حربة وخنجر ودرع.. «أسلحة الجيش» في مصر القديمة

السيوف المصنوعة من الخشب
السيوف المصنوعة من الخشب

الجيش في مصر القديمة كان يتألف من قوات برية وأخرى بحرية؛ أما البرية فكان أهمها "المشاة"، و"راكبو العربات"، في حين تمثلت القوات البحرية في ذلك الأسطول الحربي الذي ظهر في مراحل متقدمة، كما أكده الباحث الآثري الدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص في الآثار اليونانية والرومانية.

 

 

ويقول الدكتور «حسين دقيل»، إن الأسلحة التي أعتمد عليها الجيش في مصر القديمة، بدأت بدائية الصنع إلا أنها تطورت فيما بعد تطورا كبيرا. فالمصري القديم في عصر الدولة الوسطى استخدم إلى حد كبير نفس الأسلحة التي استخدمها أجدادهم خلال عصر الدولة القديمة، وإن أضيف إليها بعض الأنواع الأخرى كالخنجر والسيف الذي اتخذ شكل المنجل.

 

 

وكان الجنود بشكل عام يُسلحون بالمقلاع، أو بالقوس والنشاب، أو الحراب، أو السيوف المصنوعة من الخشب، أو العصي، أو الحجارة، أو البلط المصنوعة من المعدن. أما لباس الرأس فكان قبعة محشوة بالقش، ويحمي الجسم درع صغيرة للمشاة الخفاف، وعظيمة العرض لجنود الصف.

 

اقرأ أيضًا| تعرف على أشهر المعارك العسكرية في عهد الملك «سنوسرت الثالث» لإخضاع

 

وأضاف الدكتور «حسين دقيل»، أن جنود المشاة؛ كانوا يسلحون بحربة وخنجر ودرع، ويبلغ طول الحربة قامة الرجل المتوسط الطول أي نحو 170 سنتيمترا، وتنتهي كل حربة بسلاح مدبب على شكل ورقة الصفصاف، وكان الجندي يحمل الحربة مرفوعة إلى نصفها وقت المسير، في حين أن الرماة لم يكن لديهم من آلات الحرب إلا القوس وبضعة سهام لا تتجاوز الأربعة. وقد ذكرت لنا قوائم القرابين المأتمية في الدولة الوسطى أنواعا عدة من الأقواس بأجهزتها.

 

 

أما الأسطول البحري؛ فقد كان مجهزا ببحارة يطلق عليهم اسم (عبر)، وكانت سفينة «دبت» تحت إمرة ضابط تقريبا، وكان لقب «الضابط المدير العظيم» يطلق على «رئيس أسطول»، والظاهر أن الأسطول كان مؤلفا من سفن كان يبلغ طولها نحو ٥٠ مترا، وقد جاء ذكرها في حجر باليرمو في عهد الملك سنفرو (توفي سنة 2589ق.م).

 

 

كما كان الملوك في مصر القديمة يقومون بعمل فرقة خاصة تقوم على تأمين الملك وأسرته؛ وكان ولي العهد يتدخل ليختار تلك الفرقة.

 

ولا شك أن الجيش في مصر القديمة أهتم بجنوده معنوياً وماديا ؛ وقد يكون قد أنشأ ما يمكن أن نسميه سلاح "الشؤون المعنوية"، وهناك العديد من الشواهد على ذلك؛ فالجيش المصري كان يعتمد في عدته وعتاده وطعامه على الإدارة الحربية المختصة بذلك؛ إلا أن قيادة الجيش كانت تحرص على نفسية الجنود فكانت تتأكد بنفسها من وصول الدعم لهم؛ وقد قص علينا «وني» أثناء الحملات التي كان يقودها في نهاية الأسرة السادسة؛ أن تموين الجيش كان على أحسن ما يرام حتى إنه لم يوجد جندي قد أخذ خبزا أو نعلا ممن كانوا في طريقه اغتصابا، ولم يكن من بينهم من أخذ عمدا ملابس من أي بلدة كانت، ولا من اغتصب معزا من أي شخص كان.

 

كما أنه كان للجيش؛ أناشيد كان يتغنى بها، وكانت كلماتها ترفع من معنويات الجنود، ومنها تلك الأنشودة التي كانوا يتغنون بها وهم عائدون منتصرون في جيش "وني" خلال عصر الملك بيبي الأول في الدولة القديمة، والتي منها، قوله:
 
عاد هذا الجيش في سلام.. وقد مزق ساكني الرمال
عاد هذا الجيش في سلام.. وقد دمى حصون الأعداء
عاد هذا الجيش في سلام.. وقد أشعل النار في أرض عدوه
عاد هذا الجيش في سلام..  وقد قتل عشرات الآلاف من جنود الأعداء عاد هذا الجيش في سلام.. وقد أسر آلاف الجنود.

 

 

الغريب أنه وبالرغم من أن الجنود المصريين كانت تؤلف منهم وحدات تحت إمرة قائد يسمى "مدير رؤساء المجندين"؛ وهو لقب لا يطلق إلا على قائد الجيش النظامي؛ إلا أنه ومنذ عهد الملك "بيبي الثاني" بالأسرة السادسة، كان الجيش يشمل جنودا غير مصريين؛ وهم العساكر المرتزقة، من النوبيين والليبيين.

 

 

وقد حصل الجنود المرتزقة على مناصب عليا بالدولة؛ وكان رؤساء المرتزقة أكبر سند لسلطة الملك، ولذا فقد نصب بعضّهم أمراء نائبين عنه في «نخن»، بل وأصبح البعض منهم حكام أقاليم وأسيادا لإقليم الفنتين على الحدود مع بلاد النوبة.

 

 

بل ووصل الحال في بعض الأوقات أن إدارة الجيش الملكي أصبحت في أيدي رؤساء المرتزقة، والأغرب أن إماراتهم للأقاليم أصبحت وراثية مما قلص من سلطان الملك، واستطاعوا بذلك أن ينتزعوا من الملك سلطانه الفعلي عليهم؛ فتلاشى نفوذه عليهم.

 

 

وازداد تواجد الجنود المرتزقة بالجيش خلال عصر الدولة الحديثة، وخاصة في فترة حكم الأسرة التاسعة عشر؛ وكان ذلك لعدة أسباب من أهمها:

-     زيادة ثروة الضباط المصريين نتيجة الفتوحات والمكافآت التي حصلوا عليها.
-    اهتمام القادة بأرضهم وإقطاعاتهم والتفرغ للحياة المدنية.
-    انصراف المصريين في آخر الدولة الحديثة عن النواحي العسكرية بعد استقرار الإمبراطورية.
-    انشغال القادة بالتدخل في أمور الحكم والطمع في العرش مما أفقد الجيش مكانته وسمعته
-    الزيادة المهولة في أعداد الأسرى نتيجة الفتوحات منذ الأسرة الثامنة عشرة، فبدأ تجنيدهم في الجيش.
-    توافر المال؛ مما أدى إلى استئجار جند أجانب بأعداد كبيرة.

 

وفي عهد رمسيس الثاني (1304-1214ق.م) لجأ إلى الاستعانة إلى جانب الليبيين والنوبيين بمجموعة أطلق عليهم " شعوب البحر"؛ وبلغ عددهم 3100، وقد صورت فرق هؤلاء الأجانب المحاربين على جدران معبد هابو بالأقصر.

 

 كما أنه وبعد عهد رمسيس الثالث؛ جاء ملوك ضعاف تطاحنوا على العرش، وتعرضت البلاد لأزمة اقتصادية طاحنة، فلم يستطيعوا دفع رواتب المرتزقة فأعطوا لهم المزيد من الأراضي الزراعية بديلا عن الأجور؛ وبدأت هذه القوات الأجنبية بعد فترة تجد نفسها بلا حرب تشغلها وبلا أجر فبدأت في نهب مصر نفسها.

 

 

وفي عصر الأسرة السادسة والعشرين، عمل مؤسسها بسماتيك الأول (حكم: 663 -609 ق.م) على تشجيع الأجانب خاصة اليونانيين للانضمام للجيش، وأقام لهم حاميات على الحدود ليكونوا بعيدا عن التعامل المباشر مع المصريين.

 

وفى عهد الملك أبريس (توفي: 567 ق. م)، قام بتقريب الإغريق والكاريين منه بل وفضلهم على المصريين، وعلى إثر ذلك بدأ الصراع المباشر بين الأجانب والمصريين.

 

وخلال عهد أحمس الثاني (570 -526 ق.م)؛ قام باستدعاء اليونانيين من حاميات الحدود واستبدلهم بالمصريين، وسمح لهم بالسكن في أحد أحياء منف العاصمة القديمة للبلاد حتى يصبحوا قلة في مجموع سكانها ويظلوا تحت رقابة البلاط الملكي.

 

ولكن وبالرغم من ذلك؛ فقد ظل الجيش المصري محافظا على قوامه طيلة التاريخ القديم وتعد كبوة الاستعانة بالأجانب في الجيش طامة أدت إلى وقوع مصر- نتيجة خيانة القادة الأجانب - تحت طائلة الاستعمار المتتالي.

 

 

اقرأ أيضًا| شكل الجيوش مصر القديمة وأبرز مهماتها