«الإعلاميين» تتصدى للكيانات الوهمية ومنتحلي الصفة.. «نخوض معارك ضدهم»

نقيب الإعلاميين
نقيب الإعلاميين

تبيع ألقاب الدكتوراه الفخرية.. سفراء للنوايا الحسنة.. وإعلاميين

اللواء طارق خضر: مطلوب عقاب رادع لكل من تسول له نفسه تزوير هذه الوظائف


خالد عثمان

"دكتوراه فخرية.. صحفي.. مستشار إعلامي.. مستشار تحكيم دولي.. سفير نوايا حسنة"، ألقاب عديدة وكثيرة انتشرت خلال الفترة السابقة داخل شرائح كبيرة بالمجتمع المصري دون تعب أو دراسة، "المهم شخلل علشان تنجز" وتبقي ذا صفة اجتماعية".

وامتد الأمر ليشمل دفع الأموال الطائلة للحصول على تلك الألقاب الرنانة، وذلك لمجرد الوجاهة الاجتماعية ووقوع الشباب الحالمين تحت سيطرة النصابين للظهور في وسائل الإعلام المختلفة دون توافر الموهبة اللازمة لذلك، مع ترويج أفكار هدامة ومغلوطة وفاسدة تضر بالمجتمع، لذلك طالب قانونيون وخبراء إعلام بضرورة وضع قوانين ومعايير وشروط لمحاربة تلك الكيانات الوهمية ومنتحلي الصفة والحصول على أحكام رادعة للتصدي لتلك الظاهرة الخطيرة والتي تنخر كالسوس في ثوابتنا الراسخة.

وبالرغم من الجهود الواضحة لأجهزة الدولة المختلفة وعلى رأسها وزارة الداخلية للقضاء على انتشار وتفشي ظاهرة انتحال الصفة وضبط منتحليها ومواجهة أصحابها نظرًا لخطورتها وتهديدها للمجتمع وإيقاف عمليات النصب والجرائم التي ترتكب باستخدام الصفة الوهمية، فقد تمكنت مباحث القاهرة خلال الأيام الماضية برئاسة اللواء نبيل سليم من ضبط أحد الأشخاص لقيامه بإدارة أكاديمية وهمية لترويج الشهادات المزيفة بعد قيامه ببث فيديو على إحدى القنوات الفضائية مدعيًا أنه رئيس لأكاديمية دولية للتدريب، وقيامه من خلالها بترويج شهادات مزيفة منها دكتوراه فخرية ومهنية ومستشار تحكيم دولي وكارنيهات لنقابة الصحفيين على مواقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» مقابل حصوله على مبالغ مالية.

ونجح اللواء عبدالعزيز سليم مدير مباحث الأموال العامة بالعاصمة من تحديد المتهم، وتبين أنه حاصل على ليسانس آداب ومقيم بالخصوص وأمكن للعميد شريف فيصل وكيل مباحث الأموال العامة تحديد مقر الأكاديمية الوهمية بمنطقة عين شمس، وتم ضبطه بداخل الأكاديمية الوهمية وعثر بحوزته على شهادة بأسماء مختلفة عبارة عن دكتوراه فخرية ومستشار تحكيم دولي وشهادات خالية من البيانات ودفاتر إيصالات تحصيل نقدية لأسماء مختلفة، وكارنيهات وأختام تعود بصمتها للأكاديمية وجميعها مزيفة ومنسوب صدورها لجهات وهمية.

كما واصلت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية جهودها للتصدي لتلك الظاهرة، حيث تمكنت مباحث الأموال العامة برئاسة اللواء عاصم الداهش مساعد أول وزير الداخلية من ضبط متهمين لإنشائهم كيانات وهمية، لإصدار بطاقات عضوية منسوب صدورها خلافًا للحقيقة لنقابة الصحفيين والاحتيال على المواطنين والاستيلاء على مبالغ مادية منهم، وانتحال صفات لبعض المسؤولين بالدولة لإنهاء بعض المصالح مقابل حصولهم على مبالغ مالية كبيرة، وتم ضبطهم وبحوزتهم توكيلات وعقود ومستندات ونماذج لطلبات معدة للتزوير وممهورة بخاتم شاعر الجمهورية مقلد وشهادات مزورة منسوب صدورها لعدد من المنظمات المصرية والأجنبية وإكليشيهات مقلدة وكمية كبيرة من الكارنيهات المزورة.

وفي الجيزة نجحت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، في ضبط شخص أدار كيان تعليمي وهمي يمنح الدارسين فيه شهادات دراسية مزورة متخذاً من شقة سكنية مقرًا لنشاطه الإجرامي في النصب على راغبي الحصول على شهادات دراسية عليا، زاعما كونه وكيلاً لجامعة أجنبية والإعلان على شبكة الإنترنت والصحف والمجلات ووسائل الإعلام المختلفة عن مزايا الدراسة بالمركز ومنحهم شهادات دراسية عليا عبارة عن دبلومة وماجستير معتمدة من الجهات المعنية ومنسوب صدورها لتلك الجامعة الأجنبية، ويتمكن الحاصلون عليها من الالتحاق للعمل بالشركات الكبرى داخل البلاد وخارجها مع إمكانية تغيير بيانات المؤهل الدراسي ببطاقة الرقم القومي الخاصة بهم بموجب تلك الشهادات، فضلاً عن قيامه بتنظيم دورات وهمية في مجالات وتخصصات دراسية مختلفة نظير الحصول على مبالغ مالية وتم ضبطه.

وفي المنوفية أيضًا نجحت مباحث الأموال العامة في القبض على مالك أكاديمية تعليمية غير مرخصة بمركز تلا لتنظيم دورات للغات والكمبيوتر وصيانة أجهزة المحمول، وكذلك استمارات الهجرة وترويجه شهادات دراسية منسوبة للكيانات الحكومية «مزورة».

وواصلت وزارة الداخلية ضرباتها القوية والناجحة ضد مريدي التربح على حساب الغير عن طريق النصب والاحتيال من خلال ضبط كيان تعليمي وهمي ينصب على الشباب راغبي الحصول على شهادات دراسية واتخاذه منطقة كرداسة بالجيزة وكرًا لممارسة نشاطه الإجرامي في الاحتيال على طلبة الثانوية العامة والأزهرية والمعاهد الفنية والمتوسطة راغبي الحصول على شهادات جامعية والشهادات العليا، زاعماً أنه وكيل جامعة أجنبية وتمنح الدارسين شهادات دراسية دولية معتمدة من الجامعات المصرية والأجنبية في عدة مجالات مختلفة كصحافة وإعلام وسياحة وفنادق وحاسب آلي وإدارة أعمال ومساحة خرائط وتمريض، ويمكن للخريجين فيها الالتحاق للعمل بالشركات والمؤسسات الكبرى بالداخل والخارج فضلا عن إمكانية تغيير بيانات المؤهل الدراسي ببطاقات الرقم القومي والاشتراك بالنقابة الخاصة بكل قسم بموجب تلك الشهادات وتحصل من كل دراس فيها على مبالغ مالية.

في ذات السياق، واصلت الأجهزة الأمنية بمصلحة الأمن العام بإشراف اللواء علاء سليم حملاتها لمكافحة جرائم تأمين الكيانات الوهمية وتزوير الشهادات الدراسية واستخدامها فى إدخال الغش والتدليس على المؤسسات الحكومية المختلفة، حيث أكدت معلومات عن إدارة أحد الأشخاص «طالب» ومقيم بالدقهلية لكيان وهمي دون ترخيص، للسفر والخدمات التعليمية بالمنصورة واتخاذه وكرا لممارسة نشاطه الإجرامي في النصب والاحتيال على الشباب راغبي السفر للدراسة بالدول الأجنبية والاستيلاء منهم على مبالغ مالية بزعم إلحاقهم بالدراسة بالجامعات الدولية.

وادعى المتهم، إبرام بروتوكولات معتمدة من الجهات المختلفة، خلافاً للحقيقة، حيث تم ضبطه وبحوزته بروتوكول تعاون وعقودًا بمنح دراسية بأسماء مختلفة للسفر لإحدى الدول الأجنبية وتوكيلات خاصة صادرة من أولياء أمور الشباب ومستندات شخصية للمتقدمين و"أكلاشيه" يحمل اسم الأكاديمية وإيصالات استلام نقدية.

على الجانب الآخر، هناك جهود مضنية وكبيرة لنقابتي الصحفيين والإعلاميين لمحاربة ظاهرة انتشار الكيانات الوهمية والتي تهدف للربح والحصول على أموال من الشباب فى مخالفة صريحة للدستور، حيث كشفت تصريحات لمجلس نقابة الصحفيين أن الكيانات الوهمية الصحفية ومنتحلي الصفة يمثلان خطرًا وتهديدًا على الأمن القومي للبلاد وعلى مهنة الصحافة والإعلام بشكل عام.

في المقابل، حررت نقابة الإعلاميين برئاسة طارق سعدة، محاضر ضد تلك الكيانات الوهمية والحصول على أحكام قضائية وجنائية تجاه البعض بالسجن.

من جانبه أكد طارق سعدة نقيب الإعلاميين وعضو مجلس الشيوخ، أن النقابة خاضت حربًا ضد تلك الكيانات الوهمية، قائلا: "وجدنا أشخاصًا منتحلي صفة إعلامي وهذا مخالف للقانون، حيث ينص القانون إن صفة إعلامي لا تمنح إلا للأشخاص المقيدين في نقابة الإعلاميين ويمارسون نشاطًا إعلاميًا حقيقيًا في وسيلة إعلامية مرئية أو مسموعة أو إلكترونية وذلك منصوص عليه في الشعب الخمس بالنقابة وهي الإعداد والتقديم والإخراج والتحرير أو المراسلة الإعلامية، وذلك لتعريف الإعلامي طبقًا للقانون".

وأكمل: "ما دون ذلك يعتبر منتحلا لصفة إعلامي، لذلك تحركنا ضد هؤلاء الأشخاص بمتابعة صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك»، وتحرير محاضر بمباحث الإنترنت ضدهم لانتحالهم صفة إعلامي والموضوع منظور أمام ساحة القضاء، لأن القانون يجرم منتحلي الصفة بالغرامة إضافة للعقوبة الجنائية بالحبس.

وقال: "تم التواصل مع المسؤولين بمصلحة الأحوال المدنية واطلاعم وإعطائهم نسخة من قانون نقابة الإعلاميين، وكذلك اعتماد خاتم نقابة الإعلاميين بمصلحة الأحوال المدنية، وتم الاتفاق على أنه لا تصدر أية بطاقة تحمل صفة إعلامي إلا لمن هو مقيد وعضو بالنقابة وتكون الاستمارة ممهورة بالخاتم الخاص بنا".

واستطرد: "أما ما يخص بعض الأشخاص من منتحلي الصفة، فقد تم الحصول على أحكام جنائية ضدهم بالحبس وجار تتبعهم من قبل الجهات المعنية لتنفيذ تلك الأحكام على وجه السرعة"، أما الكيانات الوهمية فقد أضاف طارق سعدة أنه تم رصد إنشاء بعض الأشخاص لكيانات وهمية تحمل اسم نقابة الإعلاميين بالمخالفة للقانون من خلال التلاعب في مسمياتها وتقديمها للرأي العام، وبالبحث تبين أن الكثير منها يعد جمعيات عمالية تابعة لوزارة القوى العاملة، وأنها لجان نقابية للعاملين وليس للإعلاميين.

وأكد: "قمنا بإصدار عدة بيانات شديدة اللهجة بكل وسائل الإعلام المختلفة، مؤكدين فيها بأنه لا توجد نقابة إعلاميين رسمية فى مصر إلا نقابة وحيدة".

وأكد سعدة أن النقابة بذلت جهوداً مضنية لمحاربة بعض الكيانات الوهمية بالإسكندرية والمنيا وسوهاج وقنا وأسوان، موضحا: "أخذنا أحكاماً قضائية ضد تلك الكيانات الوهمية ومؤسسيها إضافة لقيام النقابة بمخاطبة مصلحة الأحوال المدنية بفروعها المختلفة بعدم إعطاء مسميات لهؤلاء تحمل أي مسمى إعلامي، وكذلك التواصل مع بعض المحافظين المتواجد بها تلك الكيانات الوهمية وتوضيح الأمور بأن هؤلاء لا يمثلون نقابة الإعلاميين ولا يمتون بصلة للكيان".

وأشاد طارق سعدة بتعاون المحافظين لمواجهة تلك الكيانات وعلى رأسهم اللواء أسامة القاضى محافظ المنيا.

مطالبات بإجراءات صارمة لمنع عودة الكيانات الوهمية مرة أخرى

من جانبه طالب اللواء دكتور طارق خضر رئيس قسم القانون الدستوري بأكاديمية الشرطة ومحافظ دمياط الأسبق، بضرورة تطبيق نص القانون المنصوص عليه والخاص بتعريف لقب إعلامي وصفته وتنفيذ العقوبات المنصوص عليها في القانون.

وأكد أن من ينتحل صفة الانتماء لأي كيان فهو ينتحل صفة غير صفته وذلك الأمر منصوص عليه في جميع القوانين بمختلف دول العالم، مشيرًا إلى أن هناك عدة نقاط أخرى خطيرة لا تكمن في مجرد حمل تلك الألقاب وإنما الخطورة في استغلالها لممارسة صلاحيات والحصول على مزايا وتسهيلات دون وجه حق بل يصل الأمر إلى الخداع وإيهام المواطنين والنصب عليهم استناداً لتلك الصفة والمسمى الرنان.

وطالب مجلس النواب بضرورة سن قوانين لتفعيل وتغليظ العقوبات خاصة أن البرلمان هو صاحب السلطة التشريعية المختصة والمنوط به إصدار تشريعات جديدة لتغليظ العقوبات لمحاربة الفساد.

وأكد: "لا بد من التأكد ممن يحمل شخصية أو صفة أي كيان وهمي بأنه لا ينتمي لأي كيان إرهابي تابع للجماعة وأتباعها، وفي تلك الحالة ضرورة تطبيق قانون الكيانات الإرهابية عليه"، مطالبا بغلق تلك الكيانات واتخاذ إجراءات صارمة لمنع عودتها مرة أخرى في ظل الانتشار العشوائي لتلك الكيانات الوهمية والتي أصبحت "سبوبة" للكثير من الأماكن، خاصة الجمعيات الخيرية وتحصل من الدارسين فيها على مبالغ مالية كبيرة، لذلك لا بد من وضع تلك الأماكن تحت رقابة مشددة.

كما طالب اللواء طارق خضر مسؤولي نقابتي الإعلاميين والصحفيين بضرورة التواصل مع قيادات وزارة الداخلية خاصة مساعد وزير الداخلية للأمن العام ومساعد وزير الداخلية للأمن الوطني ومساعد وزير الداخلية لمصلحة الأحوال المدنية، لمنع استخراج بطاقات شخصية تحمل تلك الألقاب الوهمية، لأن الجهة الوحيدة هي النقابات والتي تعطي شرعية لأعضائها في استخراج بطاقات الرقم القومي بتلك الصفة حتى نتأكد من صفة ما ينتحل أو ما يطلق عليه لقب إعلامي.

وأوضح: "أطالب بتوجيه تهمة النصب لأصحاب الأكاديميات والكيانات الوهمية لأنها غير صفة قانونية بعد محاصرة تلك الظواهر".

اقرأ أيضا.. فرنسا تسجل أكثر من 20 ألف إصابة بكورونا خلال 24 ساعة