ضجة إعلامية بسبب «زواج المحلل».. و«الإفتاء» في مأزق

صورة موضوعية
صورة موضوعية

على مدار يومين تصدرت القنوات الإعلامية وعدد من البرامج التليفزيونية فتوى عن «زواج المحلل»، بسبب فهم خاطئ لفتوى نشرتها دار الإفتاء المصرية حول هذه المسألة.

وكالمعتاد تصيدت بعض الصفحات والقنوات هذه المسألة للترويج لها بشكل مغلوط متعمدين الإساءة لدار الإفتاء والتشكيك في مصداقيتها، رغم وضوح الفتوى شكلا وموضوعا.

وحرصا من دار الإفتاء على عدم الالتباس وجه فضيلة مفتي الجمهورية بحذف الفتوى من صفحة الدار على موقع فيسبوك، وهو ما زاد الأمر جدلا فالبعض تفهم الموقف، والبعض الآخر ظن أن الحذف تم لأن الدار أخطأت.

مستشار المفتي يكشف التفاصيل

وعلق الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، على الفتوى التي صدرت من دار الإفتاء المصرية بشأن زواج المحلل، مشيرًا إلى أنه إذا كان الزواج بشرط التحليل فهو حرام شرعًا باتفاق الفقهاء، قائلا: «عادل إمام في المسرحية كان يقول لابد أن يدخل بها.. والزواج يكون على نية الزواج وليس على نية المحلل».

وأضاف «عاشور»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، في برنامج «الحكاية»، المذاع على قناة «mbc مصر»: «لابد أن يدخل بها وهذا يجوز له الزواج والطلاق والزواج من زوجها الأول بعد العدة، والصورة النادرة لا تعمم، والتي تثير بلبلة ولا ينفع أن تروج على السوشيال ميديا».

وتابع: «الطلاق الشفهي يقع بالدولة المصرية، إلى أن يخرج تشريع يغير هذا بالقانون وهناك 5 آلاف حالة طلاق شهريا، بسبب أن الثقافة قلت في وقتنا هذا».

وواصل: «دار الإفتاء المصرية، قالت إنه إذا كان الزواج بشرط التحليل فهو حرام شرعًا باتفاق الفقهاء؛ أما إذا كان منويًّا فقط من غير اشتراط في العقد أو عنده، كأن يتطوع شخصٍ من نفسه وبدون اشتراطٍ في العقد، ويتزوج المطلَّقة ثلاثًا ليطلقها بعد ذلك لتعود لزوجها الأول، فإنه جائز ويكون العقد بذلك صحيحًا، والشخص مأجور بذلك لقصده الإصلاح».

 

أحمد كريمة يؤيد كلام الإفتاء

وقال نفس الكلام الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وأن عقد الزواج مبني على قول {خلق لكم من أنفسكم أزواجا}، مضيفًا عبر مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو عبد الحميد ببرنامج «رأي عام» المذاع على فضائية TeN، أن الزواج أساسه السكن والمودة والرحمة، وليس مسألة التحليل، منوها بأن نكاح المحلل باطل شرعا وموضوعا.

 

وأوضح أن الزوج الثاني إذا كان لا يعلم بأنه محلل ليس عليه إثم، لكن تبقى الإشكالية في من يعلم، مؤكدًا أن الله لعن الحال والمحلل له.

 

وجاء نص فتوى دار الإفتاء كالتالي:

« أن الزواج إذا كان بشرط التحليل فهو حرام شرعًا باتفاق الفقهاء، أما إذا كان منويًّا فقط من غير اشتراط في العقد أو عنده، كأن يتطوع شخصٍ من نفسه وبدون اشتراطٍ في العقد ويتزوج المطلَّقة ثلاثً طلقات، ليطلقها بعد ذلك لتعود لزوجها الأول، فإنه جائز ويكون العقد بذلك صحيحًا، والشخص مأجور بذلك لقصده الإصلاح».

اقرأ أيضًا: عمرو أديب عن فتوى زواج المحلل: أفلام الخمسينات كانت تخص هذه القضية

 

- الأزهر: زواج باطل لا يحل

وكان قد ورد إلى مجمع البحوث الإسلامية، سؤال حول حكم زواج المحلل، نصه: «سيدة تقول: تم طلاقي طلاقا بائنا بينونة كبرى، وقمت بالاتفاق مع أحد الأشخاص على أن يعقد علي لمدة يوم، ويطلقني حتى أعود للزوج الأول، وتم تنفيذ ما اتفقنا، وبالفعل عقد علي وطلقني، ولم يدخل بي، وتم الطلاق وعدت لزوجي الأول بعقد جديد فهل ذلك جائز شرعا؟ وهل رجوعي لزوجي الأول صحيح؟»
وأجابت لجان الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بأن الشرع الحنيف وضع قواعد شرعية ملزمة في شأن الزواج والطلاق فإذا طلق الزوج زوجته ثلاث تطليقات، فقد بانت منه بينونة كبرى؛ أي أنه لا يملك مراجعتها لا في عدتها ولا بعد انتهائها؛ إلا إذا انقضت عدتها، فتزوجت زوجا آخر، ودخل بها الزوج الجديد، ثم طلقها، فتحل للزوج الأول بعد انتهاء العدة.

وأضافت لجان الفتوى: تحل الزوجة للزوج الأول نكاحها بعقد ومهر جديدين، وتعود إليه بثلاث طلقات جديدة؛ حيث قال الله عزل وجل في كتابه الكريم «الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»، ثم قال سبحانه وتعالى «فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون».

وأفادت بأنه بحسب الشرع الحنيف فإن هناك 3 شروط في نكاح التحليل لتعود الزوجة للزوج الأول تشمل تلك الشروط أن يكون نكاحا صحيحا مستوفيا أركان انعقاد عقد الزواج وشروط صحته، فلو كان العقد فاسدا، كالنكاح دون شهود أو نكاح المتعة، لم يحصل به التحليل وإن دخل بها؛ لأن النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة، ومطلق النكاح ينصرف إلى ما هو نكاح حقيقة على الراجح من أقوال الفقهاء.

وشددت لجان الفتوى بمجمع البحوث على ضرورة الخلوة الشرعية بين الزوج الجديد والمطلقة، بأن يدخل بها الزوج دخولا حقيقيا: فلا يكفي مجرد العقد الصحيح دون الدخول؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: كنت عند رفاعة، فطلقني، فأبت طلاقي، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير إنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك».


وأوضحت أن هناك شرط ثالث لنكاح التحليل وهو أن يكون النكاح الثاني بنية استدامة العشرة بينهما، وخاليا من التأقيت والتحليل؛ لأن الأصل في عقد الزواج في الشريعة الديمومة والاستمرار، ويظهر هذا واضحا من خلال تحريم الإسلام لكل زواج مؤقت، فقال الإمام النووي «النكاح المؤقت باطل، سواء قيد بمدة مجهولة أو معلومة، وهو نكاح المتعة».

وانتهت إلى أن ما ذكر في محل السؤال زواج باطل لا يحل، وبالتالي لا تحل السائلة بهذا الزواج لزوجها الأول؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل.