انتباه

أبعد من توطين الصناعة

علاء عبد الوهاب
علاء عبد الوهاب

قبل أيام أشارت د. هالة السعيد وزيرة التخطيط إلى أن أزمة كورونا أثبتت ضرورة توطين بعض الصناعات، ولاشك أن ما ذهبت إليه الوزيرة اجتهاد له وجاهته، لكن قضية توطين الصناعة يجب ألا ترتبط بظروف أزمة مهما كانت خطورتها.

القضية لابد أن ترتبط بمنظور أعمق يتعلق بالتنمية الشاملة، الأمر الذى يتطلب تحولات جذرية فى السياسة العامة التى تحكم عملية التصنيع لتجسير الفجوة التكنولوجية، مروراً باستهداف التصنيع المتكامل، وصولاً إلى الاعتماد على الذات فى الصناعات المختلفة بصورة متدرجة، وبشكل متواز.

 

الوزيرة حددت بعض الصناعات كالمنتجات الطبية ويقينا فإن القدرة المتنامية على انتاج احتياجاتنا من الدواء يرتبط على نحو مؤكد بالمفهوم الأوسع للأمن القومى، لأن صحة الشعب مكون اساسى من مكوناته.

 

فى السياق ذاته، أشارت إلى تعميق التصنيع الزراعى، وتوطين منتجات قطاع الاتصالات، وصناعة القطارات، والقطاعات الثلاثة تضع جهات انتاجها فى مجال التحدى الذى يحتم الدفع بالقدرات التنظيمية والبشرية الوطنية إلى مستوى المنافسة مع المنتج المستورد، لأن عقد المقارنة سيكون أمراً وارداً، على الاقل فى المرحلة الأولى للإنتاج.

 

أما فيما يتعلق بصناعة الأجهزة المنزلية وصناعة الأثاث، فالمستهدف طبقاً لرؤية الوزيرة الاستفادة من التغيرات التى تشهدها سلاسل التوريد العالمية، فى النفاذ لاسواق جديدة تتمتع فيها المنتجات المصرية بمزايا تنافسية، أى أن اقتحام تلك الاسواق مرهون بالقدرة على المنافسة، من ثم فأن الاطار الذى يحكمنا يعنى اتباع سياسة التصنيع للتصدير، مما يستلزم الارتفاع بمستوى الجودة التى تضمن القدرة على المنافسة بالاسواق الخارجية.

ولعل القاسم المشترك بين هذه النماذج من الصناعات، يتمثل فى أهمية الربط بين خطط التنمية الصناعية، وبناء القاعدة العلمية والتكنولوجية التى تضمن ارتقاء وتقدم مستمرين للانتاج الوطنى.

ونظرة على التجارب الناجحة من حولنا تؤكد أن ما يتم احرازه من تقدم فى مجال الصناعة، أنما يرتبط − أساساً − بالتفاعل الخلاق مع مراكز البحث العلمى والتطوير التكنولوجى، من خلال تعاون وثيق بين تلك المراكز، ومواقع الانتاج، فتلك هى المعادلة التى تقود فى النهاية الى المستوى الذى يفتح افاقاً بلا حدود للمنافسة وراء الحدود.