انتهت الانتخابات.. ماذا بعد؟

علاء مصطفى عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عضو مجلس الشيوخ
علاء مصطفى عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عضو مجلس الشيوخ

انتهت مصر خلال فترة وجيزة، ورغم ظروف جائحة كورونا التى تجتاح العالم كله، من ماراثون انتخابات مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات وهى الجهة المشرفة على انتخابات الشيوخ والنواب نتائج الانتخابات بمرحلتيها الأولى والثانية فى جميع محافظات الجمهورية، والتى أسفرت عن تمثيل وتنوع سياسى ملحوظ ممثل فى عدد من الأحزاب السياسية والأيديولوجيات الفكرية المتنوعة، حيث بلغ عدد الأحزاب تحت قبة مجلس الشيوخ 17 حزبًا، فى حين بلغ عددها 13 حزبًا تحت قبة مجلس النواب مما سيؤدى إلى إثراء الحياة السياسية بما يفى باحتياجات وتطلعات المجتمع المصري.
قد يتصور البعض للوهلة الأولى أن هذا التنوع الحزبى يعكس وجود أحزاب قوية لديها القدرة على التواصل مع المواطن فى الشارع والتأثير فيه، ولكن هذا التصور للأسف غير صحيح، حقيقة الأمر أن الانتخابات النيابية الأخيرة كشفت عن ضعف الأحزاب السياسية وعدم قدرتها على الوصول للمواطن والاحتكاك بالجماهير ورصد مشاكلهم. وأن هذا التنوع الحزبى لم يكن ليحدث لولا توحد الأحزاب السياسية داخل تحالف «القائمة الوطنية من أجل مصر» الانتخابى والذى انتهى فعليًا بانتهاء الانتخابات وإعلان النتائج.
لاشك أن وجود الأحزاب السياسية الفاعلة يعتبر أحد أهم مكونات الأنظمة الديمقراطية المعاصرة، التى تسعى لتحقيق المساواة بين شعوبها وتنشيط الحياة السياسية بينهم ونشر الوعى الثقافى والاجتماعي والاقتصادي، ودعم أفرادها لممارسة حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتعبير عن آرائهم. إلا أن الأحزاب السياسية فى مصر تواجه عددًا من التحديات تحول دون أداء دورها بفاعلية، والتغلب على تلك التحديات يجب أن يكون شغل الأحزاب الشاغل من اليوم وحتى الانتخابات البرلمانية القادمة فى 2025، لذلك سنحاول فى هذا المقال تسليط الضوء على أهم هذه التحديات وطرح حلول لها.
أولًا: عمل الأحزاب على الأرض والاحتكاك بالجماهير
التحدي الحقيقى الذى يواجه الأحزاب المصرية اليوم هو إعادة الاعتبار والتقدير للعمل الحزبى برمته بعد أن فقد الكثير من مصداقيته، ولا يكفى أن تتضمن برامج الأحزاب السياسية رؤى معينة ومطالب محددة للإصلاح، وإنما لابد لها من عمل جاد حقيقى على أرض الواقع فيه التحام بالجماهير لتحقيق ما تؤمن به من أفكار وأطروحات، وذلك من خلال طرحها مبادرات وفعاليات تمس الاحتياجات المباشرة للجماهير، وفعاليات توعوية بأبرز القضايا التى تُعنى بها الأسرة المصرية، وأيضًا فاعليات تحفز الجماهير للمشاركة الإيجابية مع الأحزاب.
ثانيًا: إعطاء فرص حقيقية للشباب والمرأة
لاشك أن ضعف مشاركة الشباب فى العمل الحزبى يمثل عائقا كبيرا لفاعلية وقوة الأحزاب السياسية، حيث إن شريحة الشباب تمثل أكثر من نصف التعداد السكانى فى مصر، وهى الوقود الحيوى لأى عمل حزبي، لذلك يعتبر تمكين الشباب والمرأة داخل الحزب من الأمور الأكثر فاعلية فى تفعيل الأحزاب، خاصةً وأن هاتين الفئتين تمثلان القطاع الأكبر من المجتمع المصرى وتتمتعان بفاعلية وتأثير كبيرين فى مختلف الأحداث والاستحقاقات التى مرت بها مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، فكان الشباب مفجرًا ووقودًا لثورتى 25 يناير و30 يونيو، وكانت المرأة المصرية العنصر الحاسم فى الاستحقاقات الانتخابية المختلفة، لذلك من الضرورى أن تعمل الأحزاب السياسية على تمثيل هموم الشباب والمرأة وجذب هاتين الفئتين إلى عضويتها وإعدادهم سياسيًا وتمكينهم من تولى مناصب قيادية داخل الأحزاب.
ثالثًا: التواصل الفعال مع الجماهير
لما كان الوصول بمبادئ وأفكار وسياسات ومواقف الحزب إلى الجماهير أمرا ضروريا لكسب هذه الجماهير إلى صف الحزب فإن تنويع وسائل التواصل الإعلامى مع الجماهير أمر ضرورى للوصول إلى أوسع فئات وشرائح ممكنة، ونظرًا لضعف الإمكانات والموارد المالية لمعظم الأحزاب المصرية، أقترح فى هذا السياق أن يتم استخدام شبكات التواصل الاجتماعى فى التواصل مع الجماهير وأيضًا أعضاء الحزب، لما لها من انتشار كبير فى المجتمع المصرى بين كافة الشرائح والفئات وضآلة التكلفة المادية لاستخدام هذه الأداة الاتصالية. كما أدعو القنوات الرسمية والخاصة إلي إتاحة الفرص المتكافئة للأحزاب لعرض برامجها واتجاهاتها وأهدافها وآرائها فى كافة القضايا الوطنية ومناقشتها بصورة محايدة.
وختامًا فهذه بعض المحاور العملية المقترحة لتعزيز دور الأحزاب المصرية فى الحياة السياسية، وخطوة مهمة نحو نضج العمل الحزبى فى مصر، والذى لن يتم إلا برؤية واقعية وشاملة وجهود وطنية مخلصة تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وأن تنشغل بقضايا مجتمعها وتطرح الرؤى والسياسات البناءة فى قضايا الوطن، وتقوم بفعاليات ناجحة ومؤثرة تصل للمواطن البسيط.