بين توفيق الحكيم والقصص القرآنى

«أهل الكهف» حائرون !

عصام عطية
عصام عطية

"أهل الكهف".. فيلم يصور الآن، بطولة خالد النبوى، استعجل منتجه وطرح أفيشاته قبل انتهاء التصوير، وسرعان ما أثيرت علامات الاستفهام حول الفيلم.. هل يحكى قصة أهل الكهف التى ذكرت فى القرآن الكريم؟ أم هو نقل حرفى لمسرحية الأديب توفيق الحكيم "أهل الكهف"؟

أعلن صناع الفيلم من قبل أنه مأخوذ عن رائعة الكاتب توفيق الحكيم، ويشارك فى بطولته خالد النبوى، غادة عادل، محمود حميدة، مصطفى فهمى، محمد فراج، عمرو عبد الجليل، ماجد المصرى، أحمد فؤاد سليم، ريم مصطفى، صبرى فواز، عبدالرحمن أبوزهرة، أحمد عيد، هاجر أحمد، ومن تأليف أيمن بهجت قمر، وإنتاج وليد منصور، وإخراج عمرو عرفة.

وكنوع من التشويق للفيلم، رفض النجم خالد النبوى فى تصريحات لآخر ساعة، الإفصاح عن طبيعة العمل، وقال: "لا أستطيع أن أطلق تصريحات على لسانى، لأن هناك اتفاقا مع المنتج وليد منصور، يُلزم الجميع بألا يتحدث عن الفيلم"، مؤكدًا أنه بالفعل بدأ تصويره.

مسرحية "أهل الكهف" لتوفيق الحكيم، عنوانها مستمد من قصة "أهل الكهف"، كتبها فى 1929، ونشرها عام 1933، وكانت بدايةً لنشأة تيار مسرحى عرف بالمسرح الذهنى، وكانت "أهل الكهف" أول العروض المسرحية التى عرضت فى افتتاح المسرح القومى، عام 1935، من إخراج زكى طليمات، لكنها حصدت فشلا ذريعا فى استقطاب الجمهور، ثم أعيد تقديمها من جديد 1958 فلاقت نفس المصير، لأن هذا النوع من المسرح الذهنى أنتج من أجل القراءة، فهل يواجه الفيلم نفس مصير مسرحية توفيق الحكيم؟!

تدور أحداث المسرحية حول صراع الإنسان مع الزمن، فثلاثة من القديسين يهربون بدينهم من الملك "دقيانوس"، ويلجأون إلى كهف ينامون فيه لمدة ثلاثة قرون، ويستيقظون فى زمن آخر، ليجدوا أن حياتهم السابقة قد انتهت، ويشعروا بالغربة والوحدة فى عالم جديد، فيقرروا العودة مرة أخرى إلى الكهف مفضلين الموت على حياتهم الجديدة.

أخذ توفيق الحكيم ما ورد فى القرآن الكريم من أحداث لأهل الكهف، ثم أضاف إليها خيالا وفكرا لتظهر فى عمل فنى بسيط الأسلوب، واختار لمسرحيته أسماء شخصيات خفيفة على السمع العربى، "مرنوش" الوزير صاحب يمين الملك، وهو يمثل العقل والمنطق، و"ميشلينيا" صاحب يسار الملك، وهو يمثل العاطفة والاندفاع، و"يمليخا الراعى"، وهو يمثل البساطة والإيمان الساذج، ثم كلبه "قطمير".

فى رواية أهل الكهف أشخاص تستشف من حوارهم طبائع نفوسهم وخبايا ضمائرهم وأسرار خلائقهم هكذا وصف الشيخ مصطفى عبدالرازق، شيخ الأزهر الأسبق، المسرحية، وكتب عنها مقالا، عام 1933، يقول: "فى أهل الكهف ما يريك الدين إيمانًا يملأ الصدر، وما يريكه موهنا تلينه عواطف اليأس وتدافعه زينة الحياة وشهواتها، وفى الرواية تحليل للعواطف فى هدأتها وتحليل للعواطف فى ثورتها".

وقال عنها بهاء طاهر: "كانت "أهل الكهف" و"شهرزاد" مدخل جيل بأكمله إلى الفن الدرامى، جيل عرف الدراما عن طريق القراءة قبل أن يعرفها على خشبة المسرح، ففى الأربعينات والخمسينات لم يكن للحياة المسرحية وجود حقيقى وكانت هذه القطع الأدبية الجميلة تلهب خيالنا باعتبارها نماذج سامية لفن مفقود".

وجد توفيق الحكيم قصة أهل الكهف فى القرآن الكريم وفى تاريخ المسيحية، حيث فر نفر من المسيحيين الأوائل من بطش إمبراطور الرومان الوثنى المتعصب )دقيانوس( الذى حكم بين 249 م 251 م، وآووا إلى كهف ناموا فيه مئات السنين، ثم بعثوا إلى الحياة فى عصر الإمبراطور المسيحى الصالح )تيدوسيوس( الثانى الذى تولى عرش الإمبراطورية الشرقية فيما بين 408 م 450 م وكان بعثهم استجابة من الله لدعاء هذا الإمبراطور الذى طلب من ربه أن يُظْهِرَهُ على برهان محسوس لحقيقة البعث؛ فبعث الله أولئك الفتية.

ولكن توفيق الحكيم يأخذ بما ورد فى القرآن حيث جعلهم ينامون ثلاثة قرون وبضعة أعوام، لا مائتى سنة، وقد أخذ الشخصيات مما ورد فى تفاسير النسفى والبيضاوى والطبرى والزمخشري: مرنوش مشلينيا يمليخا وكلبه قطمير، وزاد عليهم شخصيتى بريسكا، والمربى جالياس.