حكايات| التحطيب له أصوله.. مدرسة للأطفال تعيد أمجاد «العصا والمزمار» بالصعيد

التحطيب له أصوله.. مدرسة للأطفال تعيد أمجاد «العصار والمزمار» بالصعيد
التحطيب له أصوله.. مدرسة للأطفال تعيد أمجاد «العصار والمزمار» بالصعيد

يرث الابن من أبيه في قرى الصعيد ومدته الكثيرة، أخلاقيات حميدة، تربي فيه فروسية وشهامة منقطعة النظير، تؤتي أكلها في سنوات شبابه وشيخوخته.

 

ومنذ نعومة أظفارهم، يعرف أطفال الصعيد، قواعد لعبة العصا، التراثية التي يتبارى خلالها أبناء الفئة العمرية الواحدة، وهم يتراقصون على أنغام موسيقاها العذبة، التي لا يخلوا منها منزل، أو يجهلها بيت من بيت القرى والنجوع.

 

ومع مرور الوقت، يكتسب الصغير الخبرة، في أشهر رياضة موروثة، والتي يلعبها الكبار في الأفراح والساحات العامة والخاصة، والتي كثيرا ما ارتبطت باحتفالات الزفاف وجلسات السمر.

 

 

فالتحطيب لعبة شهيرة في الصعيد، ليست لعبة عنف، بل لعبة تفاخر تشير إلى القوة والتفاخر بين الشباب والكبار، الذين يتباهون وهم يلعبون هذه اللعبة. 

 

اقرأ أيضًا| حكايات| سدس الأمراء.. بوابة الفتح الإسلامي لصعيد مصر

 

الصغار يشاهدون هذه اللعبة التي تلعب في حلقات، على المزمار البلدي والعصا، ويكون لديهم حافزا كبيرا، لتقليد الكبار ولعب هذه اللعبة التي تشير إلى قوة الرجل الصعيدي وعزته.

 

وتوثق المشاهد المصورة للعبة العصا، التي تدل على القوة والبأس، مشاركة الأبناء الآباء في حفلاتهم المخصصة لهذا الغرض، وهم يحملون الخيزران، أو الشوم، ويتبادلون ضربات وهمية، لاكتشاف سرعة الآخر في الضربة وسرعة الرد، بحركات بالغة الدقة والروعة، تبرز من خلالها مهارات غاية في التميز والرقي.

 

 

وأثناء ممارسة لعبة العصا، أو التحطيب، يراقب الأطفال الذين يمثلون جمهور المتبارين، أقرانهم في مضمار لعبتهم المحبوبة، حالمين بأن يكون أحدهم هو بطل الجولة التالية، ويحقق النصر والفخر بين أبناء قريته.

 

ولعل الهيبة والفخر الذي تعلوا سماتهم رؤوس الحاضرين، هو سر عزيمة الصغار، في نزالهم وتباريهم في لعبة العصا التي يعتقدون أنها تنبئ بمستقبل جيل من الرجال الأقوياء.

 

وتشير الدراسات البحثية إلى أن لعبة التحطيب من الألعاب المصرية الخالصة، التي تزينت بها جدران المعابد الفرعونية والمقابر الملكية، باعتبارها لعبة قتالية تظهر قوة وشجاعة من يمارسها.

 

 

وتذكر الوثائق الأثرية، أن لعبة التحطيب، ظهرت للمرة الأولى في عهد الملك حورس الثاني بالأسرة الخامسة، كوسيلة لتدريب الجنود الفراعنة على القتال بالسيوف، واستمر وجوده طبقاً لجداريات معابد الكرنك ومقابر وادي الملوك والملكات في الأقصر، حتى الأسرة الفرعونية الـ19، ثم أصبحت لعبة شعبية للشباب والأطفال، مما يؤكد رسوخها وامتدادها كتراث أصيل لأهالي الصعيد".

 


محمد أبو الحمد تكروني، مؤسس أول فريق هوكي بالصعيد، أسس أول مدرسة للتحطيب في نقادة جنوبي قنا، لتعليم الأطفال فنون اللعبة ، للحفاظ على التراث، مستغلا حماس الصغار وطاقاتهم .

 


 
فكرة إنشاء أول مدرسة لتعليم فنون التحطيب  عند تكروني، جاءت من أجل الحفاظ على التراث المصري الأصيل، وتضم ٤٠ طالبا بدأوا تدريبات فعلية وما زال هناك ٤٠ طالبا في قوائم الانتظار، سيتم تدريبهم.

 

ويدرس الطلاب مقررات عملية ونظرية لمدة ٣ شهور تحت إشراف مختصين، ثم تجري اختبارات الترقي للمستوي الأعلى والانضمام لشعبة الفروسية، وتضم المدرسة مجموعه من المواهب الغنائية، التي يتم تدريبها على أغاني الفلكلور الصعيدي والتي يستعرض طلاب المدرسة التحطيب على أصواتهم المتميزة.

 

 

ويعد التحطيب أحد الفنون القتالية التي ظهرت في عهود العصر الفرعوني، حيث وضعت له قوانين وقواعد صارمة، تلك القوانين نقشها المصري القديم منذ أكثر من 4800 سنة قبل الميلاد، وتحديدا في عهد الأسرة الخامسة، وعُثر علي تلك النقوش في منطقة أبو صير الأثرية، إلا إنه ظهر كفن احتفالي في عهد الدولة الحديثة، وما زالت تقام مهرجانات ومنافسات للتحطيب في قري الصعيد وبالأفراح علي أنغام المزمار البلدي والفرق الشعبية التراثية.