اختيار آمن لزائرى مصر

«كورونا» ينعش سياحة المغامرات

سياحة المغامرات
سياحة المغامرات

أحمد جمال

مع تفشى فيروس كورونا لم يعد محبو التنقل والسفر قادرين على الوصول إلى وجهاتهم المفضلة بسبب الإجراءات الاحترازية التى فرضها عددٌ كبير من دول العام، ما أفسح المجال أمام الاهتمام بأنشطة سياحية بديلة من الممكن أن تتماشى مع طبيعة السياح الذين غامروا بالسفر فى هذا التوقيت ويكون أغلبهم من الشباب، وتتماشى مع قواعد التباعد الاجتماعى الذى أضحى أمراً لا مفر منه كأحد أهم وسائل الوقاية.

تأثرت السياحة فى مصر بالجائحة العالمية كما الحال بالنسبة لجميع دول العالم، وإن كانت أرقام وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العنانى تشير إلى أنه زار مصر منذ أول يوليو الماضى نحو 400 ألف سائح وعاد جميعهم إلى بلادهم، بعد انتهاء برامجهم السياحية من دون رصد أى حالة إصابة واحدة، لكن بالطبع المأمول وفقاً للتقديرات الحكومية والدولية كان أضعاف هذا الرقم.

خلال سبتمبر الماضى، أطلق المجلس العالمى للسفر والسياحة (WTTC) أحدث البروتوكولات الخاصة بقطاع السياحة والسفر العالمى الذى يشتمل على تدابير لضمان إعادة فتح سياحة المغامرات، التى من المفترض أن تشهد زيادة فى الشعبية بعد انتهاء جائحة كورونا، وسط توقعات المجلس بأن يصل حجم سياحة المغامرات بمنطقة الشرق الأوسط فى عام 2030 إلى 149 مليون سائح.

واكبت شركات السياحة ومشرفو رحلات المغامرات التطورات فى مصر وحركة السياحة عالمياً، وأضحى هناك بحث دائم عن وجهات جديدة يمكن أن تشكل جذباً للفئات الشبابية فى الفئة العمرية ما بين 20 إلى 40 عاماً، وانعكس ذلك على بروز عدد من المناطق فى غياهب الصحراء وسط الطبيعة الخلابة قُرب منتجعات سياحية يقصدها الأجانب والمصريون بما يمهد لأن تكون ضمن البرامج السياحية المستقبلة بعد انتهاء الجائحة.

وتشمل سياحة المغامرات تسلق الجبال والتخييم فى الصحراء والسير فى الوديان، وركوب الأمواج والغوص المفتوح فى أعماق البحار ورحلات السفارى الصحراوية والتزلج على الكثبان الرملية والجليد وغيرها من الأنشطة غير التقليدية، وتمتلك مصر مقومات تجعلها منافسا فى هذا النوع من السياحة، حيث أهدتها الطبيعة تلالاً جبلية بالبحر الأحمر والواحات البحرية، إضافة للمحميات الطبيعية.

بحسب المغامر المصرى معتز ناصر، فإنه قبل عام أو أكثر لم تكن سياحة المغامرات تحظى باهتمام غالبية شركات السياحة فى مصر، وأن الوضع أخذ فى التغير منذ أن روجت وزارة السياحة لبعض الوديان والطرق الجبلية، وبعدها بدأ الطلب يأتى من الخارج عن زيارة تلك المناطق، وساعد ذلك أصحاب الشركات فى البحث عن مناطق جديدة يمكن أن تكون صالحة للاستمتاع بالطبيعة فى فترات زمنية قصيرة لا تتجاوز ثلاثة أيام.

يعتبر ناصر أن محمية وادى دجلة على طريق العين السخنة من أوائل الأماكن التى راجت فيها سياحة المغامرات وشكلت أحد أهم روافد السياحة الداخلية بالنسبة لكثير من الشركات قبل أن يتسع نشاط هذا النوع من السياحة فى مناطق ∩درب البحر الأحمر∪ بمدينة الغردقة والوادى الملون وجبال سانت كاترين وعيون موسى فى جنوب سيناء والصحراء البيضاء فى الواحات البحرية.

يبدأ الموسم السياحى فى تلك المناطق من شهر نوفمبر وينتهى تقريباً فى مارس أو أبريل بحسب حالة الجو، وتتماشى طبيعة تلك المناطق مع فصل الشتاء وهى الفترة التى ينشط فيها الموسم السياحي، بالتالى يبقى هناك فرصة للسياح الذين يحجزون وجهاتهم السياحية وفى شرم الشيخ والغردقة لأن يقضوا أوقات إجازاتهم فى أماكن مفتوحة بدلاً عن الفنادق المغلقة.

هذا المغامر أشار إلى أن الوادى الملوّن أو كما يطلق عليه ∩الأخدود الملون∪ أحد المعالم الجيولوجية الهامة وأبرز العجائب الطبيعية فى مدينة طابا بجنوب سيناء، نظراً للألوان التى تكسو جدرانه مع عروق الأملاح المعدنية التى ترسم خطوطاً على أحجاره الرملية والجيرية، ما يجعل غالبية السياح الذين يتواجدون فى شرم الشيخ يطلبون الذهاب إليه.

والوادى الملوّن عبارة عن متاهة من الصخور الرملية المصبغة بالألوان، ∩الأصفر والأرجوانى والأحمر والذهبى∪، ويتراوح ارتفاعها فى بعض الأماكن ما بين 40 إلى 80 متراً، ويقع على بعد 90 كيلومتراً من شمال مدينة دهب، وتعد مدينة نويبع الأقرب له، حيث يقع على بعد نحو ثلاثة كيلومترات منها.

ويتكوّن الوادى من صخور ملوّنة على شكل منحدرات تشبه مجرى نهر جاف، ويبلغ طوله نحو 800 متر، وتَشكل هذا الوادى بفعل مياه الأمطار والسيول الشتوية وعروق الأملاح المعدنية، التى حُفرت لها قنوات وسط الجبال بعد أن ظلت تتدفق لمئات السنين.

شرح ناصر تفاصيل الرحلة إلى الوادى الملون التى تكون لمدة ثلاثة أيام، حيث تبدأ بالتنسيق مع أحد رجال القبائل فى تلك المنطقة لأنه يكون الأكثر دراية بمعالمها وتنطلق الرحلة من شرم الشيخ أو القاهرة أو طابا أو نويبع وبدأ صباحاً بالوصول إلى أحد ∩الكامبات∪ حيث تقديم وجبة الإفطار ثم تبدأ الرحلة سيراً على الأقدام إلى ثلاث مناطق ∩الوادى الملون∪ و∪الوادى الأبيض∪ و∪الوادى المسكر (أى المغلق)∪، وهو عبارة عن ممر جبلى صغير مغلق فى نهايته، وأيضاً هناك منطقة ∩الهدودة∪ وهى عبارة عن مزار يتمتع بالرمال الناعمة ويقضى فيها السياح أوقاتا للعب فى الرمال.

وأوضح أن الرحلة تتضمن أيضاً الوصول إلى منطقة ∩عين خضرة∪ وهو مكان تسكنه قبائل المنطقة ويكتظ بالنخيل والبيوت الصغيرة، وهناك تكون وجبة العشاء إضافة إلى المبيت والاستمتاع بالتصوير مع النجوم فى عمق الليل وانتظار الشروق، وتستمر الرحلة فى اليوم الثانى ما بين الاسترخاء أو من لديه الرغبة فى المشى مجدداً لحين الغروب، ثم العودة إلى المخيمات لتبدأ رحلة العودة مجدداً.

إضافة إلى الوادى الملون، بدأ الاهتمام أخيراً بـ∩درب سيناء∪ الذى يبدأ من خليج العقبة وحتى مرتفعات سانت كاترين، وهو درب يمتد لمسافة 250 كيلومتراً من البحر إلى قمة الجبل مانحاً السائرين فرصة لرؤية أفضل طبيعة برية فى مصر.

على وجهة أخرى يؤكد المغامر مصطفى هلال، أن ساحل البحر الأحمر يتمتع بعدد من المواقع الطبيعية التى تجذب السياح الألمان والإنجليز الذين يتوافدون على منتجع الجونة ومدينة الغردقة، معتبراً أن الجبال المقابلة لساحل البحر الأحمر بمثابة كنز كبير للاستكشاف والمغامرة، وأن الرحلات إلى تلك المناطق بدأت منذ شهر نوفمبر 2019 لكنها توقفت فى مارس قبل أن تعود مجدداً الشهر الماضى.