وحى القلم

لصالح مين؟!

صالح الصالحى
صالح الصالحى

منذ أيام ليست بالبعيدة أعلن مجلس الوزراء موافقته على إضافة مادة إلى قانون العقوبات، تتعلق بالتغطية الإعلامية والصحفية لجلسات المحاكمات الجنائية.
 المادة المقترحة تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن ١٠٠ ألف جنيه ولا تزيد على ٢٠٠ ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من صور أو سجل أو بث أو نشر أو عرض كلمات أو صورا لوقائع جلسة مخصصة لنظر دعوى جنائية أثناء انعقادها بأى وسيلة كانت بدون تصريح من رئىسها وذلك بعد موافقة النيابة العامة والمتهم والمدعى بالحق المدنى أو ممثلى أى منهما. مجلس الوزراء أكد أن الهدف من هذه المادة هو منع تصوير المتهمين إعلاميا لحين صدور حكم بات فى القضايا التى يحاكمون بها، حماية لهم.
بالطبع الهدف من هذه المادة وفقا لما ساقه مجلس الوزراء هو عدم تصوير المتهمين ونشر صورهم وهم يحاكمون داخل قاعات المحاكم، وتحديدا داخل القفص الحديدى.. هدف نبيل يتفق تماما مع حقوق الإنسان وجميع مواثيق الشرف والأكواد والمعايير الإعلامية والصحفية العالمية والمحلية.
ولكن صياغة هذه المادة بهذا الشكل وباستخدام ألفاظ واضحة ومحددة «صور أو سجل أو بث أو نشر أو عرض كلمات أو صورا لوقائع الجلسة» يخرجها من إطار منع نشر الصور، إلى التوسع بشكل يخفى فى طياته منع نشر أو بث أو الإشارة إلى هذه المحاكمات من قريب أو بعيد.
وهذا يخرج عن مجرد منع الصورة وفقا للمتعارف عليه.. فالصورة إما فوتوغرافية أو فيديو فقط.
كما أن النص توسع فى الحظر مما جعل من الصعوبة على الإعلام والصحافة تغطية وقائع الجلسات الخاصة فى القضايا الجماهيرية والتى تحظى برأى عام.. عندما منح الاستثناء بالنشر بتصريح من رئيس المحكمة بعد موافقة النيابة العامة والمتهم والمدعى بالحق المدنى، وهذا من المستحيل توافره..
مما يخرج بالنص المقترح من أنه  مجرد نص يحافظ على المتهم إلى أنه نص يعتدى على حق الجمهور فى المتابعة والمعرفة، كما أنه يجعل المحاكمات غير علنية خلافا للأصل بعلنية المحاكمات والاستثناء يكون فى أضيق الحدود، وينعقد للمحكمة فقط والتى لها أن تأمر بعقد جلسة أو أكثر سرية وفقا لتقديرها وحفاظا على سير المحاكمة..
أما أن يصبح الأصل هو المنع والاستثناء هو العلنية وبشروط يصعب تحقيقها فهذا أمر يجعلنا نتساءل لمصلحة من هذه المادة؟
خاصة وأن نص المادة بهذا الشكل يجعل المبرر لها مجرد غطاء لمنع نشر وبث هذه المحاكمات،.. مما يعوق بل يمنع عمل الإعلام والصحافة.. والعجيب أن ذلك يأتى من الحكومة فى ظل السموات المفتوحة.. لنجد أنفسنا فى النهاية نمنع الإعلام والصحافة الوطنية من متابعة المحاكمات فى الوقت الذى يستطيع الإعلام والصحافة الخارجية متابعتها، لأنهم ليسوا مخاطبين بهذه المادة أو من الصعب تطبيقها عليهما فهما خارج البلاد.. وبالتالى يفقد إعلامنا وصحافتنا جمهورا عريضا جعلناهم بفعل فاعل يذهبون إلى إعلام وصحافة خارجية منها الكثير  معادٍ لبلادنا.
إذا كان مجلس الوزراء قد وافق على نص هذه المادة بهذا الشكل، فأنا واثق أن مجلس النواب لن يمررها وسوف يُدخل عليها تعديلات ليجعل المنع يقتصر على الصور فقط.