هل يقبل المتظاهرون العراقيون دعوة الصدر للحوار؟ 

مقتدى الصدر
مقتدى الصدر

لا يزال العراق يعيش صراعا سياسيا بين الأحزاب والقوى السياسية والشارع الغاضب، حيث يؤكد المحتجون إصرارهم على التغيير الشامل وليس تغيير الوجوه.

تبرز في هذا الصدد دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للمتظاهرين إلى الحوار، وسط حديث عن إمكانية نجاحه في تفكيك "قوى الثورة".

ويرى مراقبون أن تلك الدعوة قد تلقى قبولا من جانب من الفاعلين وليس القادة، مؤكدين أن الشارع كثيرا ما جرب تلك الدعوات في السابق وكشف أهدافها.

اقرأ أيضا: مقتدى الصدر لإيران: «ابعدوا العراق عن صراعاتكم»

تقول الدكتورة فاطمة العاني مستشارة المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب (مستقل) والناطقة باسمه، إن دعوة مقتدى الصدر للحوار هي "محاولة للالتفاف على الثوار".

وتضيف في حديث لـ "سبوتنيك" إنه "من المعروف أن ثوار أكتوبر كشفوا الصدر وممارساته، التي أثبتها على أرض الواقع من خلال القمع الوحشي للمتظاهرين عن طريق مليشيات "القبعات الزرق" أو سرايا السلام وجيش المهدي وغيرهم"، على حد قولها.

مساع مكشوفة

واعتبرت العاني أن مقتدى الصدر "يبحث الآن عن أوراق تساعده على النجاح والفوز في الانتخابات، خاصة وأنه يسعى للحصول على منصب رئيس الوزراء وهذا واضح من خلال التصريحات التي خرجت في الآونة الأخيرة".
وأمس الأربعاء، قال الصدر بعد ساعات من إعلان الحكومة تأجيل موعد الانتخابات المبكرة إلى 10 أكتوبر المقبل، "إذا بقيت الحياة فلن أسمح بتأجيل آخر للانتخابات، وخلال هذه الفترة يجب على الجميع التحلي بالروح الوطنية والكف عن الصدامات والمهاترات".

واتهمت العاني زعيم التيار الصدري بمحاولة "تحطيم أحلام الثوار والالتفاف عليهم حتى لا يستطيعوا في النهاية الحصول على مطالبهم ما سيؤدي إلى العودة بالبلاد إلى مربع الفشل الذريع والتدهور الذي حدث في العراق وما زال مستمرا إلى الآن".

مصالح شخصية

واستبعدت العاني أن تؤدي دعوة الصدر إلى استمرار الاحتجاجات، واعتبرت أنه على العكس قد تؤدي إلى تمددها أكثر.

ودلّلت على ذلك بالأحداث التي وقعت في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق مؤخرا، والتي تشهد تصاعد الاحتجاجات رغم محاولات متواصلة لقمعها.

مع ذلك أكدت أن "الثوار بحاجة إلى الراحة والتوقف بعض الوقت بين فترة وأخرى لكي يستعيدوا قوتهم، لكن هذا لا يعني الاستسلام والضعف أمام تلك المغريات أو محاولات الالتفاف، بل علي العكس من ذلك، هذه المحاولات لن تزيدهم إلا صمود، لأنهم يرون أن الوضع في العراق لا زال يتدهور من سيئ إلى أسوأ".

البحث عن حلول

وأكدت مستشار المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب "أن الثوار كشفوا جميع أوراق الأحزاب والسلطات التي تعاقبت على العراق".

واعتبرت أن هناك صدمة بين الأحزاب الحاكمة والبرلمان والحكومة أحدثتها الاحتجاجات المتواصلة، والآن هم يبحثون عن منفذ للخروج.

وقالت إن "عملية تأجيل الانتخابات هو محاولة للبحث عن حلول للمأزق الذي وضعوا فيه، فلم يحسبوا أن الأمور سوف تتطور بهذه الطريقة من تمدد للتظاهرات في معظم ربوع البلاد".

وأوضحت العاني أن "الأيام كشفت الجرائم التي قامت بها المليشيات والأحزاب من مقابر جماعية وسجون سرية وغيرها، كل تلك الأمور أحدثت بلبلة وسجال شديد بين صفوف المليشيات والأحزاب، خاصة وأنهم كانوا يعتقدون أنهم قمعوا الشعب وأنه لن ينهض بأي طريقة كانت".

 ورأت أن "المليشيات والأحزاب قتلوا الشعب العراقي وسيطروا عليه، لكن ما حدث من انتفاضة وثورة أصابهم بالصدمة، لذا فإن تأجيل أو إجراء الانتخابات لن يغير شىء في المشهد السياسي والشارع الذي يرفضهم مقدما".

الإغراء بالأموال

من جانبه قال الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء مؤيد الجحيشي، إن دعوة الصدر "مكشوفة ومعروفة" فيما يتعلق بهذا الأمر، حيث يهدف إلى "تفكيك التلاحم بين الثوار وسحب ما يستطيع من الرؤوس والقيادات وجرهم إلى ساحة "الأموال"، حيث أن معظم الثوار فقراء ولا يمتلكون مناصب ولا أموال.

وأضاف لـ"سبوتنيك"، إن الصدر يريد تفكيك قوى تلك الثورة وتسيسها وإنهائها، لافتا إلى أنه "قد ينجح في ذلك مع بعض الثوار وليس جميعهم، لأن الكثير منهم لم يستجب ليس لدعوة الصدر فقط، بل لم يستجيبوا لدعوات سابقة من (عادل عبد) المهدي و(نوري) المالكي (رئيسا وزراء سابقان) وحتى (رئيس الوزراء الحالي مصطفى) الكاظمي نفسه".

وتابع الجحيشي "في المقابل هناك الكثير من الفاعلين وليس القيادات في الاحتجاجات قاموا بتأسيس أحزاب بدفع ودعم من أحزاب موجودة بالسلطة".

وأشار الخبير الأمني إلى أن محاولة الصدر هى محاولة قد تنتهجها الأحزاب في كل دول العالم عندما يرون أن هناك كتلة أصبحت أكثر جماهيرية منهم، يسعون لتفكيكهم ويغرونهم بالمال للتخلي عن أفكارهم.

وكان مقتدى الصدر قد وجه دعوة للثوار من أجل الحوار ونبذ الخلافات، وهو ما قابلته تنسيقية تيار الثورة العراقية بالرفض بعد تأجيل الانتخابات.

وانطلقت شرارة الاحتجاجات في الأول من أكتوبر 2019 بشكل عفوي، ورفعت مطالب تنتقد البطالة وضعف الخدمات العامة والفساد المستشري والطبقة السياسية التي يرى المتظاهرون أنها موالية إما لإيران أو للولايات المتحدة أكثر من ولائها للشعب العراقي.