في زمن وباء كورونا.. الطريق للآخرة «مفروش بالاستغلال»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

4000 جنيه سعر غُسل المتوفى بالفيروس.. والدفن بـ2500 جنيه

تُربي: الدنيا غليت علينا.. ونتعرض للخطر مع دفن حالات الكورونا

مدير إدارة الجبانات بالقاهرة: ندرس تعديل العائد المادي للتربي لمواكبة الغلاء
 


تبدأ الرحلة إلى الآخرة، مع استخراج شهادة الوفاة، وصدق من قال «مصائب قوم عند قوم فوائد»، هناك من يجد لنفسه مصلحة و"أكل عيش" من ذلك، سواء من يبيع الأكفان أو يقوم بالغسل والترابية الذين يعيشون على دفن الموتى، يكون هو مصدر الرزق الأساسي لهم.

 

 

تتزايد أسعار شراء الكفن والغسل والدفن، وازدادت الأسعار أكثر في ظل انتشار فيروس كورونا، فأصبح هناك استغلال لتلك الظروف..

 

«دفعت 700 جنيه في غُسل والدى، وسيارة نقل الموتى عمله وفرها لنا، بصراحة شوفت استغلال للموت، خاصة أن أهل المتوفى مش بيبقوا مركزين فى حاجة وقت الموت» كانت كلمات على عماد متحدثًا، عن استغلال الوضع أثناء الموت، وزيادة الأسعار بشكل مبالغ، حتى في المستشفيات، مؤكدا أن المغسل يطلب «وهبة الميت» زيادة على سعر الغسل نفسه.

 

وقال أحد المغسلين، إنه يقوم ومجموعة من زملائه بالتغسيل والتكفين مجاناً، وأنهم في حالة تغسيلهم وتكفينهم للمتوفي بكورونا يقومون باتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية لحمايتهم، قائلاً: «الخوف مش من الميت، الخوف من أهله لو حد منهم حامل المرض».

 

وتابع: «أنا بروح أغسل وأكفن في بعض المستشفيات، بس أهل المتوفى بيأكدوا أنهم دفعوا فلوس، بالرغم أننا لا نتقاضى أي مبالغ»، مؤكداً أن عمال المغسلة يسترزقون من أهل المتوفى، ولكن لا يوجد إيصال من المستشفى لذلك.

 

اقرأ أيضا| شركات الأدوية زائر دائم للقرية.. «صفط الغربية» جنة النباتات العطرية والطبية بالمنيا

 

 

وأضاف قائلاً: «في ناس أيام الكورونا بيغسلوا بـ4000 جنيه، بيستغلوا الموقف ويستفيدون من المصايب، وكمان في ناس بتبيع الأكفان وبيرفعوا السعر على أهل المتوفى، وصل سعرها لـ 250 جنيهاً، المفروض الحاجات دي مش بتاعة تجارة، لكن في ناس بيتاجروا في أسعار الأكفان والغسل».

واستكمل: «عند دفن الجثمان، تبدأ رحلة استغلال الترابية لأهل المتوفى برفع سعر الدفن وفتح المقبرة، وكل تربي يحدد السعر على حسب «مزاجه الشخصي»، وصل سعر الدفن في بعض المقابر إلى 2500 جنيه».

 

وقالت بسمة محمود: «آخر مرة كنا بندفن ابن عمى.. التربي طلب منى 2500 جنيه، وبعد نقاش طويل وافق على 1700 جنيه، بيقولوا عشان العمال وفتح التربة، وكمان حالات كورونا بياخدوا منها فلوس أكتر عشان بتكلفهم إمكانيات في التطهير، بصراحة هما بيستغلوا الوضع بشكل صعب أوي، ومش بيحسوا بأهل الميت، كل همهم يلموا فلوس، وكمان المقرئين والعيال الصغيرة بيتلموا حوالينا».

 

وأشارت إلى أن زيارة المقابر حاليًا أصبحت تحتاج لمبالغ كثيرة «عشان نقدر نروح نزور»، فى كل مرة التربى يطلب 100 جنيه له فقط، فضلاً عن المبالغ التى يتم توزيعها للعمال والمقرئين، «ودلوقتى محدش بيقبل بالفكة»، قائلة: «خلونا بنفكر ألف مرة قبل ما نروح زيارة المقابر، الزيارة الواحدة بتكلفنا أكتر من 200 جنيه».

 

وفي مقابر باب الوزير، أكدت شقيقة تربى بالمنطقة، أن الأسعار ارتفعت كثيراً في الوقت الحالي، والترابية والمساعدين والعمال يعيشون حياتهم على دفن الموتى والزيارات للمقابر، وأزمة كورونا تمثل مشكلة كبيرة.

 

قالت: «إحنا بنتعرض للخطر أكثر من أى حد، لأن حالات الوفاة بالكورونا تتسبب فى مخالطتنا لأهل المتوفى، وبالتالى هذا يعرضنا لخطر الإصابة، وطبعاً بنعمل حسابنا بالمطهرات والماسكات والجوانتيات، وكل ده بيكلفنا كتير،وأهل الميت هما اللى بينزلوا بالأمانة مش حد مننا».

 

وتابعت: «الدنيا غليت واحنا عايشين على وهبة الميت، ومش بنستغل أهل المتوفى، هما بيراضوا العمال، يعنى كل مساعد يوميته 200 جنيه، والدفنة بتحتاج على الأقل 2 مساعدين، غير المقرئين والفراشة إللى بنجهزها للناس، يعنى مش أقل من 800 جنيه فى الدفنة لأصحاب المقابر الخاصة، لكن الجمعيات يكون الدفن لهم أرخص لأنهم يأتون بحالات يومياً».


وعلى الجانب الآخر، يقول وليد محمد مدير إدارة الجبانات بمحافظة القاهرة، إن التربى مُعين بدون أجر، وكل تربى له 3 أو 4 مساعدين، لمساعدته فى حفر المكان وتهويته، والمصدر الوحيد للتربى فى الرزق هو حصوله على السنوية أو نصف أو ربع سنوى، أو شهري، ويرجع ذلك للاتفاق مع صاحب المدفن للورثة. وأكد وليد أن عملية الدفن منظمة، والمبالغ المحددة لها تحتاج للمراجعة، لأنها من عام 2011 وهى 250 جنيهاً، والجمعيات 200 جنيه، مع زيادة 5%، ويعتبر المبلغ المحدد غير كافِ، ويحتاج للمراجعة، وفي انتظار تحديد مستشار رئيس لجنة الترابية المحدد من قبل وزارة العدل، من خلال مخاطبة الوزارة وسوف يتم تعيين أحد المستشارين أو اثنين منهم ، كل واحد منهم مسؤول عن منطقتين، هذه المناطق تحوى عدداً كبيراً من الجبانات، يبدأوا فى البت فى هذه الطلبات المقدمة سواء ترابية للتعيين، فيخضعون للجان.

 

وقال مدير إدارة الجبانات إن هناك شروطاً للقبول هى أن يكون مُلم بالقراءة والكتابة ويكون مُلم بعمليات الدفن الشرعية، وأى طوارئ، مثل حالات الكورونا ، السن لا يزيد على 45 أو 50 سنة ويكون جيد التعليم لأن فكرة الاستيعاب والتعليم تفرق فى التعامل مع المواطنين، مضيقا: «لايوجد لدينا ترابية سيدات، وفى بعض المناطق تتم الاستعانة بهن، فى حالة عدم وجود التربى،تكن موجودات بشكل ثابت فى المكان، والتربى يكون على علم بالطرق الشرعية للدفن سواء رجلاً أو سيدة».

 

وأكد أن العائد المحدد للتربي سوف يتم تعديله بما يواكب التطورات الحالية الموجودة وبما يناسب، ولايكون به جشع، وتكون مقننة وواضحة، وقيد التفكير وجود إيصالات تحصيل لسعر الدفن، ولكن سيتم ذلك بعد تحديد تعريفة مناسبة تكفي التربى ومن معه، وهذا نتوقعه مع تعيين المستشار الجديد للجنة.

 

 

وقال محمد: «لدينا 42 جبانة كبرى، كل جبانة من 50 إلى 90 منطقة، وكل منطقة معين عليها تربي، فى حالة وفاة التربى من الممكن الاستعانة بتربى من المنطقة المجاورة كإشراف حتى يتم تعيين تربى جديد، لأن الجلسة التى يتم عقدها تكون كل 21 يومًا أو شهراً، والأولوية تكون لأولاد أصحاب الشأن الموجودين فى المكان لمعرفتهم بالمكان». 

 

وقال مدير إدارة الجبانات، إن أي شكوى للتربي أو المساعد تتحول للمستشار رئيس لجنة الترابية يكون بها قرارات تأديبية سواء بالإيقاف أو الإنذار أو الفصل، وبالفعل يوجد بعض الترابية تم فصلهم بسبب مخالفات جسيمة حدثت مثل البناء فى المكان بدون ترخيص أو استغلال أراض فارغة لأنها تكون اعتداء على أراضى أملاك دولة، يتم عمل محضر فى التربى واتخاذ الإجراءات القانونية ويتحول للفصل، وبعد كده الإجراءات القضائية على الشخص نفسه أنه قام بجرم، أيضاً يوجد بعض المخالفات المالية مثل البناء أو الترميم بدون ترخيص ويتم تغريمه غرامات مالية.