سلاما على من قال يوما ما كلمة طيبة وإن كانت عابرة فغرست فدانا من الورود على قلب مساحته لا تتعدى قبضة اليد، بالامس كان الاحتفال بعيد الحب الذى توافق ذكراه الرابع عشر من فبراير من كل عام، وكالعادة عبر العشاق فى العالم بأسره عن حبهم لبعضهم البعض فى لحظات حالمة ، وتبادلوا الهدايا والورود ولكن كلا على طريقته الخاصة، فقد علمنا -العفيف- أبى فراس الحمدانى منذ اكثر من الف عام أن للناس فى الحب مذاهب.
ويقولون أيضا إن الحب لا يؤمن بحدود الجغرافيا ولا يجيد عشاقه قراءة التاريخ ولا يعرفون المنطق هم فقط ينجرفون نحو العاطفة ويطوعون مشاعرهم للحب فقط فلو حدثت أحدهم فى أمور السياسة والحرب تجده يقول لك لقد تم غزو أراضي قلبى برمح مسموم، ولو تكلمت معه في الثقافة والأدب ستسمع منه ان يديه نسجت شعرا بيوته عششتها خيوط عنكبوت من النوع السام، ولو جادلته فى الدين سيقول انه ناجى ربه أن يجعل لمعشوقه حظا من دعائه بل انه وريث دعائه الوحيد وبوصيةٍ من قلبه وعقله، وإن حاولت أن تلفت انتباهه الى القانون سينظر بوجه عابث متسائلا هل يوجد محكمة لقضايا العشق ؟ أين العدل فى دساتير الحب؟.
ويرى البعض اننا هنا فى مصر محظوظون للغاية فنحن نحتفل بالحب مرتين كل عام الأولى في الرابع من نوفمبر وهو العيد الذي اطلقه عملاق الصحافة مصطفى أمين فى سبعينيات القرن الماضي ، ولم تكن الفكرة قاصرة على عيد للعشاق فقط وانما كان يوما للاحتفال بالحب بمعناه الواسع الشامل بدءا من حب الله والأسرة والجيران والأصدقاء والناس جميعا، وكما ذكر عملاق الصحافة فى عموده بأخبار اليوم فكرة أنه استلهم فكرته عندما شاهد، فى هذا التاريخ، جنازة بحى السيدة زينب ، فتعجب من وجود ثلاثة رجال فقط يسيرون فيها، إذ من المعروف عن المصريين أنهم يشاركون عادة فى الجنازات بأعداد وفيرة حتى ولو كان الميت لا يعرفه أحد، فاختار أمين «فكرة» هذا التاريخ واقترح أن يكون عيدا للحب بهدف نشر السلام والمودة بين أفراد المجتمع، وليكون أيضا نافذة أمل للجميع للتخلص من همومهم.
أما العيد الثاني والتى مرت ذكراه أمس فليست هناك رواية مؤكدة تحدد بدقة العام الذى ابتدع فيه الاحتفال به حول العالم، أو أول احتفال به، كما اختلفت الروايات حول شخصية فالنتين نفسه الذى ينسب له العيد ويقول البعض إنه فى القرن الثانى الميلادي كان القديس فالنتين بمدينة تورني فى روما، وقام الإمبراطور الروماني أوريليان بسجنه ثم أعدمه فى 41 فبراير بسبب تدينه، ورواية أخرى تقول إنه فى القرن الثالث الميلادى كان هناك قديس بروما يسمى فالنتين وسجنه الإمبراطور كلاديوس لتدينه، لكنه استقطب سجانه فأمر الإمبراطور بإعدامه فى 41 فبراير، وهناك تحريف لهذه الرواية وقيل إن الإمبراطور منع الزواج فى هذه الفترة ليتفرغ الرجال للجيش فسجن فالنتين لمخالفته أمر الإمبراطور بتزويج المحبين سراً ومن ثم أعدم فى ذلك اليوم.
اختلف موعد العيدين ولكن جمعهما الحب الذى خرج من رحم الموت سواء فى اسطورة فالنتين او فكرة مصطفى امين فكلاهما جاء بعد الرحيل ، ومن يدرى ربما كان فالنتين نفسه عاشقا او الرجل الذى مر على جنازته ثلاثة رجال كان من دراويش الحب، فالحب الشى الوحيد الذى يبقى حتى لو افترق العشاق، يبقى الحب داخل القلوب حتى آخر العمر.