«محمد لاظوغلي باشا».. حكاية تمثال في منطقة الوزارات بالقاهرة

تمثال  لاظوغلي
تمثال لاظوغلي

يقول الباحث الأثري محمود الجيزاوي، إن منطقة مباني الوزارات بالقاهرة تشتهر بتمثال لاظوغلي الموجود في ميدان يحمل أسمه.

وأوضح الجيزاوي أن «محمد لاظوغلي باشا» جاء إلى مصر برفقة محمد علي باشا عام 1799 ليشترك في الحرب ضد الفرنسيين في معركة «أبو قير» البرية لحساب الامبراطورية العثمانية التي كانت تشمل مصر واليونان.

شاهد أيضا : «الآثار»: الانتهاء من مشروع تحديث وتطوير أنظمة الإضاءة الليلية بشارع المعز

وأضاف الجيزاوي، أنه بعد خروج الفرنسيين أدرك محمد علي أن السلطة في مصر أصبحت مطمعا لأطراف ثلاثة أولهم الأتراك حيث مقر السلطة في الآستانة، والمماليك الذين استعانت بهم الامبراطورية العثمانية لتمثيلها في مصر  والإنجليز الذين احتلوا مصر عام 1882 .

وكان من ذكاء محمد علي عدم انضمامه إلى أي طرف من هذه الأطراف الثلاثة عندما لمح قيام حركة شعبية للمصريين بزعامة عمر مكرم انضم إليها، ووصل الأمر إلى مناشدته تولي حكم مصر، وكان أول ما فعله مطاردة المماليك والقضاء عليهم في مذبحة القلعة عام 1811 .

كان لاظوغلي باشا من الذين أعتمد عليهم محمد علي وأصبح الرجل الثاني بعد محمد علي بمكانة رئيس الوزراء المهيمن على شؤون مصر لمدة 15 سنة، ورغم المنصب الكبير الذي كان لاظوغلي يشغله والمدة الطويلة التي أستمر فيها، فإنه كان عازفا عن الشهرة والأضواء، غير مهتم بذكر أسمه أو تمجيد أعماله وإنجازاته، فلم تسجل له صورة واحدة، إذ كان الأمر يقتضي أن يقف أمام أحد الرسامين ليرسم صورته، وهو ما حدث لآخرين، ولكن لم يحدث من لاظوغلي.

ولم يتم اكتشاف هذه الحقيقة إلا في عام 1869 عندما قرر الخديوي إسماعيل إضفاء لمسة حضارية على ميادين مصر بإقامة تماثيل لكبار الشخصيات في الدولة في عهد محمد علي.

وتكليف المثال الفرنسي جاك مار بصنع تمثال للاظوغلي باشا باعتباره من أهم الشخصيات التي خدمت مصر في ظل محمد علي، وبحث جاك مار عن صورة للاظوغلي ولكن كانت المفاجأة عندما اكتشف عدم وجود صورة واحدة في أي وضع من الأوضاع.

وانتقل البحث بعد اليأس من العثور على الصورة على من يشبه لاظوغلي باشا كي يستمد منه الرسام ملامح الشخصية التي يصورها.

وبدأ الأصدقاء والمعارف يدورون، ويبحثون حتى عثروا على رجل يعمل «سقا» في توصيل المياه إلى البيوت عن طريق «قربة» يحملها على ظهره يدور بها على البيوت، ويملأ لهم الصفائح والأواني.

ولم يكن هناك حل آخر.. فقد فوجئ «السقا» الفقير وهم يطلبون إليه خلع ملابسه الفقيرة وارتداء الملابس الفخمة مثل التي كان يرتديها الباشا لاظوغلي، ويقف منفوخا أمام المثال والعمامة فوق رأسه والسيف يتدلى من جانبه.

وبعد عدة ساعات قام فيها «السقا» الغلبان الذي لم يذكر التاريخ اسمه، استوحى المثال ملامح التمثال الشهير، واختفى السقا بعد أن قام بدوره، وبقي تمثال لاظوغلي ينطق بشهرة صاحبه التي لم يسبق أن ترك صورة واحدة، ومع ذلك أصبح تمثاله حقيقة تاريخية لا يستطيع أحد أن ينكرها!