ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي إلى 40 مليار دولار

د. خالد الشافعى
د. خالد الشافعى

 كتبت- أسماء ياسر

استطاع الاقتصاد المصرى مواجهة تداعيات كورونا، واستيعاب أثر الصدمة المالية العالمية التى حدثت بسبب تلك الأزمة، فقد سجل الاقتصاد المصرى ارتفاعا فى احتياطى النقد الأجنبى، حيث أكد البنك المركزى أن صافى الاحتياطيات الأجنبية ارتفع ليسجل إلى 40.063 مليار دولار فى ديسمبر 2020 مقابل 39.222 مليار دولار فى نوفمبر 2020، بارتفاع قدره نحو841 مليون دولار، وفى ظل التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا فإن المتوسط الحالى للاحتياطى من النقد الأجنبى يغطى نحو 8 أشهر من الواردات السلعية لمصر، وهو أعلى من المتوسط العالمى البالغ نحو 3 أشهر من الواردات السلعية، بما يؤمن احتياجات مصر من السلع الأساسية والاستراتيجية.

وقال د. خالد الشافعى الخبير الاقتصادى ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إن ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى  إلى أكثر من 40 مليار دولار يعتبر مقبولًا للغاية فى ظل أزمة فيروس كورونا، التى تسببت فى تأثر الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى لينخفض من 45 إلى 37 مليارا قبل أن يعود للارتفاع مجددًا بعد لجوء مصر إلى تقوية الاحتياطى بمصادر تمويل جديدة، حيث أن الدولة المصرية تسعى لتنويع مصادر التمويل وتخفيض تكلفة الاقتراض والاعتماد أكثر على طرق استدانة أقل فى تكلفتها وطرح سندات بالعملات الأجنبية لتدعيم الموازنة العامة ودعم الاحتياطى النقدى، بالإضافة إلى العديد من التمويلات الجديدة التى حصلت عليها مصر وساهمت فى احتواء تداعيات الجائحة التى تضررت منها كبرى الاقتصادات العالمية.

وأكد الشافعى، أن أهم تلك التمويلات الحصول على قروض عاجلة من صناديق الاستثمار الأجنبية وصندوق النقد الدولى، مما جعل الاحتياطى النقدى يعود مرة أخرى للتعافى وتأمين احتياجات الدولة من العملة الأجنبية، لافتًا إلى أن الموافقة على منح مصر قروضا يدل على ثقة المؤسسات المالية الدولية بالسياسات الاقتصادية المتبعة، وقدرة مصر على التعامل مع الأزمات، مشيرًا إلى أن ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى ساهم بشكل كبير فى احتواء الأثر الاقتصادى لجائحة كورونا بل أيضًا تم تحقيق نجاحات وإنجازات مبهرة.

وأوضح د. هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، أن ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى فى ظل تداعيات أزمة كورونا يرجع الى عدة أسباب أهمها أن مصر منذ بداية الجائحة كان لديها تقدير موقف للاحتياطى الأجنبى المتوافر والمتوقع خسارته بسبب فيروس كورونا، وبالفعل بدأت الحكومة فورًا بتنسيق كامل مع البنك المركزى بالتحرك وتوفير مصادر بديلة للنقد الأجنبى، وذلك على أكثر من مستوى بداية من الأسواق الدولية، حيث تم طرح سندات والاقتراض من صندوق النقد الدولى مرتين، وبالتالى تم مبكرًا استعادة النقد الأجنبى الذى كان من المفترض أن نفقده، وارتفاع الاحتياطى النقدى مرة أخرى بعد أن تراجع صافى الاحتياطات الدولية مع بداية تفشى الجائحة فى مصر من مستوى مرتفع قدره 45 مليار دولار، ليبدأ بعد ذلك فى التعافى والارتفاع تدريجيًا ليصل فى شهر ديسمبر الماضى 40 مليار دولار.

وأضاف أستاذ التمويل، أن ارتفاع الاحتياطى النقدى ساعد أيضًا فى انضباط سعر الصرف بشكل جيد جدًا، مما ساهم فى انخفاض معدلات التضخم وعدم ارتفاعها بالرغم من أزمة فيروس كورونا، فضلًا عن أنه ساعد على عدم وجود أى نقص فى السلع الأساسية التى تحتاجها الدولة، وبالتالى ضبط الأسعار وعدم ارتفاعها والتأثير على المواطنين، لافتًا إلى أن الاحتياطى النقدى بدأ فى التعافى أكثر منذ يونيو الماضى بعد أن اتخذت الدولة القرار بتخفيف حدة الإجراءات الاحترازية، وإعادة النشاط السياحى واستمرار النشاط الاقتصادى وعدم توقفه، وكل ذلك ساهم فى أن المشروعات الاقتصادية التى كانت تتجه للانخفاض بدأت مرة أخرى فى الارتفاع، وأدى ذلك إلى زيادة ثقة مؤسسات الاستثمار العالمية للعودة بشكل أقوى لمصر، وجذب استثمارات جديدة، وبالتالى بدأ تدفق النقد الأجنبى فى العودة وزيادة الاحتياطى النقدى.

وأشارت د. بسنت فهمى الخبيرة المصرفية وعضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إلى أن احتياطى النقد الأجنبى مهم للغاية، لأنه يُعد العمود الفقرى للاقتصاد وكلما ارتفع جعل الدولة أكثر استقرارًا وأمانًا، لأنه يلبى الاحتياجات الأساسية التى تتمثل فى سداد الالتزامات والديون، بالإضافة إلى استرداد المواد الخام اللازمة لعمل العديد من المصانع واستيراد السلع الأساسية والاستراتيجية من الخارج لتغطية الشهور القادمة، وأيضًا دفع العوائد وجذب الاستثمارات الأجنبية، مؤكدة أنه على عكس باقى الدول التى تضررت بسبب تداعيات الجائحة إلا أن أزمة فيروس كورونا أثبتت قوة الاقتصاد المصرى، وكانت بمثابة توعية مهمة لمعرفة أهمية الاقتصاد وكيفية الحفاظ عليه من أى تداعيات مستقبلية، علاوة على أن الأزمة ساعدت على تحقيق العديد من الإنجازات فى العديد من المجالات المختلفة ومراعاة كل فئات المجتمع.