موكب المومياوات الملكية| الملك «رمسيس الثالث» هو آخر فراعنة مصر العظام

الملك رمسيس الثالث
الملك رمسيس الثالث

حدث عالمي فريد من نوعه، ينتظره العالم بأكمله يرتبط بنقل 22 مومياء ملكية فرعونية من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة، إذ تتحرك عربات متلاحقة تحمل كل واحد اسم ملك فرعوني، وسط تغطية إعلامية دولية ومحلية عدد كبير من الوزراء والسفراء لدى مصر.

 

ولا يختلف إثنان على أن نقل موكب المومياوات الملكية أخد أهم المشروعات الأثرية والترويجية للسياحة المصرية المرتبطة بالعام 2020، ولعل إحدى مومياوات الملوك الذين سيتم نقلهم هي مومياء الملك «رمسيس الثالث »، حيث قدم الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، عرضًا موسعًا له:

 

فمن هي الملك «رمسيس الثالث» ؟

 

يعتبر الملك «رمسيس الثالث» هو آخر فراعنة مصر العظام، وفى فترة حكمه، عاصر نهايات واضطرابات فى دول وممالك عدة فى عالم البحر المتوسط مثل الحرب الطروادية وسقوط وهروب شعوب كثيرة بحثت عن أوطان جديدة، وتأثرت مصر دون شك بتلك الهجرات التى جاءت إلى الشواطئ المصرية بحثًا عن وطن جديد بعد الذى كان.

 

يقول «عبد البصير»، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، كانت السنوات الأربع الأولى من حكم رمسيس الثالث هادئة، وأخذ فى تدعيم دولته واستمر فى سياسة والده الملك ست نخت لجلب الاستقرار لمصر، ولم تكن هناك مشكلات تذكر فى بلاد النوبة، فقد كانت مستعمرة خاضعة للحكم المصرى، غير أن الليبيين، مع قبيلتين أخريين المشوش والسبد، تركوا الصحراء وحاولوا غزو الأرض الخصبة فى غرب الدلتا المصرية، وقام الجيش المصرى بقمعهم على الفور، ومن لم يتم قتله منهم، تم أسره واستعباده فى مصر، ومنذ ذلك الحين، وعت البلاد المجاورة لمصر الدرس، وعرفت جيدًا ألا تستفز الفرعون وألا تثير غضبه، وإلا سوف تلقى ما لا يُحمد عقباه.

 

وأوضح «عبد البصير» ، فى العام الثامن من حكم الفرعون رمسيس الثالث، جاءت إلى مصر قبائل كبيرة العدد فى طريقها إلى الاستقرار، وكانت قد دمرت الحيثيين قبل المجئ إلى مصر، وكانت هذه القبائل أو الشعوب ذات أسماء عدة غير أن الاسم الأشهر الذى تم إطلاقه عليها هو "شعوب البحر"، وقام الملك رمسيس الثالث بتسجيل وتصوير حروبه وانتصاراته على شعوب البحر على جدران معبده الجنائزى العظيم بمدينة هابو بالبر الغربى لمدينة الأقصر.

 

كما سجل الملك نص حروبه ضدهم على الجدار الخارجى للصرح الثانى من الناحية الشمالية، ويعد هذا النص أطول نص هيروغليفى على المعابد معروف لدينا إلى الآن، وتم تصوير المعركة ضدهم على الجدار الشمالى الخارجى للمعبد.

 

وتابع ، وفى طريق شعوب البحر إلى مصر، توقفت فى سوريا، وتقدموا نحو مصر عبر البر، ولم تكن حربًا عادية بمفهومها التقليدى المعروف لدينا، وإنما كانت هجرة ونزوحًا جماعيًا، وكان الهدف منها الاستقرار والإقامة فى مصر، فقد كانت شعوبًا تتحرك بكل أفرادها من النساء والأطفال وكل ممتلكاتهم الأسرية المحمولة على عربات تجرها ثيران إلى مصر، وفى البحر، كان أسطول شعوب البحر معسكرًا فى البحر كى يتوجه لاحتلال مصر والاستقرار فيها.

 

 وتقين الملك رمسيس الثالث بسرعة التحرك ووضع حد لإيقاف هذه الموجات البشرية الهائلة العدد، فتم إرسال قوات عسكرية على نقاط الحدود الشرقية حتى يتم إحضار الجيش المصرى بشكل كامل، وحدثت الحرب على الحدود، وتم قتل الغزاة كما تصور مناظر المعركة على معبد مدينة هابو، وتم تصوير الفرعون رمسيس الثالث محاربًا على عربته الحربية فى كل مكان فى المعركة، وتم تصويره بحجم أكبر من كل المشاركين فى المعركة وفقًا لقواعد الفن المصرى القديم.

 

وأضاف الدكتور حسين عبد البصير، أنه على الرغم من أنه تم القضاء على حملة شعوب البحر البرية، فقد كان ما يزال هناك تهديد قادم من البحر هذه المرة،  فدخل أسطول شعوب البحر إلى شرق الدلتا المصرية من خلال أحد أفرعها، غير أن الأسطول المصرى كان واقفًا له بالمرصاد.

 

وعلى الرغم من أن المصريين القدماء لم يفتخروا بكونهم بحارة عظماء، فقد حاربوا ببسالة يحسدون عليهم ومارسوا كل فنون القتال التى عرفوها على البر فى مواجهة عدوهم فى الماء، وقام المصريون القدماء بحرق سفن أعدائهم تحت إشراف الفرعون العظيم رمسيس الثالث، وانتصر المصريون القدماء على هذه الشعوب المهاجمة انتصارًا عظيمًا تحت راية الإله آمون سيد آلهة مصر ورب طيبة، الأقصر، المقدس، والذى تم إرسال كل الغنائم إلى معبده. 

 

وعاشت مصر هادئة لمدة ثلاث سنوات، ثم جاءت الاضطرابات هذه المرة من الحدود الغربية، من الليبيين ثانية، الذين تحالفوا مع قبيلة المشوش وخمس قبائل أخرى، وتسللوا كمهاجرين فى منطقة غرب الدلتا المصرية لبعض السنوات، غير أنهم فى العام الحادى عشر من حكم الملك رمسيس الثالث صار الأمر كغزوة، فقام الملك بقهرهم وقتل حوالى ألفين فرد منهم، وأخذ ماشيتهم وممتلكاتهم كغنائم لخزائن معبد الإله آمون.

 

الملك رمسيس الثالث العظيم الذى جعل من جده الأعلى الملك رمسيس الثانى العظيم مثلاً أعلى يحتذى به، فقد كان خير خلف لخير سلف، وحافظ على مصر من هجوم شعوب البحر واحتلال أرض مصر والاستقرار بها والقضاء على حضارة مصر العظيمة،  لذا صار رمسيس الثالث، فى رأى بعض العلماء، آخر ملوك مصر العظام.

 

ورغم عدم تحديد موعد حتى الآن للموكب الملكي، بات العالم على موعد مع الحدث الاستثنائي الذي يُنتظر أن تشهده القاهرة قريباً بنقل 22 مومياء ملكية من المتحف المصري إلى المتحف القومي للحضارة، في مسار تم إعداده بعناية لتكون الرحلة آمنة من التحرير إلى الفسطاط.

 

ومن المنتظر أن تعيد عملية النقل إلى الأذهان ذكريات نقل تمثال رمسيس قبل سنوات إلى المتحف المصري الكبير، وسهر أهالي القاهرة حتى الصباح ليتابعوا موكبه، مع ملايين شاهدوه عبر الشاشات على مستوى العالم.

 

استعدادات وإجراءات مُكثفة وبروفات شهدتها القاهرة، وأيام قليلة تفصلنا عن انطلاق الموكب المهيب الذي تستعد له وزارة السياحة والآثار؛ لنقل المومياوات الملكية، إلى مكان عرضها الدائم، في المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، وسط موكب ملكي مهيب يليق بعظمة الأجداد وعراقة الحضارة المصرية المتفردة، باشتراك عجلات حربية تم صنعها خصيصًا، وعلى أنغام الموسيقى العسكرية، وسط حشد شعبي وإعلامي من المقرر أن يكون غير مسبوق.

 

والتي لتليق بعظمة ملوك وملكات الفراعنة، ومومياواتهم التي ترجع إلى عصر الأسر الـ17، و18، و19، و20، و22، من بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات، هم: «سقنن رع، مريت آمون، امنحتب الأول، تحتمس الأول، الملكة تي، تحتمس الثاني، تحتمس الثالث، أمنحتب الثاني، أمنحتب الثالث، حتشبسوت، أحمس، نفرتاري، ست كامس، سبتاح، رمسيس الثاني، سيتي الأول، سيتي الثاني، رمسيس الثالث، والرابع، والخامس، والسادس، والتاسع».

 

وكان متحف الحضارة قد استقبل 17 تابوتاً ملكياً في يوليو الماضي، لترميمها وتجهيزها للعرض، استعداداً لاستقبال هذه المومياوات، فيما أكد الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار الانتهاء من تجهيز قاعة «المومياوات الملكية» بمتحف الحضارة.

 

اقرأ أيضًا || «قصة صورة»| تفاصيل القلادة الذهبية للملك «بسوسنيس الأول»