الورش الصناعية.. جحيم في قلب المناطق السكنية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أصحابها : ورشنا أقدم من المناطق المحيطة.. ونحتاج للنقل إلى أماكن قريبة

أثارت الحادثة الخطيرة لحريق عقار الدائري منذ أيام والتي نتجت عن اشتعال النيران في عقار مكون من 15 طابقًا على الدائري داخل مصنع وورش لتصنيع الأحذية  تساؤلات حول وجود الورش داخل المنطقة السكنية؟ .. وهل سيعاد تنظيم  تواجدها بعيداً عن العقارات والمباني السكنية؟ بعدما حولت الورش الحياة للمحيطين بها إلى ضجيج لا ينتهي .

..تستقر عشرات من ورش إصلاح السيارات، حيث تتحول حياة سكان تلك المناطق إلى جحيم وتسبب لهم مشاكل صحية ,وتلوثًا سمعياً وبصرياً ، كارثة قد بلى بها سكان المناطق المختلفة، فتحولت من منطقة سكنية إلى صناعية بالمخالفة للقانون، بالإضافة إلى إغلاق الشوارع بالسيارات التي يتم تصليحها .

 ووفقاً لقرار محافظ القاهرة بالنقل، وبدراسة أماكن مقترحة لنقل الورش والمحلات إليها على أكثر من مرحلة، قامت (الأخبار المسائي) بعمل جولة ميدانية لرصد شكاوى المواطنين بتلك المناطق ورصد أراء أصحاب الورش بهذا القرار.

اقرأ أيضا| جردو قرية الملوخية| أنفار الحصاد .. شباب لا يعرف البطالة

فى البداية يقول أحمد حسين محاسب أحد قاطني منطقة صقر قريش، إن عوادم السيارات وآثار اللحام المنبعثة من الورش  أجبرت الكثير من ساكني الحي على تركه تفادياً للأضرار التي تنجم  عنها ، مضيفاً أنه يشعر دائماً بالإحراج عند زيارة أقاربه من إزعاج وضوضاء وعدم وجود أماكن لانتظار السيارات  واحتلال الشوارع، ولا يهتمون بالمنظر العام للحي، ما أجبره على بيع شقته بالخسارة، مضيفاً أن ورش تصليح السيارات والسمكرة واللحام التي تنتشر وسط الأحياء السكنية تعد إحدى المشاكل الكبيرة التي يعانون.

لا نعرف معني الراحة

وأضافت مروة محمود ربة منزل، بمنطقة المنيل أن من يعيش وسط تلك الورش لا يعرف معنى الراحة أو النوم أو الهدوء فالضجيج مستمر 24 ساعة، بالإضافة إلى الفزع والخوف الذي يعانون منه ,فاسطوانات اللحام والمواد المختلفة والمتعددة التي يستخدمونها معرضة للانفجار في أي لحظة ما يترتب عليها نسف العمارات المجاورة وتهديد حي كامل، بالإضافة إلى الاعتداءات التي تتم أحيانا على الأرصفة والأشجار من تكسير وإزالة لهم حتى يتمكنوا من توسيع  أعمالهم.

إحنا الأصل

ببشرته السمراء الداكنة يجلس رضا دسوقي ,أمام مدخل ورشته حيث يعمل في منطقة صقر قريش منذ 25عاما ,وبسؤاله سرد  لنا تاريخ وجود الورش بالمنطقة:«المنطقة كانت زمان مهجورة وعدد سكانها قليل ، ومحدش كان يعرفها ولا يوجد بها  إلا 3 ورش خدمية، والناس كانت بتخاف تمشي على الأوتوستراد باعتبارها منطقة مهجورة».

.. موضحاً أن بداية مجيء أصحاب الورش إلى صقر قريش كان في أعقاب حادث القطار في منطقة عرب المعادي، ثم إتنقلت العديد من الورش للمنطقة , مضيفاً أن تلك الورش التي يريدون نقلها «عملت للمنطقة هنا اسم، والسكان أتت على حس الورش».

مع قرار النقل

كما أشار محمد حسين ، إلى أنه يعمل في مجال بيع قطع الغيار منذ 8 أعوام بمنطقة المنيل ، إنهم لا يسببون أي أضرار للسكان بل أمان لهم، وأن جميع المحلات تضع كاميرات مراقبة على أبوابها ، مضيفاً أنه سمع بقرار نقل الورش ومحلات قطع الغيار منذ سنة، إلى أول طريق العين السخنة اتجاه الزهراء، لافتاً إلى أن مكان النقل سوف يتسبب العديد من المشكلات أيضاً لأنها منطقة سكنية ومن الأفضل النقل يكون بمنطقة القطامية باعتبارها منطقة صناعية منفصلة عن المدينة أو يتم تقنين أماكنهم، لأنه من الطبيعي يتم إلزامهم  بغلق المحال في تمام الساعة 6 مساء وهذا يقلل من إزعاج سكان المنطقة.

وأضاف رضا حمادة صاحب ورشة سمكرة بمنطقة عين شمس، أنه مع قرار نقلهم، لأنه حق السكان، ولكن إذا توافر شيئان أولهما لا بد من توافر أماكن مناسبة وواسعة الحجم مع ضمان 20 سنة تمليك، وثانيهما أن تكون هذه الأماكن وسط منطقة صناعية لتجنب الإزعاج.

من جانبه يقول الدكتور حمدي عرفة أستاذ الإدارة المحلية بكلية الإدارة بالجامعة الدولية للتكنولوجيا والمعلومات وخبير استشاري بالتنمية المحلية، إن الأغلبية العظمى من أصحاب المحال متجاوزون لقانون المحال القديم والجديد، حيث أصبح لا يوجد شارع في مصر إلا ويوجد به تلك الورش بدون نظام أو تراخيص ، مضيفًا أن منطقة صقر قريش بالمعادي تحولت إلي منطقة صناعية من سيارات وتغيير زيوت وورش وهذا مخالف للقانون، حيث بدأ ينتشر في المناطق الشعبية بمناطق الهرم وفيصل وغيرها من المناطق الأخرى في المحافظات، ما يؤدي إلى إزعاج وقلق المواطنين.

 وتابع أن الأغلبية من أصحاب الورش بإيجار محل 2 متر في متر ويحتلوا ما يقرب من 40 إلي 80 مترَا بالشارع بركن السيارات وهذا مخالف لقانون المحلات الجديد حيث أوضح القانون يلزم فقط بالمساحة الموجودة في الترخيص وهذا السلوك من أغلبية المحلات يؤدي إلي تشويه منظر مصر الحضاري وسمعتها ويعيق المارة ويقلق راحة المواطنين ويسبب ضوضاء وتلوثًا بيئيًا.

ومن جانب آخر يقول إبراهيم صابر، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية، إنه في الفترة الماضية تم التنسيق مع قوات الشرطة والجيش لنقل 61 ورشة من منطقة مصر الجديدة لنقلها لمنطقة الحرفيين الصناعية حتى يتوافق حرفتهم مع المناطق التي يعملون بها والحفاظ على منظر مصر الحضاري، وقامت إحدى الشركات بالتبرع لعمل محلات لهم، مضيفاً أنه سوف يتم عمل خطط بديلة لتنفيذ حملة مكبرة لمنطقة صقر قريش التابعين لحى البساتين وجميع المناطق التي يتواجد بها تلك الورش ، لإزالة جميع المخالفات وغلق الورش غير المرخصة والتي تسبب إزعاجًا للمواطنين ويتم ذلك حين يتم توفير أماكن بديلة لهم ، مشيرًا إلى أنه ستتم إقامة مدينة صناعية جديدة للحرفيين تضم كل الورش والتخصصات المختلفة حتى نقلل من العشوائيات ونعيد ترميم شكلها الحضاري ،وأن المحافظة حريصة على التنسيق مع المواطنين لاختيار ما يتناسب مع احتياجاتهم حيث سيتم تمثيل ممثلي المنطقتين لاختيار المنطقة التي يتم نقل هذه الورش إليها.