رحاب جامعة عين شمس ومحيطها

د. أحمد فؤاد أنور
د. أحمد فؤاد أنور

د. أحمد فؤاد أنور

بدعوة كريمة من عميدة كلية الآلسن أ.د سلوى رشاد توجهت لقصر الزعفران التاريخي التليد بجامعة عين شمس العريقة التي تأسست عام 1950لاستقبل وزير خارجية مصر الأسبق السفير محمد العرابي الذي أحرص على حضور ندوات سيادته وسط الشباب -حيث سبقت ندوة عين شمس ندوة مماثلة في جامعة الإسكندرية، وتلتها ندوة في جامعة الفيوم- باعتباره مرجعية أمينة ذات خبرة ومصداقية، في توقيت بالغ التعقيد ووسط تحديات وتقلبات في المواقف تحتاج دوما لمن يفك ألغازها وشفرتها،موضحا حقيقة توجهات ومغزى السياسات الخارجية المصرية الساعية لاغتنام الفرص، وصد المخاطر الإقليمية والدولية بحنكة. الندوة التي أظهرت اهتمام إدارة الجامعة برئاسة ا.د محمود المتيني الذي حضر الندوة بالكامل على تقليل أعداد الحضور بها واتباع الاجراءات الاحترازية أدارها باقتدار أستاذ القانون الدولي والصديق المتميز النشيط أيمن سلامة. 

الوزير الإنسان المنضبط البشوش غزير العلم المتمكن من ناصية عدة لغات من بينها العبرية – تخصصي الدقيق- استوعب كل أسئلة الحضور بأريحية وصبر كما حرص على تفقد قاعات برامج جديدة تم تجهيزها – في وقت قياسي- على أعلى مستوى داخل كلية الآلسن، خاصة وأن برامج كتلك تستوعب نوعية من الطلبة كانت تتجه للدراسة بالخارج مما وفر على الطلاب وأسرهم مصروفات باهظة وقلل من مخاطر الكورونا وتبعاتها من حظر سفر، وإغلاق في أكثر من دولة، كما أنها تعد من مصادرتنمية الموارد التي تنفق منها الجامعة على بقية الأنشطة.  

حضور الندوة ولقاء رئيس الجامعة أثار في النفس العديد من الأفكار فالجامعة تشهد من حيث البرامج الدراسية تطويرا يواكب متطلبات سوق العمل وطبيعة المنافسة (تشمل 26 برنامجا دوليا مشتركا، و48 برنامجا للساعات المعتمدة) التي اتيح لي لحسن الحظ الاطلاع على تفاصيلها وأبرزها في الألسن، وكلية العلوم، وكلية التجارة.كما تشهد الجامعة نشاطا ثقافيا متميزا.وتشهد الجامعة أيضا تطويرا للبنية التحتية وللتخطيط الداخلي للمباني وللحدائق ظهرت ملامحه بالفعل، وكذلك افتتاح مسرح للجامعة، وهو ما يعكس شخصية رئيس الجامعة بوصفه جراحا في الأساس ويعد من أبرز رواد زراعة الكبد في مصر. لتضاف لتجربة توفير 17 جهاز تدريبات رياضية (مجاني) لرفع مستوى لياقة الطلاب وسط حدائق الجامعة، وهي التجربة التي بدأت منذ عام وتعامل معها الطلاب بشكل حضاري قبل أو بعد ساعات المحاضرات. هذا بالاضافة إلى أن للجامعة تاريخ ناصع في محاربة الفساد بحسم. 

الأفكار والشجون نقلت بعضها للأستاذ الدكتور محمود المتيني رئيس الجامعة -في تواصل هاتفي عقب الندوة ببضعة أيام-فاقترحت: توثيق تاريخ قصر الزعفران والإشارة إلى موجز له في لافتة توضع في الحديقة المواجهة للقصر أو في مدخله.. حيث أجريت في هذا القصر مباحثات ومفاوضات اتفاقية 1936، وإقرار ميثاق الجامعة العربية والتوقيع عليه في 1945، ثم مفاوضات الجلاء المصرية البريطانية في 1946(التي على إثرها تم جلاء الإنجليز وإنزال علمهم من مقرات في القاهرة والاسكندرية منتقلين إلى القنال). وقد أوضح رئيس الجامعة أن إدارة الجامعة بالفعل انتهت من إعداد كتاب يوثق التاريخ الحافل للمبنى وإنها بصدد طباعته قريبا. اقتراحي الثاني كان بخصوص خريج متميز راحل من خريجي الجامعة هو اللواء مهندس باقي زكي يوسف صاحب فكرة فتح ثغرات في خط بارليف المنيع بمدافع المياه، حيث اقترحت أن يتم تكريم اسم الراحل باطلاق اسمه على احد مدرجات أو معامل كلية الهندسة، (بصفته خريج الجامعة وتنطبق عليه شروط اللائحة المنظمة بجانب كونه رمزا للوحدة الوطنية، وإعلاء قيمة العلم، ورفض الهزيمة)، وهو الاقتراح الذي أظهر الدكتور المتيني حماسا "لدراسته فورا". 
أعباء رئيس الجامعة جعلتني أتردد في طرح المزيد من المقترحات وقد يكون في طرحها للنقاش العام – عبر هذه السطور- فائدة أشمل متمنيا أن تصل للأطراف المسئولة وأبرزها  حال محيط جامعة عين شمس الذي يحتاج مزيد من التطوير، وهو ما يمكن أن تساهم فيه إدارة الجامعة المستنيرة لكون أحد نواب رئيس الجامعة مختص بخدمة المجتمع وتنمية البيئة، كما أن في كل كلية وكيل لذات الغرض، فضلا عن وجود ممثلين للمجتمع في مجلس كل كلية. وللأمانة محيط جامعة عين شمس (التي تضم ما يزيد عن 200 ألف طالب و20 ألفعضو هيئة تدريس بجانب طلاب الدراسات العليا، وموظفين، وعمال، وزوار) بدأ يشهد -بمتابعة من كبار المسئولين في الدولة- تطويرا سواء أمام البوابة الرئيسية أو عند البوابة القريبة من مترو الأنفاق، حيث تم إزالة اكشاك ومخالفات وتشييد مركز خدمي حضاري شارف على الافتتاح، بالموازاه لتجهيز طريق متميز في مسار مترو مصر الجديدة. لكن نظرا لخصوصية محيط جامعة عين شمس التي لاتظهر عند المرور في توقيتات معينة بعيدة عن ساعات الذروة من الثامنة حتى السادسة في أيام العمل. فالأبواب بلا استثناء تحاصرها مواقف ميكروباص عشوائية تحمل لوحات أرقام من خارج القاهرة ويقودها سائقون متهورون مندفعون يسدون المداخل والمخارج بشكل متبجح!! هذا بجانب أن نفق الزعفران بات في حالة رصف خطرة وتكتمل المأساة بطفح الصرف الصحي ليلا وفي أيام العطلات مما يدل على اهمال عنصر بشري في تشغيل موتورات رفع في تلك التوقيتات. 

ويضاف إلى ما سبق عدم تجهيز مدخل الطريق الجديد من خلف "مول الزعفران"، رغم أن تلك المسافة لا تتجاوز 40 مترا تمثل ممرا ضيقا للغاية يطالب السكان أيضا بتوسعته بشكل هندسي حضاري.

محيط جامعة عين شمس يرتاده يوميا نحو نصف مليون نسمة، يضاف إلى مشاكله تأخر تطوير مداخل وطرقات إسكان أعضاء هيئة تدريس جامعة عين شمس، حيث بات الأساتذة وعائلاتهم يعانون منذ شهور طويلة من تردي الأوضاع.  فهل حان الوقت لحوار مجتمعي يتجاوز الماكيتات، ومسارات المرور في ساعات بعينها، وتضافر الجهود بين الأطراف المعنية لجعل محيط جامعة عين شمس ومقر سكن عدد كبير من أساتذتها يليق بالتطوير الذي يسير بكل همةفي مشروعات قومية وداخل أسوار ومدرجات الجامعة؟