إنها مصر

الراعى السرى للإرهاب !

كرم جبر
كرم جبر

الفئات المستهدفة من التطرف - فى رأيى - هى:
● الشباب: استغلالاً لمشاكلهم وأزماتهم، واقتناصاً لروح التمرد وحب التغيير، فيقدم لهم المتطرفون ألواناً وأشكالاً من «الترغيب والترهيب»، ويختارون لهم صناعاً للفتوى على طراز عصرى، يمسحون العقول من اعتدالها، ويذهبون بهم فى طريق التهلكة.
● المرأة: فى فترة الظهيرة بالذات، تحتشد الفضائيات ببرامج دينية همها الوحيد اقتناص النساء، تارة بالموعظة الحسنة وأخرى بالخوف من العذاب، والمرأة بطبيعتها كائن حائر بين الحلال والحرام، وتبحث عن شاطئ أمان.. دينى ونفسى.. يجب ألا نضع أبداً الشباب أمام المفاضلة القاتلة «التطرف أو الانحلال» فكلاهما شر قاتل، فليس بديل التطرف هو نموذج الشباب الخليع المنفر، وقصات الشعر الغريبة والملابس القذرة.
ويجب ألا نضع أبداً المرأة فى اختيار صعب بين النقاب والبنطلون المقطع، فأمهاتنا وبناتنا وأخواتنا أحق بما هو أفضل بكثير، واختارت سيدات مصر البديل بأنفسهن فى التخلص من الأفكار الرجعية، وتصدر المشهد العام بما يليق بدور المرأة ومكانتها.
مرة أخرى: (1) الحرب ضد الإرهاب ليست فقط بمواجهة من يحملون السلاح بالقوة المفرطة، ولكن أيضاً بتمشيط العقول وتطهيرها من الأفكار الملغومة.
(2) الوطن ليس فى خصومة مع أى من أبنائه، وإنما فقط يبحث عن الوسائل التى تحفظ حياتهم وتؤمن مستقبلهم.
الإرهاب الخشن يلفظ أنفاسه الأخيرة بالقوة المفرطة لرجال الجيش والشرطة، ولكن مخطئ من يتصور أن التطرف وهو الراعى السرى للإرهاب قد رحل، فهم فقط فى مرحلة كمون وينتظرون العودة ولو من «خرم إبرة».
الطريق إلى الإرهاب مفروش بالتطرف، والتطرف هو الصوبة التى ينمو بداخلها الإرهاب، والإرهابى الذى يدوس على الزناد ويقتل الأبرياء ويفجر القنابل والسيارات المفخخة، يفعل ذلك بفتوى، والفتاوى التى تملأ العقول هى أخطر من المتفجرات.
قوات الجيش والشرطة تقوم بمهمتها المقدسة تحت مظلة دولة القانون وتقدمهم للمحاكمات العادلة أمام قاضيهم الطبيعى، وتمتد المحاكمات سنوات طويلة، حتى لا يظلم بريء.
والسؤال: هل تقوم الجهات المعنية وغير المعنية بواجبها الوطنى فى تطهير العقول من التطرف، وتصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة؟
بالقطع: لا.
فمازلنا نختلف حول تجديد الخطاب الدينى، ويرى البعض ذلك ضد الدين، ويمارس آخرون مهمة حراس التخلف والأفكار الظلامية، وكل يتشبث بالمكان الذى يقف فيه دون حراك.
التطرف مثل الحرباء التى تغير جلدها بلون الأرض التى تقف عليها، ويتسلل إلى البسطاء، ويعيش بينهم ويصاحبهم ويصادقهم، ويبرم معهم علاقات عائلية، فليس للمتطرف زى يميزه أو ملامح تفرقه عن الآخرين.
المتطرفون يعيشون بيننا ويجلسون معنا على القهوة فى المساء، ويركبون نفس المترو ويسكنون نفس العمارة ويرتدون نفس الملابس، ويتسللون بهدوء مثل خيوط العنكبوت، التى لا تشعر بها الضحية إلا بعد أن تضيق الخناق حولها.