شريف الجبلى رئيس مجلس الأعمال المصرى السودانى:

التبادل التجارى بـين «مصر والسودان» لا يرقــــى لحجـم موارد وقدرات البلدين

د. شريف الجبلى
د. شريف الجبلى

كتب: ضياء عبدالحميد

تعزيز التعاون التجارى والصناعى مع السودان، يُمثل ركيزة أساسية لدى الدولة المصرية، حيث يحظى السودان بمكانة خاصة لدى شقيقته مصر، مدعومة بروابط تاريخية، ومصالح اقتصادية مشتركة على المستويين الثنائى والإقليمى.

وقد تم وضع استراتيجية خاصة بين البلدين لتنمية التعاون الاقتصادى المشترك بهدف تحقيق التكامل الاقتصادى الإقليمى من خلال زيادة معدلات التبادل التجاري، وتعزيز التعاون التجارى والاستثمارى، وتبادل الخبرات الصناعية، والاستفادة من حجم الموارد المعدنية التى تتوافر لدى البلدين، حيث إن حجم التجارة البينية بين البلدين حاليًا لا يرقى لضخامة الموارد والقدرات التى تتوافر فى البلدين، بدليل أن السودان يستورد بـ7 مليارات جنيه، ويبلغ نصيب الصادرات المصرية منها 400 مليون جنيه فقط، بنسبة لا تتعدى10%، كما أن هناك معوقات تعوق حركة دخول المنتجات، استدعت إعادة تشكيل مجلس الأعمال "المصرى ــ السودانى" لتنفيذ عدة محاور لتعزيز التعاون المشترك، والتعاون بين الشركات، وتجمعات الأعمال المصرية والسودانية.

وفى حواره لـ"آخر ساعة"، يكشف الدكتور شريف الجبلي، رئيس الجانب المصرى لمجلس الأعمال المصرى السوداني، خطة المجلس خلال الفترة القادمة، وكيفية مواجهة التحديات أمام حركة تسيير التجارة بين البلدين، وماذا تم فى أول اجتماع للمجلس بالسودان خلال الأيام القليلة الماضية.

* ما المحاور التى سيعمل عليها مجلس الأعمال المصرى السودانى بعد إعادة تشكيله لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين؟

ـ المجلس أعيد تشكيله بهدف تفعيله فهو أداة من الأدوات الرئيسية لتعزيز التعاون بين دوائر الأعمال بمصر والسودان، والبدء فى إقامة مشروعات تعاون ملموسة تصب فى مصلحة البلدين، وإعداد خطة تحرك تنسيقية مشتركة تهدف إلى توعية دوائر الأعمال بالبلدين بأهم الفرص التجارية المتاحة بالقطاعات ذات الاهتمام المشترك إلى جانب بحث فرص تعزيز الاستفادة من المزايا والتسهيلات التى تتيحها اتفاقية السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقى )الكوميسا( لدفع معدلات التبادل التجارى بين البلدين، والتغلب على أى عقبات من شأنها أن تعيق انسياب حركة التجارة.

* ما خطة المجلس لتعريف منظمات الأعمال بالبلدين بأهم الفرص التجارية المتاحة بجميع القطاعات؟

ـ القطاع الخاص يلعب دورا حيويا فى دفع العلاقات المشتركة لآفاق أوسع للمساهمة فى الوصول لتكامل حقيقى بين الشعبين المصرى والسوداني، لكن الملاحظ من خلال الأرقام أن العلاقات التجارية الحالية بين البلدين لا ترقى للإمكانات والقدرات الكبيرة المتوافرة لدى مصر والسودان، ولا تعكس قوة ومتانة العلاقات التاريخية، وهو ما سيقوم به المجلس لتنشيط تلك العلاقات وينتقل بها لمعدلات أفضل خلال المرحلة المقبلة.

* كم يبلغ حجم التجارة البينية بين مصر والسودان؟

ـ الأرقام بالفعل لا تعكس حجم ومتانة العلاقات بين البلدين، فالسودان يستورد بـ7 مليارات دولار، نصيب مصر منها 400 مليون دولار فقط، رغم أننا دولتان على الحدود والمسافات ليست بعيدة مثل باقى الدول الأفريقية، ولدينا أيضا طرق برية كثيرة، وبالتالى كان من المفروض اقتصاديا أن يكون المنتج المصرى من أكثر المنتجات منافسة فى السوق السوداني.

* ما أسباب ذلك؟

ـ السودان سوق كبير ويحتاج استيراد العديد من المنتجات، لكن كانت هناك مشاكل قديمة من جانب النظام السودانى السابق، حيث كان يمنع دخول المنتجات المصرية فترة من الفترات، كما أن هناك قائمة سلبية كبيرة تضعها الحكومة السودانية على المنتجات المصرية تصل لـ42 سلعة، حيث يتم وضع جمارك مرتفعة جدا عليها، وهى من ضمن التحديات القوية التى تواجه زيادة حجم التجارة بين البلدين، فالجانب السودانى يعتبر الجمارك موردا أساسيا للدخل القومى، ولقد تحدثنا معهم عن ضرورة تخفيض الجمارك، وأنه إذا تم تخفيض الجمارك من 40 لـ20% على سبيل المثال، سيساعد ذلك على زيادة المنتجات الداخلة للسودان، ووقتها ستزيد الجمارك، وتنخفض أسعار السلع، وبالتالى إذا اتسع سوق التجارة يمكن للصانع المصرى أن يفكر فى إقامة مصنع له فى السودان خاصة أن السودان يمتلك مواد خام كثيرة تساعد فى عملية التصنيع، وسيولى المجلس هذا الأمر اهتماما كبيرا لبحث ومراجعة البنود الجمركية المفروضة على بعض السلع بهدف التوصل إلى رؤية شاملة تساهم فى إزالة كافة القيود وتحقيق طفرة فى معدلات التبادل التجارى بين مصر والسودان.

* كيف يمكن زيادة معدلات التجارة بين البلدين فى ظل تدهور قيمة العملة السودانية؟

ـ هناك فعلاً مشكلة فى العملة السودانية، حيث وصل سعر الدولار الأمريكى 310 جنيهات سودانية، كما ارتفعت معدلات التضخم، لكن يمكن التغلب على هذه المشكلة عن طريق التبادل السلعى، فعلى سبيل المثال يمكن تصدير أسمدة ومبادلتها بسلع كالسمسم مثلًا حتى يتعافى الاقتصاد السودانى وتعود العملة لمعدلاتها الطبيعية. 

* ماذا عن حجم الاستثمارات بين البلدين؟

ـ الاستثمارات المصرية فى السودان تبلغ 800 مليون دولار، والاستثمارات السودانية بمصر 100 مليون دولار، و60% من هذه الاستثمارات فى مجال الصناعة، وأكثر من 20% استثمارات تجارية، و10% استثمارات زراعية، رغم أن الزراعة تعتبر من القطاعات الكبيرة والمفروض التوسع فيها فى السودان لخصوبة أراضيه، كما أن احتياجات مصر تكمن أكثر فى مجال الزراعة والمنتجات الزيتية والثروة الحيوانية، نحن نحتاج تلاحما بشكل أكبر بين رجال الأعمال فى البلدين.

 * ما الذى تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع الأول لمجلس الأعمال المصرى السوداني؟

ـ تم الاتفاق على ضرورة إيجاد شركات نقل مشتركة بين الجانبين، وأن يتم السماح للشاحنات المصرية للدخول إلى السودان، وكذلك دخول الشاحنات السودانية للأراضى المصرية بدلا من تفريغ الحمولات من عربات لعربات على الحدود، وتطوير السكك الحديدية حتى يتم تسهيل نقل البضائع، وتقوية العمل البنكي، وانسياب التحويلات النقدية المباشرة بين البلدين، والاستفادة من الأسواق الأفريقية المتاخمة للسودان، وتنفيذ مشروع المنطقة الصناعية المصرية فى السودان، والعمل على استخدام الطاقة الشمسية لتقوية الصناعة، ونقل تجربة الطاقة الشمسية بمصر، وإحياء المعارض التجارية بالبلدين، والعمل على تعديل القائمة السلبية، والإسراع فى إقامة مشروعات مشتركة فى مجال البتروكيماويات والأسمدة.

كما تم الاتفاق على ضرورة الاهتمام بالنقل النهرى والبري، وإنشاء مراكز تجارية بين البلدين، وتأسيس شركة نقل مشتركة بين السودان ومصر لتخفيف الإجراءات والتكاليف، وتم الاتفاق أيضا على ضرورة وجود شركات مسئولة عن التفتيش والجودة فى المعابر، ووضع خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى لتقوية العلاقات الاقتصادية، والتبادل التجارى بين البلدين، وذلك بإنشاء مشروعات التكامل بين البلدين وإشراك القطاع الخاص، مع ضرورة وجود لوائح واضحة للتجارة الحدودية بين البلدين، وتوحيد الرسوم الجمركية بالمنافذ، وربط خطوط السكك الحديدية كأحد المشروعات الاستراتيجية المشتركة، مع أهمية إزالة التأشيرات لرجال الأعمال، وتوحيد المواصفات القياسية على المنتجات والخدمات بين البلدين.