إنها مصر

عام كورونا !

كرم جبر
كرم جبر

أقول لـ 2020 كما قالت الشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة وهى تودع أحد الأعوام الكئيبة: "ودعناه، وحمدنا ظله حين توارى دون رجعة".

ويعز على السنة القاسية الحالية، أن تتركنا لعام جديد، إلا واشتدت موجات الخطر، لدرجة أنها ترفع شعار "كورونا فى كل بيت"، وإذا دخلت مكاناً، لا تترك فيه فرداً سليماً، وأحيانا تمر على الجيران والأصدقاء والمعارف.

ومع كورونا كله بحظه، يمكن أن تقضى على حياة شاب فى مقتبل العمر ومفتول العضلات، وتترك عجوزاً معتلاً بعديد من الأمراض، وجديدها فى الظهور الحالى أنها لا تترك الأطفال والرضع، وتهاجمهم بضراوة بعد أن كانوا بمنأى عنها فى الموجة الأولى.

صار الخبر العادى هو "عندى كورونا"، ولم نعد نفزع من أعداد المصابين، لأن الموجودين فى المنازل تحت العزل الاختيارى، أعدادهم أكبر بكثير من الأرقام التى يتم الإعلان عنها، وهذا ليس فى مصر فقط، بل فى العالم كله.

عزل غير المصابين بكورونا أهم الآن من عزل المصابين، فكل إنسان مَنَّ الله عليه بالإفلات من الفيروس اللعين، صار يتحسب اليوم الذى يصاب فيه، ويضع يده على قلبه، بعد أن تأكد أن الخطر يقترب ويقترب، حتى أصبح قاب قوسين أو أدنى، ويتحسس أولاده وأقاربه وأحبابه.

لكن، هل الفيروس الجديد أضعف من الموجة الأولى؟

ربما يكون ذلك صحيحاً، لأن أعداد الوفيات بجانب المصابين نسبتها أقل،

ولكن، ماذا تخبئ كورونا، وهل تتحور وتصبح أشد عنفاً وشراسة، وتودى بحياة كثيرين؟

الله أعلم، وتوقعوا كل شيء، وحافظوا على شيء واحد هو: السليم يعض بالنواجز على سلامته، حتى لا يلحق بركاب الفيروس اللعين، ويضع نفسه فى اختيار صعب: الموت أو الحياة، والاختيار ليس بيد أحد إلا الله.

والأكثر غرابة أن كثيرين لا يعرفون من أين جاءتهم الإصابة، وكانوا فى منتهى الحرص والحذر، واتخاذ أقصى الإجراءات الاحترازية، وبعضهم كان لا يغادر منزله وأصيب، وآخرين كانوا يختلطون بأعداد كبيرة من الناس، ولكن لم يصابوا، وربنا سترها.

أنت وحظك، فى الإصابة وفى الموت أو الحياة، ولا تنفع المستشفيات ولا الأدوية ولا أجهزة التنفس الصناعى.. شيء واحد فقط: "خليك بالبيت كلما أمكن، ولا تخرج إلا للضرورة القصوى".

مع كورونا صار الموت رخيصاً وكأنه دور برد، وتحولت صفحات فيس بوك إلى سرادق عزاء، إما "حمد لله ع السلامة أو البقاء لله"، شباب وشيوخ وصغار وكبار ونساء ورجال، وطائر الموت الحزين يحلق فوق كل الرءوس.