«معركة الإسماعيلية».. ملحمة بطولية في وجه العدوان البريطاني

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتب - أحمد عبدالوهاب


تهل علينا الذكرى 69 لعيد الشرطة، تلك المناسبة التى تجسد أمجاد وبطولات رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فى أن يقوموا بالدفاع عن أمن الوطن الداخلى وسلامة المواطنين.. على مر التاريخ، أثبت رجال الشرطة، أنهم على العهد فى التصدي لكل من يحاول المساس باستقرار الوطن.


وضعت «العيون الساهرة» أمن وسلامة المواطنين، نُصب أعينهم، يقفون ليلاً ونهاراً، دون أن يغمد لهم جفنا، حاملين أسلحتهم عاقدين العزم على التضحية والفداء من أجل أن ينعم المواطنون بالأمان الدائم.


قدم رجال الشرطة بطولات خُلدت فى أذهان وعقول المواطنين، على مر العصور، وسطر شهداؤهم أسماءهم بأحرفٍ من نور، فى سجل المجد، تاركين العزة والشرف، لأسرهم وذويهم يفخرون بما قدمه أبناؤهم من تضحيات من أجل رفعة الوطن، وأمن وسلامة المواطنين.


تاريخ مشرف 
بدأت بطولات رجال الشرطة فى الخمسينيات، عندما كان الاحتلال الإنجليزى متوغلاً داخل الدولة المصرية، وكانت حالة من الغضب تسيطر على جموع المصريين، من استمرار التواجد البريطاني على أرض المحروسة، وكانت قوات الشرطة، هى حائط الصد، ضد العدوان والتواجد غير الشرعى من جانب قيادات وجنود الاحتلال.


لم يرضخ رجال الشرطة فى ذلك الوقت، للاحتلال الإنجليزى، وقرروا أن يتصدوا إليه بكل ما لديهم من قوة وعزيمة، على الرغم من الإمكانيات الكبيرة والأموال المتدفقة، التى كانت يمتلكها الاحتلال فى تلك الفترة.. توترت العلاقات بين مصر وبريطانيا، وقام الفدائيون بأعمال ضد معسكرات الاحتلال، ونجحت فى إلحاق خسائر كبيرة بهم، إلى جانب ترك العمالة المصرية، العمل لدى فى المعسكرات الإنجليزية بطول خط القناة، وهو ما تسبب لهم فى حالة من الارتباك الشديد.


ملحمة الإسماعيلية 
«لو فضلنا نحارب بعض 50 سنة انتوا اللي هتمشوا».. بنبرة قوية تصاحبها نظرات تحمل في طياتها العزيمة والإصرار والثبات، رد النقيب مصطفى رفعت الضابط المسئول عن قسم شرطة البساتين بالإسماعيلية، إبان فترة الاحتلال البريطاني عام 1952. 


لم يهتز الضابط الشجاع، من كلمات قائد جنود الاحتلال، الذي طالبه بإخلاء القسم من «العساكر»، ونزع العلم من أعلى مبنى قسم الشرطة، ومغادرة المدينة إلى القاهرة، لم يرضخ الضابط البطل مصطفى رفعت، لتهديدات الجنرال البريطاني، وطالبه هو وجنود الاحتلال بمغادرة البلاد.


هجم الإنجليز بالدبابات، وإطلاق القذائف هز جدران المنازل، وعاش الأهالي لحظات رعب وهلع.. حتى جاءت مكالمة هاتفية من فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية آنذاك، لليوزباشي مصطفى رفعت، دارت تفصيلها كما يلي:


سراج الدين: إيه الموقف عندك يا حضرة اليوزباشي؟ 
اليوزباشي: "إحنا محاصرين يا فندم، ومقسمين قواتنا بين المستوصف والمحافظة.. 800 فرد يا فندم بالتسليح المعتاد". 


سراج الدين: القوات الإنجليزية عددهم أد إيه؟ 
اليوزباشي: 7 آلاف ضابط ومجند يا فندم، ومعاهم دبابات ومدافع وأسلحة ثقيلة. 


سراج الدين: بلغ رجالتك الصمود وحماية المكان.. إحنا مش ساكتين. 
اليوزباشي: تمام يا فندم.. إحنا مش هنسيب موقعنا غير جثث هامدة. 


سراج الدين: مصطفى متنساش، انت مش بس مسئول عن أرواح زمايلك.. انت مسئول عن أرواح أهالي الإسماعيلية كلهم. 
اليوزباشي: مرحبًا تمام يا فندم. 


وشهدت مدينة الإسماعيلية، أعظم ملحمة تاريخية فى نضالها، ضد الاحتلال الانجليزي، من رجال البوليس والفدائيين، لتحرير تراب الوطن من الإنجليز أمام جيش بريطانيا العظمى، التي لا تغرب عنها الشمس المسلحة، بأحدث الأسلحة وقوات مدربة، على أرقى مستوى تدريب فى القتال والمناورات التكتيكية، مما جعل المعركة بينهم محسومة، قبل أن تبدأ ولكن رجال البوليس، أثبتوا العزيمة والشجاعة والكفاح، بإيمانهم القوى بالله ووطنهم.


وأثبت أبطال الشرطة، أنهم أمام قوات محتلة يدافعون عن الشرف والكرامة بشجاعة متواصلة، برغم الدمار والحرائق والخراب، فى كل مكان التى أحاطتهم من كل جانب وعشرات من الشهداء والجرح. 


ظل أبطال الشرطة، صامدين بشجاعة في مواقعهم، يقاومون ببنادقهم العتيقة، أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية، حتى نفدت ذخيرتهم، وسقط منهم في المعركة 50 شهيدًا و80 جريحًا.. ولم يستطع الجنرال الإنجليزي «أكسهام» أن يخفي إعجابه بشجاعة المصريين، وأدى لهم التحية العسكرية تقديرًا لشجاعتهم.

 

اقرأ أيضا| نشأت الديهي: السيسي يواصل الليل بالنهار من أجل تحقيق الأفضل للبلد