السائق الذي سيطر على الملك فاروق

الملك فاروق
الملك فاروق

كان أعضاء الحاشية التي في خدمة للملك، الأكثر انفرادا والتصاقا به، واستنادا إلى القرب منه أيضا، استفادوا من نفوذه؛ بل كان الوزراء يحسبون لهم ألف حساب، وكان من بينهم السائق الخاص بالملك فاروق، والذي برز من بينهم.


حصل هذا السائق على الشهادة الابتدائية، وعمل سائقا حتى عام ١٩١٩ بالجيش الإنجليزي، وفي عام ١٩٢٢ نقل إلى مصلحة الرسائل بالقصر بمرتب ستة جنيهات وستون قرشا، وعندما تولى الملك فاروق الحكم تم ترشيحه كي يعلمه قيادة السيارات، وكان السائق الخاص به.


الحديث  لا يزال مستمرا عن السائق محمد حلمي حسن، والذي كان دائما يردد: "الناس هي التي تحقق لي ما أريد بدون أن أتكلم..  لأنهم يعرفون وظيفتي ومركزي".


وبمرور الوقت أصبح حلمي أشبه بمدير القصر، الكل يعمل له ألف حساب، حيث كان يعد تقارير شئون الدولة، وينشر ببعض التأشيرات بالرفض أو الإيجاب، أو طلب المزيد من الاستفسارات، وقد اعتاد الملك في السنوات الأخيرة من حكمه أن يعطي أذنيه لهذا السائق، حيث يقرأ عليه التقارير، والمذكرات أثناء الإفطار.

وكان الراعي الرئيسي لكل حالات الفساد، من هنا صعد حلمي وقام الملك بترقيته إلى مراتب الضباط حتى وصل إلى رتبة عميد، وثارت حالة من الجدل والاستياء ما بين الضباط يتساءلون عن سر هذا التحول الفضائي من سائق إلى مرتبة الضباط العظام دون مروره على لجان ترقيات وتعيينات، فقد كانت هذه الترقيات تأتي إليه بأمر من الملك فاروق.

بات حلمي واحدًا من ثلاثة يقومون على خدمة الجناح الملكي، وأصبح أكثرهم شهرة ونفوذا، وأحد صناع الفساد، وأكثرهم استغلالا للنفوذ، ووظيفته التي قربته من الملك، وأصبح أكثر قربا عن سكرتير الملك الخاص الدكتور حسين حسني، والذي كان من أشد الناس إخلاصا إلا أن الإخلاص ضاع مع قاعدة الشماشرجية، وأصبح لا يتمكن من الاتصال بالملك إلا من خلالهم، حيث ذكر السكرتير الخاص أثناء شهادته أمام محكمة الثورة بأنه لم يتمكن من الاتصال بالملك مباشرة لأن الاتصال به كان عن طريق محمد حلمي، وكشفت التحقيقات أن حلمي حقق خلال فترة عمله مع الملك ثروات طائلة بلغت أكثر من مائة ألف جنيه خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات، وكانت ثروة زوجته من أراضي، وعقارات، وأراض زراعية، وأسهم بلغت قيمتها بالإضافة إلى الأموال السائلة نحو ٥٠ ألف جنيه تقريبا، بخلاف الأموال التي سجلها باسم أولاده.

وأثناء محاكمة حلمي السائق، عندما سئل عن مصدر هذه الأموال قال إنها منح، وهبات من الملك، ومن أحد ملوك الدول العربية، وكان الوزراء، بل ورؤساء الوزارات يتملقون محمد حلمي، ويجرون معه الحوارات، وتبادل الآراء دون أن يعترض أحد ولو تلميحا، أو تصريحا عن سطوة هذا الرجل، واكتفت محكمة الثورة بتجريده من الرتب العسكرية، ومصادرة أمواله، وأموال زوجته التي زادت خلال فترة عمله مع الملك فاروق، وهكذا كانت قوة السائق حلمي في الحكم.

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم