ماذا يريد العم سام من حقوق الإنسان فى مصر؟

أحمد صابر
أحمد صابر

بقلم: أحمد صابر

من يعتقد أن أمريكا دخلت العراق سعيًا وراء حقوق الإنسان، أو بحثًا عن أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة، فهو لا يزال بعيدًا عن استيعاب لعبة الأمم وكيف يتحرك العالم من حولنا، لأنها مجرد حجج واهية باعتراف قادة أمريكا بأنفسهم فى مذكراتهم البائسة، والحقيقة أنها كانت جملة أسباب جعلت أمريكا ناقمةً على النظام العراقي، أهمها رغبة صدام حسين فى تغيير قاعدة البترو دولار التى فرضتها أمريكا على العالم، لتتحكم فى الاقتصاد الدولى ويظل الدولار عملة الاحتياط الوحيدة فى العالم.

لم تتقبل أمريكا محاولة الانقلاب على أحلامها فى خلق عالم أحادى القطب، لا يوجد به من يجرؤ على منافسة أمريكا، فتذرعت بحجج أخرى لاحتلال العراق وتدميره. لم تكن العراق الدولة الوحيدة، فى كتاب "ماذا يريد العم سام" للفيلسوف نعوم تشومسكي، ذكر الكاتب ممارسات أمريكا غير الإنسانية فى أمريكا اللاتينية عبر دعمها حكومات غير وطنية تحافظ على مصالحها فى توريد ثروات هذه الدول لها، وانتهاكاتها المستمرة فى دول آسيا، خاصةً فيتنام ولاوس، إضافةً إلى غزو العديد من البلاد كاليونان مما خلف ١٦٠ ألف قتيل، وذلك لإحكام قبضة المستثمرين الأمريكيين عليها.. وفى كتاب آخر للمؤرخ هوارد زين، تحدث الكاتب عن أن هناك شكلًا آخر للديكتاتورية فى أمريكا لا يُستعمل فيه السلاح، وهو التضليل الإعلامى المتعمد الذى تقوم به أمريكا لحشد الرأى العام فى حروبها الاستعمارية، وممارسة الانتهاكات تحت ستار آخر يخفى كل هذه الجرائم.

الآن بدأ الديمقراطيون فى الكونجرس لعبتهم الخبيثة مرة أخري، وشكلوا لجنةً مختصة لمتابعة أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، ونعلم جميعًا أن وراء ذلك أسباباً خفية، تتعلق برغبتهم فى إفشال مصر وتعطيل قطار التنمية.

كما يبدو أن هناك دولا أخرى تساعد أمريكا فى ذلك رغبةً منهم فى زعزعة الأمن وهدم الاستقرار.

ولابد أن نتساءل، هل انتهت أمريكا من معالجة أوضاع حقوق الإنسان فى سوريا وليبيا واليمن، وهل نجحت فى محاربة الإرهاب فى العراق، لكى تترك كل هذه الفوضى التى شاركت فيها، وتركز نظرها على مصر؟ هل من عاقل يعتقد أن ما تفعله أمريكا يرجع فعلًا لرغبتها البريئة فى مساعدة المصريين؟.

من الواضح جدًا أن هناك مخططا قائماً لهدم بلادنا تحت شعار دعم الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان.

لا يخفى عن الجميع مخاوف أعداء مصر من هذه الطفرة فى التسليح والتعمير، بجانب النضج الدبلوماسى والقدرة على اتخاذ القرار دون إملاء دولي، الأمر الذى جعلهم يتحركون وينشطون ويجندون نوابًا أمريكيين لمساعدتهم فى شن هجمات إعلامية وحقوقية على مصر تهدف لتقويض رغبتنا فى بناء دولة قوية مستقلة، وهنا يأتى دور الوعى الجمعى فى محاربة هذه التدخلات السافرة، فالوعى هو خط الدفاع الأول لإفشال مثل هذه المؤامرات.

"متى تحدثت أمريكا عن حقوق الإنسان، أتحسس موضع سلاحى"، هكذا يفهم العالم ما تريده أمريكا، هى لا تحارب إلا من يسعى ليكون قويًا ولديه القدرة على اتخاذ القرار، هذه هى المعادلة بوضوح، تلك الحرب لا تعنى غير شيء واحد، وهو أن مصر قادمة، وأن هناك من يخاف ذلك القدوم ويحاول عرقلته، هذا وقت الصمود شعب مصر العظيم.