التجربة الصينية مع جائحة كورونا..! 

ممدوح الصغير
ممدوح الصغير

قد يكون هذا الشتاء هو الأصعب علينا، ندعو الله أن نتجاوزه بأقل الخسائر، فى ظل ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، وهذا الارتفاع ليس فى مصر فقط، بل إن هناك دولًا كانت تتفاخر بتقدُّمها فى المجال الصحى، والآن تصرخ من توحش الجائحة، خصوصًا دول القارة العجوز أوروبا.

من غرائب الأرقام التى سبَّبت حيرة العلماء، أن الصين أول من ظهرت بها الجائحة وإصاباتها أقل من 90 ألف حالة، ولم تزد خلال 11 شهرًا عن 6 آلاف إصابة، رغم أنها كانت منبت ونشأة الفيروس، كما أن الوفيات فيها طبقًا للإحصائيات التى نشرتها منظمة الصحة العالمية لم تتخطَ 5 آلاف حالة وفاة.

الهند تُلاصق الصين فى الحدود، والإصابات فيها تخطَّت 10 ملايين، والوفيات قاربت 150 ألف حالة وفاة، وعدد سكانها مقاربٌ لجارتها الصين، وفى الوقت نفسه، فإن الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية الأكثر تضررًا من توحش جائحة كورونا، والوباء صار يُهدد القارة العجوز بالفناء، بسبب ارتفاع أعمار سكانها، والذين يُعدون أكثر عرضةً للإصابة بالفيروس، الذى يُعرِّض حياتهم للخطر، حيث إن أغلبهم من ذوى الأمراض المزمنة.

الولايات المتحدة الأمريكية التى كانت تتباهى بمنظومتها الصحية، لم تنحج فى التعامل مع الجائحة، بل كانت الأعلى فى نسب الإصابات والوفيات بنسبة تُقارب 25 %، وفى أول ظهور الجائحة تفرَّغ الرئيس ترامب للحرب الإعلامية على الصين، واتهمها علنًا بأنها وراء تخليق الفيروس، الذى يُعد من أهم العومل التى أسهمت فى تخلى المواطن الأمريكى عن دعمه فى الانتخابات، التى حُسمت لصالح بايدن بفارقٍ كبير.

فى ظل تحدى العلم مع فيروس كورونا، كانت جهود الشركات الغربية لاختراع الفاكسين "قارب النجاة" من الجائحة التى حال استمرارها ربما تقضى على كيانات اقتصادية، بخلاف حصدها يوميًا لمئات الآلاف من أرواح البشر.. وفى وقت راحة العقول يطرأ سؤالٌ صنع حيرةً عند العلماء، ألا وهو: ماذا فعلت الصين حتى تنجو من براثن الجائحة؟

نعم.. فى اللحظة التى يتصارع فيها أهل الأرض للنجاة من الفيروس، تُخطط الصين لرحلاتٍ فى الفضاء، بل والتحكُّم فى الطقس بسقوط الأمطار فى الوقت الذى تُريده، وحددت موعدًا لإطلاقه 2025، بعد أن نجحت فى ردع الجائحة منذ شهر أبريل الماضى، وأصبحت الإصابات اليومية بالفيروس لا تتعدى فى بعض الأيام أصابع اليد، وهى دولة يتخطى عدد سكانها المليار نسمة ويزيد.. غازلت الأسئلة عقول المفكرين والعلماء: هل تعلم الصين سر الوقاية من الفيروس، وعدم الإفصاح عنه يصبُّ فى صالحها فقط؟، حيث إنه طبقًا لأرقام اقتصادها، فإنها لم تتأثر بالجائحة، بل أيضًا حققت معدل نموٍ، رغم أن غالبية الدول حققت خسائر موجعة من توحش فيروس كورونا؟!

تابعت محاضرةً لجولدمان ساكس، وهو عالمٌ أمريكىٌّ، كلماته سبَّبت حيرةً بعد أن صدم الحضور بقوله "إن القرار فى العالم عام 2025 سيصدر من بكين"، واصفًا الصين بأنها ستكون الدولة الأهم على مستوى العالم، وأن اقتصادها سيتخطَّى الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات العشر المقبلة!!..
التاريخ الذى حدَّده العالم الأمريكى ليس بعيدًا بلغة الأرقام، وربما ما نعيشه هو بدايات لما ردَّده،  لو طبقنا ما قاله الرجل على واقع الاقتصاديات الأوروبية، فإننا نرى أن هذه الدول صارت تُريد قُبلة الحياة من الصين، والمُتوقع أن تتوغل داخل القارة العجوز بمشروعاتها فى الفترات المقبلة، وربما تُعدِّل الدول الأوروبية من قوانين الهجرة إليها، وتبحث عن كيفية تجديد دمائها بعد هز الفيروس كيانها.

واجب الصين أن تُخبر العالم عن سر نجاحها فى محاربة الجائحة، وهل   لديها ما لا ترغب الإفصاح عنه، وهل كان ترامب مُحقًا عندما وصف الفيروس بأنه مُصنَّعٌ فى "ووهان"، مُتوعدًا الصين بحربٍ تجاريةِ، داعيًا الشركات الأمريكية بالانسحاب من الصين؟!.. إن بكين الرابح الأول فى زمن الجائحة، سفنها تُقهر أمواج  البحار، وعلى متنها سلعٌ حققت لها  فائضًا من العملة الصعبة، وصرنا نحن نستهلك وهى فقط التى تُنتج.. حفظ الله مصرنا الغالية.