«اعمل منذ عام فى العزل، والحمد لله قادر أكمل بنفس العزيمة والإصرار فى علاج المرضى ومتابعة حالتهم والمساهمة قدر الإمكان فى شفاء أهلنا وإخواننا».. كلمات عكست حال الطبيب محمود محمد رجب نائب باطنة بمستشفى عزل العجوزة، في مواجهة وباء كورونا.
ويلقب محمود رجب داخل المستشفى بالنشيط، لا يتوقف عن المرور بين غرف المرضى للاطمئنان عليهم وتقديم الخدمة الطبية لهم، فور مقابلتنا له كان عائدًا من عند مرضاه، فخلق هذا العمل علاقة بين محمود ومرضاه فيحاول دائمًا أن يخفف عليهم عزلة المرض، وبعدهم عن أهلهم.
بدى الطبيب أثناء مقابلتنا له في حالة نفسية ليست الأفضل كان نابعها مروره بأحد المواقف الإنسانية الصعبة فقد فيها مريض كان يعتبره مثل ابنه فيقول الطبيب :نمر بمواقف صعبة كثيرة آخرها منذ أيام ارتبطت نفسيا بأحد المرضى من كبار السن، كان يعتبرنا أبناءه، وبعد تدهور حالته توفاه الله، تأثرت بعدها لارتباطي به وقلت الحمد لله هذا قدره ونحن فعلنا ما علينا.
ويضيف: "أول شئ فى التعامل مع المرضى، هو التعامل النفسى معه، أول ما المريض يدخل المستشفى لا بد من طمأنته وتعريفه أن الاصابة بالمرض تمر بسلام، وخصوصا الحالات الخطيرة نطمنهم نفسيا،لأن العامل النفسي يساعد جدا في تحسن حالتهم، والتعافي، ومع الأدوية نصل لنسب شفاء مرتفعة".
يعمل محمود فى المستشفى منذ 3 سنوات ونصف، زادت خبرته خلال العام الأخير المعاصر لكورونا، قائلا: منذ بدء الجائحة كان الموضوع جديدا علينا كأطباء، وفى المستشفى كنا نقوم بدورنا وتعلمنا من بعض ورصدنا مراحل تحسن المرض وتحديد العلاج الأفضل لهم واكتسبنا خبرة ومع مرور الوقت، إلى أن أصبحت مشرفا على قسمين لمتابعة المرضى.
اقرأ الحلقة الأولى| مغامرة داخل العزل.. الجميع يبحث عن الحياة (1-3) | صور
خلال موجتين عاصرهما الطبيب الشاب يرى أن الموجة الثانية أشد من الاولى، مفسرًا: رأينا كمية اشعة مقطعية أكبر من الموجة الأولى والمريض تتدهور حالته بصور أكبر وأسرع فى الموجة الثانية، يمكن أن يكون المريض فى غرفة الإقامة وينقل للرعاية فجأة، فتوجد سيناريوهات غير متوقعة لا يمكن التنبؤ بها.
ويشير إلى أن الأعراض تختلف من شخص لآخر، بعض المرضى يكون لديهم أعراض بسيطة لكن الأشعة المقطعية تكون صعبة جدا، فبالتالى نحاول البدء ببروتوكول العلاج المناسب فنبدأ بمضادات الفيروسات القوية والمضادات الحيوية لنحافظ عليه قبل الوصول للإصابة بعدوى بكتيرية مع العدوى الفيروسية، وفي حالته تتدهور أسرع.
وخلال عمله رصد «محمود» أعراضا جديدة للفيروس منها أعراض الجهاز الهضمي مثل الاسهال والمغص والقيء، والأعراض التنفسية الشديدة، بالإضافة إلى وجود سلالتين للفيروس، فيقول: يوجد فرق كبير جدا فى شكل الأشعة المقطعية من مريض لآخر، فى الغالب تكون أشكال لسلالة وسلالة أخرى من الفيروس والى الآن يمكن ملاحظة انتشار سلالتين فى المرضى الذين نعالجهم.
يعمل الطبيب طوال 24 ساعة يتابع 30 مريضًا ما بين حالات شديدة وغير مستقرة وحالات متوسطة مضيفًا: كل الحالات التي تأتي لمستشفى العزل حاليا تحتاج إلى نقل الأكسجين، والتي لا تحتاج لذلك لا ترسل للمستشفى وتدخل في عزل منزلي.
ويفسر ذلك قائلا: بعض المرضى يحتاجون 4 لترات من الأكسجين والبعض 6 لترات وآخرين 15 لترا في اليوم، فالفيروس يصيب نسيج الرئة ويسبب التهابات تعوق عمل الحويصلات الهوائية المسئولة عن امتصاص الاكسجين وطرد ثانى اكسيد الكربون، فبالتالي الجزء المتبقي من الرئة هو من يأخذ الأكسجين ويطرد ثانى اكسيد الكربون، لحين تعافى الجزء المصاب.