‬أيضا‭ ‬إن‭ ‬الحب‭ ‬لا‭ ‬يؤمن‭ ‬بحدود‭ ‬الجغرافيا‭ ‬ولا‭ ‬يجيد‭ ‬عشاقه‭ ‬قراءة‭ ‬التاريخ‭ ‬ولا‭ ‬يعرفون‭ ‬المنطق‭ ‬هم‭ ‬فقط‭ ‬ينجرفون‭ ‬نحو‭ ‬العاطفة‭ ‬ويطوعون‭ ‬مشاعرهم‭ ‬للحب‭ ‬فقط‭ ‬فلو‭ ‬حدثت‭ ‬أحدهم‭ ‬فى‭ ‬أمور‭ ‬السياسة‭ ‬والحرب‭ ‬تجده‭ ‬يقول‭ ‬لك‭ ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬غزو‭ ‬أراضي‭ ‬قلبى‭ ‬برمح‭ ‬مسموم،‭ ‬ولو‭ ‬تكلمت‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬والأدب‭ ‬ستسمع‭ ‬منه‭ ‬ان‭ ‬يديه‭ ‬نسجت‭ ‬شعرا‭ ‬بيوته‭ ‬عششتها‭ ‬خيوط‭ ‬عنكبوت‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬السام،‭ ‬ولو‭ ‬جادلته‭ ‬فى‭ ‬الدين‭ ‬سيقول‭ ‬انه‭ ‬ناجى‭ ‬ربه‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬لمعشوقه‭ ‬حظا‭ ‬من‭ ‬دعائه‭ ‬بل‭ ‬انه‭ ‬وريث‭ ‬دعائه‭ ‬الوحيد‭ ‬وبوصيةٍ‭ ‬من‭ ‬قلبه‭ ‬وعقله،‭ ‬وإن‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬تلفت‭ ‬انتباهه‭ ‬الى‭ ‬القانون‭ ‬سينظر‭ ‬بوجه‭ ‬عابث‭ ‬متسائلا‭ ‬هل‭ ‬يوجد‭ ‬محكمة‭ ‬لقضايا‭ ‬العشق‭ ‬؟‭ ‬أين‭ ‬العدل‭ ‬فى‭ ‬دساتير‭ ‬الحب؟‭.‬

ويرى‭ ‬البعض‭ ‬اننا‭ ‬هنا‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬محظوظون‭ ‬للغاية‭ ‬فنحن‭ ‬نحتفل‭ ‬بالحب‭ ‬مرتين‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬وهو‭ ‬العيد‭ ‬الذي‭ ‬اطلقه‭ ‬عملاق‭ ‬الصحافة‭ ‬مصطفى‭ ‬أمين‭ ‬فى‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬الفكرة‭ ‬قاصرة‭ ‬على‭ ‬عيد‭ ‬للعشاق‭ ‬فقط‭ ‬وانما‭ ‬كان‭ ‬يوما‭ ‬للاحتفال‭ ‬بالحب‭ ‬بمعناه‭ ‬الواسع‭ ‬الشامل‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬حب‭ ‬الله‭ ‬والأسرة‭ ‬والجيران‭ ‬والأصدقاء‭ ‬والناس‭ ‬جميعا،‭ ‬وكما‭ ‬ذكر‭ ‬عملاق‭ ‬الصحافة‭ ‬فى‭ ‬عموده‭ ‬بأخبار‭ ‬اليوم‭ ‬فكرة‭ ‬أنه‭ ‬استلهم‭ ‬فكرته‭ ‬عندما‭ ‬شاهد،‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ،‭ ‬جنازة‭ ‬بحى‭ ‬السيدة‭ ‬زينب‭ ‬،‭ ‬فتعجب‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬ثلاثة‭ ‬رجال‭ ‬فقط‭ ‬يسيرون‭ ‬فيها،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬عن‭ ‬المصريين‭ ‬أنهم‭ ‬يشاركون‭ ‬عادة‭ ‬فى‭ ‬الجنازات‭ ‬بأعداد‭ ‬وفيرة‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬الميت‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬أحد،‭ ‬فاختار‭ ‬أمين‭ ‬‮«فكرة»‬‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬واقترح‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عيدا‭ ‬للحب‭ ‬بهدف‭ ‬نشر‭ ‬السلام‭ ‬والمودة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬وليكون‭ ‬أيضا‭ ‬نافذة‭ ‬أمل‭ ‬للجميع‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬همومهم‭. ‬

أما‭ ‬العيد‭ ‬الثاني‭ ‬والتى‭ ‬مرت‭ ‬ذكراه‭ ‬أمس‭ ‬فليست‭ ‬هناك‭ ‬رواية‭ ‬مؤكدة‭ ‬تحدد‭ ‬بدقة‭ ‬العام‭ ‬الذى‭ ‬ابتدع‭ ‬فيه‭ ‬الاحتفال‭ ‬به‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬أو‭ ‬أول‭ ‬احتفال‭ ‬به،‭ ‬كما‭ ‬اختلفت‭ ‬الروايات‭ ‬حول‭ ‬شخصية‭ ‬فالنتين‭ ‬نفسه‭ ‬الذى‭ ‬ينسب‭ ‬له‭ ‬العيد‭ ‬ويقول‭ ‬البعض‭ ‬إنه‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬الثانى‭ ‬الميلادي‭ ‬كان‭ ‬القديس‭ ‬فالنتين‭ ‬بمدينة‭ ‬تورني‭ ‬فى‭ ‬روما،‭ ‬وقام‭ ‬الإمبراطور‭ ‬الروماني‭ ‬أوريليان‭ ‬بسجنه‭ ‬ثم‭ ‬أعدمه‭ ‬فى‭ ‬‮ 41 فبراير‭ ‬بسبب‭ ‬تدينه،‭ ‬ورواية‭ ‬أخرى‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬الثالث‭ ‬الميلادى‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬قديس‭ ‬بروما‭ ‬يسمى‭ ‬فالنتين‭ ‬وسجنه‭ ‬الإمبراطور‭ ‬كلاديوس‭ ‬لتدينه،‭ ‬لكنه‭ ‬استقطب‭ ‬سجانه‭ ‬فأمر‭ ‬الإمبراطور‭ ‬بإعدامه‭ ‬فى‭ ‬‮41‬‭ ‬فبراير،‭ ‬وهناك‭ ‬تحريف‭ ‬لهذه‭ ‬الرواية‭ ‬وقيل‭ ‬إن‭ ‬الإمبراطور‭ ‬منع‭ ‬الزواج‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬ليتفرغ‭ ‬الرجال‭ ‬للجيش‭ ‬فسجن‭ ‬فالنتين‭ ‬لمخالفته‭ ‬أمر‭ ‬الإمبراطور‭ ‬بتزويج‭ ‬المحبين‭ ‬سراً‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أعدم‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭.‬

اختلف‭ ‬موعد‭ ‬العيدين‭ ‬ولكن‭ ‬جمعهما‭ ‬الحب‭ ‬الذى‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الموت‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬اسطورة‭ ‬فالنتين‭ ‬او‭ ‬فكرة‭ ‬مصطفى‭ ‬امين‭ ‬فكلاهما‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬الرحيل‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬يدرى‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬فالنتين‭ ‬نفسه‭ ‬عاشقا‭ ‬او‭ ‬الرجل‭ ‬الذى‭ ‬مر‭ ‬على‭ ‬جنازته‭ ‬ثلاثة‭ ‬رجال‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬دراويش‭ ‬الحب،‭ ‬فالحب‭ ‬الشى‭ ‬الوحيد‭ ‬الذى‭ ‬يبقى‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬افترق‭ ‬العشاق،‭ ‬يبقى‭ ‬الحب‭ ‬داخل‭ ‬القلوب‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬العمر‭.‬