القرصنة الإلكترونية «لعبة الكبار» لضرب اللقاحات

القرصنة الإلكترونية «لعبة الكبار» لضرب اللقاحات
القرصنة الإلكترونية «لعبة الكبار» لضرب اللقاحات

تقرير : أميرة شعبان − نوال سيد عبدالله

برزت خلال عام 2020 أهمية "الأمن الالكترونى بالقطاع الصحي" بشكل كبير وذلك بعد تفشى جائحة كورونا بوتيرة سريعة، مما جعل الخبراء يتوقعون أن عام 2021 سيشهد استمرارا وتطورا للأخطار الالكترونية، إذ تمثل تهديدات الدول والمجرمين للأنظمة الصحية مصدر خطر متنامٍ.

وجاء ذلك بعد أن لعبت عملية التجسس والقرصنة دورا كبيرا فى الحروب على اللقاحات بين الدول الكبرى، ففى يوليو الماضى اتهمت المملكة المتحدة الاستخبارات الروسية باستهداف الأبحاث، بما ذلك أبحاث لقاح أُكسفورد، فى حين وجهت الولايات المتحدة اتهامات بأنشطة مماثلة لقراصنة صينيين.

وبحسب تقرير نشرته شبكة الـ "بى بى سي فإن ظهور مفهوم "قومية اللقاح" أدى إلى طرح تساؤلات من قبل مسؤولى الأمن والاستخبارت حول إمكانية سعى بعض الدول لتقويض جهود دول أخرى فى المضى قدما.

وأكد التقرير أن تونيا يوغوريتس، المسؤولة فى مكتب التحقيقات الفيدرالى "إف بى أي"، قالت أمام القمة الإلكترونية لمعهد أسبن مؤخرا: "من الممكن أن تكون محاولة لسرقة الملكية الفكرية لأغراض مالية، ومن الممكن أن تكون بغرض تقويض الثقة أو لصالح تطوير دولة أخرى للقاح".

وأضافت "نرى أن الدول الأكثر عداءً لا تعتمد على طريقة واحدة لاستهداف سلسلة الإمداد، بل تجمع بين الوسائل الإلكترونية وطرق التجسس التقليدية وتلك التى تعتمد على العناصر البشرية".

ومن ضمن الأساليب التى نوقشت كثيرا، النشر المتعمد للمعلومات المضللة على الإنترنت بشأن اللقاحات أو التشكيك فى إجراءات السلامة والاختبار.

وكان قد دعم اللواء 77 بالجيش البريطانى تحقيقاً أجراه مكتب رئيس الوزراء حول ما إذا كانت دول أجنبية تروج للمخاوف المناهضة للقاحات داخل المملكة المتحدة.

وقال الجنرال باتريك ساندرز رئيس القيادة الاستراتيجية بالجيش البريطانى خلال فعالية لمعهد تشاتام هاوس مؤخراً إن أغلب هذه المخاوف محلية المنشأ.

ولمح أيضا إلى إمكانية القيام برد قابل على مثل هذه الأفعال، قائلا : "عندما يتم تأجيج هذه المخاوف من الخارج، سنتصرف، وعندما يكون هناك دور يمكن لقوة الأمن الإلكترونى أن تقوم به، فسيتم ذلك".

ذكر تقرير البى بى سى أن التحدى اللوجيستى الهائل الخاص بطرح اللقاحات يواجه خطر تعطيل السلاسل المعقدة للإمدادات، كما تشكل برامج الفدية الإجرامية (برامج فيروسية تعطل الأنظمة الإلكترونية وتمنع مستخدميها من الوصول إلى بيانتهم، ويطالب مصنعوها بفدية مقابل إبطال عملها) تهديداً فى وقت زاد فيه الوباء من اعتمادنا على التكنولوجيا

وأشار إلى أنه ربما يجلب توزيع اللقاحات المختلفة المضادة لفيروس كورونا قدراً من الارتياح، لكنه يحمل معه كذلك تحدياً كبيرا، فالعديد من الأطراف المنخرطة فى الأمر لم تضطر فى الماضى إلى التفكير ملياً فى الأمن.

ويمتد نطاق سلسلة الإمدادات العالمية المعقدة للقاحات ما بين المصانع فى دولة ما إلى الثلاجات (المستخدمة لخزنه) المتصلة بالإنترنت فى دول أخرى، ومن شأن ذلك أن يشكل ضغطاً جديداً على عيادات الأطباء وأنظمة تكنولوجيا المعلومات، وفى بعض الأحيان على صغار الموردين الذين يلعبون دوراً حيويا.

وقالت شركة آى بى إم إنها رصدت بالفعل ما يشتبه فى أنهم قراصنة تابعون لدولة استهدفوا "سلسلة التبريد" التى تستخدم للحفاظ على الإمدادات فى درجة الحرارة المناسبة أثناء النقل.

وفى المملكة المتحدة قام المركز الوطنى للأمن الإلكترونى −الذى سارع إلى تأمين أبحاث اللقاحات حين بدأ تفشى الوباء− بتركيز جهوده على توزيع اللقاح من ذلك الحين.

وعلى الأقل، لم تعد التحديات المتعلقة بقضايا التجسس الإلكترونى جديدة بالنسبة لشركات الأدوية العملاقة، والتى بدأ مسؤولوها الأمنيون فى التفكير جدياً فى الأمر بعد حملة تجسس ضخمة فى ربيع عام 2010. غير أن القضايا المتعلقة بالوباء زادت من أهمية القطاع.

يقول الخبراء إنه رغم المخاوف بشأن الدور الذى تقوم به دول، تظل برامج الفدية الإجرامية −التى تمنع الأشخاص من استخدام أجهزة الكمبيوتر والبيانات الخاصة بهم لحين دفع المال− تهديداً أكثر خطورة واستمرارا.. فمنذ تفشى الوباء تحدثت عصابات إجرامية عن أنها لن تستهدف القطاع الصحي، لكن ذلك لم يستمر، بل تضاعف عدد الهجمات.

ويقول تقرير حديث لشركة بوزيتيف تكنولوجيز للأمن إن نصف الهجمات الإلكترونية التى استهدفت أنظمة الرعاية الصحية بين شهرى يوليو وسبتمبر 2020 كانت باستخدام برامج الفدية الإجرامية.

وكانت المستشفيات الأمريكية قد تضررت أكثر من نظيراتها البريطانية، ويُعتقد أن ذلك يرجع إلى أن العصابات الإجرامية تعتبرها أغنى من المستشفيات التابعة لنظام الخدمة الصحية الوطنية فى المملكة المتحدة.. فخلال 24 ساعة فقط فى شهر أكتوبر، تلقت ست مستشفيات أمريكية طلبات بدفع فدية تصل لمليون دولار، مما أدى إلى إلغاء بعض العلاجات لمرضى السرطان.

ويقول غريغ غارسيا المدير التنفيذى لمجلس تنسيق القطاع الصحى التابع للأمن الإلكترونى الأمريكي: "قطاع الرعاية الصحية بات هدفاً كبيراً وغنياً ومغريا".

وأضاف "يبدو الأمر وكأن المجرمين حولوا تركيزهم عن قطاع الخدمات المالية".