حارة الصالحية.. موطن الأحجار الكريمة بالقاهرة

الأحجار الكريمة
الأحجار الكريمة

>> الفيروز السيناوي والعقيق والمرجان واللازورد أهم الأنواع المصنعه من الأحجار الكريمة.

>> صاحب ورشة تصنيع أحجار كريمة بحارة الصالحية: نصنع الفازات من «الفيروز» وننقش على حجر «لازولي» بعض العبارات لنتأقلم مع كل ماهو جديد

>> «عم مسعد»: بعض الزبائن يشترون الأحجار الكريمة من أجل العلاج والبركة

شاهندة أبو العز

بجانب سبيل خسرو باشا بشارع المعز لدين الله الفاطمي وعلى بعد أمتار من مسجد الحسين، تجد لوحه قديمة ينقش عليها إسم «حارة الصالحية» إحدى حارات القاهرة الفاطمية، التي يمتد تاريخها إلي السلاطين والأمراء ويرجع إسم حارة «الصالحية»، نسبة إلى مدرسة الصالحية، التي تمر الحارة بين جدرانها، وهي المدرسة التي بناها الملك «الصالح نجم الدين أيوب» عام 641 هـ 1243م، كأول جامعة بمصر لدراسة المذاهب الإسلامية الأربعة ودارًا للقضاء.

وتُعد من أشهر الأسواق العالمية لصناعة الأحجار الكريمة وتجارتها، إذ يتوافد عليها الأجانب من دول العالم لشراء أشكال وأنواع من الأحجار الكريمة فهي مقصد الزائرين والمعالجين والنساء، فعند دخولك أعتاب الحارة  ستجد مئات المحلات التي تعرض بعضاً من الأحجار الكريمة كواجهه لمحلاتهم، حتى تأخذ أعين الماره وهي تتلألأ مع ضوء الشمس.

اختلفت الروايات عن دخول صناعة وتجارة الأحجار الكريمة بمصر فهناك قصص تتداول عن بدايتها على يد مصري يهودي، وأخرى على يد أحد الطلاب الصنين الذي أتى يتعلم بالأزهر الشريف وكان يسكن الحارة وأخرى عن سحق شجرة الدر مجوهراتها عندما شعرت بمؤامرة وإلقاءها بحديقة قصرها التي تطل أحد جوانب الحارة لتصبح بعد ذلك سوق للأحجار الكريمة في مصر.

«الأحجار الكريمة ملهاش موسم، لكن زاد الطلب عليها خلال الفترة الأخيرة من المهتمين بالعلاج بالأحجار الكريمة» بهذه الجملة تحدث مصطفى عزت  صاحب أحد محلات بيع الأحجار الكريمة بحارة الصالحية لـ«لأخبار المسائي» قائلا: «إن الأحجار كريمة تستخرج من الجبال والصحاري وتتشكل طبقاً لجيولوجيا الأرض التي تستخرج منها فمثلا تأتي من الصحراء الغربية النيازك، والعقيق البلدي من أسوان، بالأضافة إلي الفيروز السيناوي، والأمتيست ولابيس لازولي».

وأضاف «عزت» أن أسعار الأحجار الكريمة تختلف وفقاً لمعايير من النوع وإذا كان مستورد أم مصري، وطريقة تشكيله، إذا كان سيباع في صورة «إكسسورات» أم في صورة ديكور، فيبدأ سعر جرام من الفيروز السيناوي بـ50 جنيها.

ويقول أيمن عبده أحد العاملين بمحل لبيع الأحجار الكريمة إن حارة الصالحية تعمل في مجال الأحجار الكريمة منذ  أكثر من 35 عاماً حيث تشتهر بصناعة أحجار الفيروز السيناوي والعقيق والمرجان واللازورد كأهم أنواع في الأحجار الكريمة.

يعمل «عم أيمن» في حارة الصالحية منذ أن كان في منتصف العقد الثاني من عمره فتعلم أصول الحرفة على يد أحد الصنايعه القديمة بالحارة، عشق الأحجار الكريمة وعرف أنواعها وتميز في التفرقة بين الأصلي والمغشوش، مشيراً إلى أهمية صناعة الأحجار الكريمة الأصلية بمصر والتي تجوب العالم حيث يتم تصدير بعض منتجات إلى دول الخليج ويزداد الطلب على بعض المنتجات مثل السبح المصنوعة من أحجار العاج الطبيعي والفيروز.

وأضاف «عم أيمن» أن أسعار الأحجار تتفاوت، من نوع إلى آخر، ولكن الإقبال يكون كبيراً على شراء الأحجار الكريمة المذكورة في القرآن الكريم اعتقاداً أنها تحمل فائدة كبيرة وتقيهم من الشرور، مثل الياقوت والمرجان واللؤلؤ، لافتاً إلى أن التجار يستوردون الأحجار من البرازيل والهند والصين وباكستان.

ويقول عبدالله أحمد أحد العاملين بمحلات الأحجار الكريمة بشارع الصالحية، إن الشارع يأتي له فئات مختلفة من المهتمين بمجال الأحجار الكريمة، أغلبهم من الفتيات والسيدات المهتمين بالحلي ويستخدمونها في تصميم الإكسسوارات الشخصية، وآخرين من أصحاب المشاريع الصغيرة التي يستخدموها في الديكور بجانب الذين يهتمون بمجال الطب البديل واستخدام الأحجار الكريمة في علاج الطاقة السلبية.

ولفت «عبدالله» إلى أن السائحين يأتون إلي الحارة من أجل شراء قطع من الأحجار الكريمة وذلك لشهرة الحارة بيبع كل أنواع الأحجار الكريمة المصرية ذات عبق وتاريخ ومنهم الروس والإسبان والصينيون، وهناك بعض السائحين المهتمين بخطوط الموضة العالمية يأتون لشراء الأحجار الكريمة مثل الفيروز السيناوي لدمجها في الملابس لإضفاء قيمة عليها، مشيراً إلى استخدام هذه الأنواع من الأحجار في صناعة وأدوات التزيين، موجود في مصر منذ الفراعنة.

بينما يقول سامح محمد أحد العاملين بإحدى محلات تجارة الأحجار الكريمة، إنه يعمل في هذا المجال منذ 25 عامًا، حيث يقوم صاحب المحل باستيراد الأحجار الكريمة كمادة خام، من البرازيل واليمن والبعض الآخر الذي يتم استخراجه من مصر ثم يتم تشكيلها في الورشة الملحقة للمحل، عن طريق التقطيع و«التحكيك» ويعني النحت حيث يتم عمل بعض الحلي وجزء أخر يتم نحته في بعض أعمال ديكور والزينه فتعد أكثر الأشياء التي يقوم بشراءها الزبائن.

وأضاف أن النوع الواحد من الحجر ممكن أن يختلف شكله من بلد لبلد، فمثلا يختلف شكل الفيروز السيناوي عن المكسيكي عن الفيروز الأمريكاني ولكل حجر أستخدام شائعاً فالعقيق أكثر استخدامًا في فصوص الأكسسوارات.

بينما يقول «عم مسعد» أحد العاملين بمجال بيع الأحجار الكريمة بحارة الصالحية أن هناك جزء كبير من الزبائن يقومون بشراء الأحجار الكريمة من أجل العلاج والبركة، «بيقولوا بيفك الضيق» فهناك بعض الزبائن الذين يخضعون للعلاج بالطاقة والأحجار الكريمة يأتى ومعه روشتة طبيب معالج لطلب نوع معين من الأحجار الكريمة.

ويؤكد «عم مسعد» أن هناك طاقة شفائية لكل نوع من أنواع الأحجار الكريمة، فهذه الطاقة الشفائية تعتمد بالأساس على ما أسماه «7 شاكرات» وهي مركز لنشاط يستقبل ويستوعب ويعبر عن قوة طاقة الحياة، وتتكون من 7 مراكز للطاقة موزعة على جسم الإنسان، ومعالجة هذه المراكز السبعة هى ما يبحث عنه عدد كبير من الزبائن فى حارة الصالحية.

وعن نوعيات الأحجار الكريمة المعروضة، أشار «عم صبحي» أحد العاملين بمحلات الأحجار الكريمة، إلى أن السوق غني بمجموعة كبيرة من الأحجار الكريمة وشبه الكريمة، بالإضافة إلى الأحجارالصناعية، فتجد بين المعروضات أحجار الزُمرد والمُرجان والفيروز واللؤلؤ والتوباز والأماتيست والفيروز والعقيق والسترين والجاسبر والجشمت والجاد والعقيق بأنواعه ولكن الخبرة هي التي تجعلك تفرق بين المغشوش والأصلي.

«عايزة مال قارون وصبر أيوب».. بهذه الكلمات وصف عم محمد عيسى مهنة صناعة الأحجار الكريمة فظل يعمل في ورشته الصغيرة التي تتكون من طابقين أحدهم علوي بيه بعض المعدات الصغيرة التي يستعملها في تشكيل وطابق السفلي لتخزين الأحجار بعد تشكيلها أكثر من 64 عاماً، حتى باتت كفوف يديه تعرف اصول الحرفه على ظهر قلب.

ويقول «عم محمد عيسى» صاحب ورشة تصنيع، إن الحجر يشكل على أكثر من مرحلة تبدأ بالتقطيع حيث يأتي الحجر على شكل «مادة خام» إذا رأيتها للوهلة الأولى لا تعتقد أنه حجر نفيس، ومن ثم تبدأ المرحلة الثانية وهي «الحك» والتشكيل على حسب رغبه الزبون لتأتي دور المرحلة الثالثة وهي التنعيم فطبيعة الأحجار الخشونة، لذلك لابد من أن يكون أملس عند استخدامه، وننتهي بمرحلة البودرة للتلميع.

وأضاف «عم محمد» أن الحرفه بدأت تتدهور بعد تتدخل الصين بها حيث أصبحت تصنع الأحجار الكريمة بأسعار منخفضة، مما جعل المواطنين تقبل عليها قائلاً: «الزبون بدأ يقول أجيب الرخيص في ظل أرتفاع اسعار المعيشة».

وأشار «عم محمد» إلى أن مهنة الأحجار تنطبق عليها جملة «كل شئ وفي الجديد» فمع الوقت أصبحت المهنة تتخذ أشكال جديدة لكي تظل في ساحة السوق فبدأنا نصنع «الفازات» من حجر الفيروز، ويتم النقش على حجر لأبيس لازولي بعض العبارات التي يستحسنها الزبون، بالأضافة إلي أدخال الأحجار الكريمة في أدوات الاهتمام بالبشرة «والبيوتي سينتر». 
جولة داخل الصاغة أكبر سوق للذهب فى مصر