الحنفي:

«العقد صحيح والشرط باطل».. حكم اشتراط عدم وقوع الطلاق الشفوي

د.  فتحية الحنفى
د. فتحية الحنفى

أكدت الدكتورة فتحية الحنفي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن شرط عدم وقوع الطلاق الشفوي في وثيقة الزواج "باطل" وأن العقد صحيح لكن الشرط باطل.

وتابعت: "الطلاق الشفوي يقع إذا كان الزوج قاصدًا بذلك الانفصال، وقال لزوجته (أنت طالق)"، وأوضحت أن مسألة عدم وقوع الطلاق الشفوي رأي شخصي لقائله، وليس عليه إجماع فقهي ورفضه الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء.

وأكدت: "مسألة الفروج لا اجتهاد شخصيا فيها لما فيها من آثار تتعلق بالحياة الزوجية، وأنه لو أن زوجين اشترطا في عقد الزواج أنَّ الطلاق الشفهي بينهما غير واقع، فهذا الشرط مُنافٍ لما تواترت الأمة عليه عِلمًا وعملًا، وحيث خالف الشرطُ الشرعَ فيكون الشرط باطلا ولا عِبرَةَ به، فإنْ طلق هذا الرجل امرأته شفهيًا فطلاقه معتَبرٌ ثم إن صحَّ له وقوع ثلاث طلقات شفهيات بشروطهن فعاشرها بعد ذلك فقد وقعا فى الحرام معًا".

وأضافت: "لو طلقها يعتبر الشرط -عدم وقع الطلاق الشفوى- لاغيًا ويعتد بهذا الطلاق وتحسب مطلقة سواء أكانت طلقة أولى أو ثانية وله حق المراجعة فى فترة العدة لبقاء آثار الزوجية، أما إذا لم يراجعها حتى انتهت مدة العدة فلا تحل له إلا بعقد جديد ومهر جديد".

وعن اعتبار القول بعدم وقوع الطلاق الشفوي بأنه اجتهاد أوضحت: "معنى اجتهاد هو بذل الجهد لاستخراج الحكم الشرعي، والاجتهاد من شخص بمفرده لتقرير حكم يخص الأمة الإسلامية في تحقيق مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو حفظ العرض والنسب لا يجوز، بل لابد من اجتماع أهل الحل والعقد على أمر مثل هذا، وهذا يتمثل في هيئة كبار العلماء بالأزهر ومجمع البحوث الإسلامية، ودار الإفتاء المصرية، التي أكد المسئولون عنها وقوع الطلاق الشفوي".

وتابعت: "الله تعالى شرع النكاح وأحاطه بسياج من السكن والمودة والرحمة لتحقيق السعادة الزوجية بينهما، قال تعالى: "وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا" (سورة النساء: 21)، ولهذا العهد الوثيق بين الزوجين كانت ديمومة عقد النكاح، أي أنه عقد غير مؤقت بمدة لما يترتب عليه من آثار، ولا يجوز اشتراط شرط فيه لا يتفق وطبيعة العقد، لأن هناك شروطًا تتفق وطبيعة العقد كشرط النفقة والسكن لأن هذا حق طبيعي للزوجة، وكذا طاعة الزوج فيما ليس فيه معصية الله -عز وجل-.

وأضافت: "أما ما يشترط عند العقد وهو أن الطلاق الشفوي لا يقع، فهذا أمر سابق على العقد لأنها لم تكن بعصمته بالشرط لم يصادف محله، كما أن الطلاق أمر مكروه ولا يجوز اللجوء إليه إلا إذا نفدت كل الطرق الموصلة إلى الإصلاح، فكيف اشترط ما هو مكروه عند العقد في الوقت الذي ننشد فيه السعادة ودوام العشرة بينهما، كما أن اشتراط عدم وقوع الطلاق الشفوى عند العقد أمر يفسد الحياة بينهما بعد الدخول، والتلاعب بألفاظ الطلاق ليل نهار بينهما بحجة هذا الشرط الفاسد فى العقد، مع العلم أن حكم الطلاق الشفوى باللفظ الصريح مجمع على وقوعه عند علماء الأمة، فقد أقرت هيئة كبار العلماء بوقوع الطلاق الشفوى من الزوج البالغ العاقل الذى توافرت لديه الأهلية الكاملة مع الإشهاد عليه وتوثيقه".