«بلح أسوان».. «الذهب العالي» من «الفسيلة» حتى البيع في الأسواق

 قرية بهاء الريف أشهر قرى أسوان انتاجا للبلح
 قرية بهاء الريف أشهر قرى أسوان انتاجا للبلح

تعد محافظة أسوان من أهم محافظات مصر إنتاجا للتمور، وتتميز عن باقى محافظات مصر بإنتاج التمور الجافة مثل السكوتى والبرتمودة والقنديلة والملاكابى و الشامية، بالإضافة إلى الرطب كالحج حسين والحجازى واللحم والكولوكية.

ومن أشهر القرى المنتجة للتمور بأسوان قرية بهاء الريف بمركز أسوان ويوجد بها ما يقرب من 300 ألف نخلة مثمرة من حوالى مليون و300 ألف نخلة مزروعة بمحافظة أسوان.

ويعتبر محصول البلح هو الدخل القومى والرئيسى لأهل هذه القرية حيث يعمل بزراعته وخدمته معظم أهل القرية ولذلك يرتبط الأهالى هناك ارتباطا وجدانيا بأشجار نخيل البلح.

والتقت «الأخبار» أحد أكبر مزارعى البلح بالقرية وهو الحاج بسطاوى عبد الرحمن الذى بادر بالقول: «إن محصول البلح من محاصيل الدخل القومى لمحافظة أسوان مثل السياحة تماما لأن محصول البلح يمثل دخل أساسى لأهالى القرية من مزارعى النخيل وغيرهم»

وأضاف «أن أشجار أو نخيل البلح من الأشجار المعمرة ويمتد عمرها لمدة تتراوح ما بين 150 إلى 200 عاما وخلال كل هذه السنوات لا يتوقف عطاءه وثماره من البلح بشرط الاهتمام والعناية ورعاية النخيل».

وتابع "بسطاوى" أن زراعة النخيل وخدمته وحصاده تحتاج لعمالة كثيفة وتدر ربحا وفيرا للعاملين بها ولذلك على المزارع تدبير الأموال اللازمة لتلبية احتياجات الحصاد التى تبدأ في شهر يوليو (7 ) للبلح الرطب وفى شهر سبتمير للتمور الجافة.

مشيرا إلى أن من يقوم بتلقيح النخلة أو تطريح ذكر النخل (أي تسلخ السباطة من النخلة الذكر ويوضع جزء منها في النخلة الأنثى ) يتقاضى 30 جنيها عن النخلة الواحدة ومن يقوم  بتقليم النخيل أي قطع السعف الأصفر والجاف وإزالة الأشواك يبلغ أجره 35 جنيها عن النخلة الواحدة، وفي المتوسط يقوم بتقليم 10 نخلات في اليوم.

كما يتقاضى "القطاع" وهو الذى يتسلق النخل لقطع سباطة البلح مبلغا يتراوح ما بين 80 الى 90 جنيها عن النخلة ويعمل خلفه على الأرض ما يقرب من 10 أشخاص لجمع البلح وقطعه ووضعه في أقفاص تمهيدا لنقله للمناشر.

وأكد أن هذه الزراعة وخدمتها تغنى الكثير عن البحث عن عمل حكومى بشرط إجادتها ألا أن معظم الشباب ترك هذه الحرف وابتعد عنها بحثا عن عمل مكتبى أو العمل فى قطاع السياحة خاصة وأن عملية الجمع والحصاد مازالت تتم بصورة يدوية شاقة لا تخلو من المخاطرة.

ويكون الاعتماد في عملية الحصاد على الشباب فى تسلق أشجار النخيل التى يتراوح طولها ما بين 5 الى 6 أمتار.

وتقول «أم محمد» أحد سيدات القرية أن موسم جمع التمور ينتظره أهل القرية بفارغ صبر حيث يمثل عائد جمع البلح وخدمته المورد الاقتصادى الأوفر لهم لتوفير مدخرات تكفى لباقى العام.

وتضيف يمثل موسم حصاد وجمع البلح فرصة لجمع شمل الأهل الذين يتوافدون خلال فى هذا الموسم للمشاركة فى المظاهر الاجتماعية المصاحبة لعملية الحصاد التى يكثر فيها حالات الزواج والأفراح بسبب انتعاش الأحوال المادية للأهالى والمزارعين.

وقال المهندس الزراعى خالد محجوب، أحد كبار المزارعين، إنه بعد جمع البلح يتم نقله للمناشر للتجفيف حيث يتم فرد البلح على مصاطب تحت أشعة الشمس الحارقة لمدة 15 يوما على الأقل حتى يشمع وينشف.

ويستكمل، بعد ذلك يتم تنقيته وفرزه طبقا للحجم والنوع ثم يعبأ فى شكائر بلاستيك كعازل وتوضع هذه الشكاير فى أجولة من الكتان وذلك لحفظ البلح من الرطوبة.

وقال محجوب بعد ذلك تأتى عملية التبخير لحفظ البلح من التسوس مشيرا إلى أن عملية التبخير تتم مرتين فى العام الأولى فى شهر نوفمبر والثانية فى شهر فبراير.

مؤكدا على أن عملية الحصاد وخدمة ورعاية النخيل تستمر طوال العام بالإضافة لعملية زراعة فسايل النخيل الجديدة فى حضن الأمهات حيث توضع الفسايل أسفل النخلة الأم لتتغذى منها حتى تثبت وتقوى جذورها وتعتمد على نفسها فتنقل لموضع أخر.

وعن الحرف اليدوية والصناعات التى تقوم على زراعة النخيل قال كامل عبد السيد أحد شيوخ القرية، أن زراعة النخيل ومخلفاته تقوم عليها عدة حرف يدوية مثل غزل الحبال الليف وصناعة الأثاث من جريد النخيل بعد تجفيفه وأيضا صناعة الكارينة المستخدمة فى تنجيد الكراسى والصالونات وصناعة الحصر وبعض الديكورات المحلية الصديقة للبيئة.

وأبدى عبد السيد أسفه لأندثار هذه الحرف بالقرية مشيرا إلى أنه لا يوجد منها سوى صناعة الأثاث والأقفاص من الجريد فقط.

وطالب جمعيات تنمية المجتمع بالأهتمام بتدريب الشباب والفتيات لإعادة هذه الحرف التى تدر دخلا وفيرا.

وتدخل خالد محجوب مطالبا الدولة بالتوسع فى زراعة النخيل لتعويض المفقود منه مشيرا لضياع ألاف النخيل فى أعمال توسبع الكورنيش الجديد وسيول 2010 التى داهمت المنطقة وأفقدتها الكثير من النخيل المثمر.

وقال إن زراعة النخيل يمكن ان تقوم عليها عدة صناعات مثل "دبس البلح" وهو العسل المصنع من سكر البلح وصناعة تعبئة وتغليف البلح بالأضافة لعدة صناعات أخرى مثل صناعة الأسمدة العضوية والعلف الحيوانى "السيلاج" من مخلفات النخيل.

واستطرد محجوب، أنه يمكن أستخراج الوقود الحيوى " الأيثانول" من مخلفات التمور والتمور الضعيقة، فضلا عن أن التوسع فى زراعة النخيل له فوائد أخرى كثيرة فى تحسين الطقس والقضاء على الأحتباس الحرارى لأن أوراقه تمتص الكربون من الجو.

مطالبا وزارة الزراعة بالنظر فى التوسع فى زراعة النخيل لما له من عائد أقتصادى كبيروالصناعات القائمة عليه تكلفتها الأستثمارية محدودة ومن شانها الحد من البطالة ودفع عجلة الأقتصاد .

ومن جانبه طالب الحاج بسطاوى بأهتمام وزراة الزراعة بالتصدى لسوسة النخيل والتى تؤدى لتفحم النخيل و تعرض ثروة النخيل للأنقراض خلال أقل من 5 سنوات وأيضا تكثيف مقاومة النمل الأبيض الذى يهدد جذوع النخيل ويأتى على محصول البلح فى المناشر.

وتدخل محجوب ليطالب أيضا بأقامة بورصة لسوق البلح حتى يحصل المزارعون على حقوقهم العادلة من زراعة البلح.

وقال أن اللواء سمير يوسف محافظ أسوان الأسبق هو أول من فكر فى فكرة هذه البورصة لكن ولايته أنتهت قبل التنفيذ .مشيرا لأنه حتى نهاية السبعينات كان هناك جمعية تعاونية لتسويق البلح وتهتم بزراعته ومزارعيه وتحسن من سلالات البلح ألا أنها مثل كل شىء جميل أغلقت دون سبب واضح .

أقرا ايضا| جهود مديرية التموين بالأقصر خلال شهر يناير