«لا تفكر.. بل حاول» كلمة السر لاكتشاف أول لقاح في التاريخ

صورة موضوعية
صورة موضوعية

تتسابق دول العالم خلال الأشهر الماضية وحتى الآن على اكتشاف لقاح لـ «فيروس كورونا» المستجد، في سباق محموم يخوضه العالم للوصول إلى لقاح يوقف نزيف الأرواح الذي يسببه الفيروس، خاصة مع بدء الموجة الثانية التي تجتاح أوروبا وعدد من دول العالم الآن.



التلقيح اليوم على الرغم من كونه  ممارسة شائعة في أنحاء العالم، لكن في الأعوام الماضية صارت الحركات المعارضة له أعلى صوتاً، ونظمت المسيرات والمظاهرات المناهضة لذذلك الإجراء الطبي، وفي هذه الدوائر يعتبر العثور على لقاح لكورونا مسألة مثيرة للجدل.

ويعتبر الخبراء بمجال الصحة اللقاح حلًا جذري للجائحة العالمية، وهو ما يقلق المعارضون للتلقيح القلقون حول فاعليته ومدى سلامة المتلقى له، وتتراوح مواقفهم من المخاوف البسيطة إلى العدوانية الصريحة.

وبين مؤيد ومعارض، يطرح السؤال نفسه عن أول لقاح في التاريخ وهل صاحبه نفس الضجة أم مر بسلام، وماهي الجائحة حينها التي استدعت إلى البحث عن لقاح ؟، ومن مكتشفه ؟، وفي السطور التالية نستعرض قصة أول لقاح في التاريخ، الذي اكتشفه الطبيب البريطاني إدوارد جينر في القرن الثامن عشر، وكانت كلمة السر في اكتشاف اللقاح هي نصيحة معلمه "لا تفكر.. بل حاول" .



أول لقاح في التاريخ

عندما اجتاح مرض الجدري البشرية، أثر ذلك على كل الدول، مع غياب علاجٍ فعال، وتسبب الملايين يومياً، وتُرك الناجون مشوهين بالندوب العميقة، ومن هنا اكتسب مرض الجدري اسمه الآخر «الوحش المبقع»، وظل هذا المرض يحصد في أرواح الملايين وربما كان ليظل كذلك، لولا الطبيب والجراح الإنجليزي إدوارد جينر.



في القرن الثامن عشر، كان اللقاح التقليدي للجُدري يُعرف بـ "التجدير"، وكان شديد الخطورة لأنه يتضمن إصابة الشخص السليم بصورة مخففة من المرض أملاً في تقوية مناعته فيما بعد.



وقد تعرض جينر في أيام المدرسة لتجربة مروعة حين تناول اللقاح في المدرسة، وسعى إلى إيجاد وسيلة أكثر أمنًا للوقاية من الجدري، ومن ممارساته الطبية في بلدة بيركلي بجلوسترشاير، مضى قدماً في بحثه، بنصيحة من معلمه جون هانتر ظلت تتردد في أذنه: "لا تفكر.. بل حاول".



 جدري الأبقار
لاحظ «جينر» أن الفتيات المحليات اللاتي يحلبن الأبقار يعانين من جدري الأبقار، وهو مرض أقل ضرراً ينتقل إلى الإنسان من الماشية، وأن المصابات به منهن يبدو أن لديهن مناعة ضد الجدري، لذلك تشجع جينر، وأراد أن يختبر إمكانية استعمال جدري الأبقار في إنقاذ الأرواح، ولم تكُن هناك سوى طريقة واحدة لمعرفة ذلك، وهي التجربة.



وفي 14 مايو 1796، حصل جينر على الصديد من قروح مريضة بجدري الأبقار، تُدعى سارة نيلمز، ونقله إلى طفل عمره 8 سنوات واسمه جيمس فيبس، وهو ابن البستاني الذي كان يعمل عنده، ثم مرض الولد على مدار الأيام التسعة التالية، لكنه تعافى بالكامل بعدها.



عقب ذلك اتخذ جينر خطوة خطيرة ومشكوكاً فيها أخلاقياً، حين أصاب الطفل فيبس بجرعة صغيرة من الجدري لاختبار نجاح "التلقيح"، وكلمة تلقيح بالإنجليزية vaccination مشتقة من كلمة vacca اللاتينية، التي تعني البقرة، وفرِح «جينر» حين لم يُصب الفتى بالجدري، وحقق اللقاح نجاحاً طاغياً.



وسُرعان ما انتشر لقاح جينر، وحل محل "التجدير"، وحصل على الثناء والتقدير من جميع أنحاء العالم، خاصة في عام 1803، حين أبحرت بعثة خاصة إلى الأمريكتين لتلقيح آلاف الأشخاص.

اقرأ أيضًا: «لا تنخدع بجمالها» من يقترب منها يتحول إلى تمثال.. سر الجمال القاتل |صور


وبحسب قول ماري فيسل من جامعة جون هوبكينز في حلقة من بودكاست HistoryExtra، "حصل جينر على التقدير بسبب اكتشافه، بل لقد طلب إطلاق سراح سجناء الحرب الإنجليز أثناء الحروب النابليونية، ويُقال إن نابليون رد قائلاً: لا يمكن أن نرفض لهذا الرجل طلباً.. فقد كان التلقيح حينها هدية مذهلة للبشرية ".



واستغرق العمل المطلوب لتخليص العالم من واحد من أسوأ أمراضه وأكثرها انتشاراً أعواماً طويلة، لكن في عام 1980، أعلنت منظمة الصحة العالمية أخيراً أنها قضت تماماً على الجدري، قائلة: "لقد مات الجدري".

اقرأ أيضا «الأولوية للأمريكيين».. ترامب يوقع أمرًا تنفيذيًا حول لقاح كورونا