الوصل والفصل

مصر - أمريكا

محمد السيد عيد
محمد السيد عيد

بدأ الديمقراطيون الأمريكيون عهدهم الجديد بتكوين تكتل برلماني لمتابعة قضية حقوق الإنسان فى مصر، وهذا يشير إلى أنهم سيواصلون ما كانوا يفعلونه فى عهد أوباما، وهو عهد لم تجن منه مصر والدول العربية سوى الخراب. وعلت أصوات مصرية تقول إن علينا أن نتعامل مع الأمر بهدوء، وأن نسعى لشرح الأمور لهؤلاء المهتمين بحقوق الإنسان، حتى نغير أفكارهم السلبية تجاه مصر. لكنى أرى أن سياستنا تجاه الولايات المتحدة يجب أن تسير فى اتجاهين، الأول حكومى يقوم بالتواصل والشرح والدفاع وتقديم الوثائق، ويشارك فيه البرلمان. أما الاتجاه الثانى فهو اتجاه غير رسمى، يبعد تماماً عن الحكومة المصرية. ويبدأ هذا الاتجاه بقيام تكتل برلمانى لمراقبة ما تفعله أمريكا فى مجال حقوق الإنسان، تماماً كما حدث فى البرلمان الأمريكى، فأمريكا ليست جنة الله فى أرضه، وتاريخها مع ملف حقوق الإنسان داخلياً وخارجياً أسود، وقد رأينا ما حدث مع السود منذ فترة وجيزة، وكيف قتل رجال الشرطة البيض المواطن الأسود جورج فلويد بدم بارد، فالمعاملة بالمثل مطلوبة، وأرى أن النائب مصطفى بكرى هو الشخص المناسب لقيادة هذا التكتل.

بجوار التكتل البرلمانى أرى أن ننشئ تنظيماً أهلياً، فى شكل جمعية لحقوق الإنسان، على أن تكون هذه الجمعية ذات طابع عربى، وأن يكون لها -مبدئياً- ثلاثة فروع، فى فلسطين، والعراق وسوريا. وتهتم هذه الجمعية بالممارسات الوحشية الأمريكية فى دول العالم الخارجى. وترصد الجرائم الأمريكية المعاصرة، خصوصاً تجاه الدول العربية. هل نسينا ما حدث فى سجن أبو غريب؟ هل نسينا ما فعلته المجندات الأمريكيات بالعراقيين بعد الاحتلال؟ هل نسينا كيف جردوهم من ثيابهم، وسحلوهم، واستعانوا بالكلاب المدربة لإدخال الرعب فى قلوبهم، وإذلالهم؟ هل نسينا معتقل جوانتانامو؟ هل نسينا أن أمريكا هى التى أنشأت تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية التى أذاقت وتذيق العرب والمسلمين المر والعلقم؟

إن هذا التاريخ الأسود يستحق الكشف عنه، وتوثيقه للأجيال القادمة، والتشهير به فى مواجهة الدولة التى تتحجج بحقوق الإنسان لتبتز الدول الأخرى، وأهم من هذا كله: استغلاله فى رفع قضايا فى المحكمة الجنائية الدولية ضد أمريكا، ومطالبتها بالاعتذار عما ارتكبته من جرائم ضد الشعوب الأخرى دون وجه حق، وبدفع تعويضات للبلاد التى تسببت فى هدمها. أليس من حق الشعوب أن تهتم بقضايا حقوق الإنسان فى العالم مثلما يفعل الأمريكيون؟