وكيل الأزهر: التّطْعيم ضد شلل الأطفال والأوبئة «واجب شرعي»

جانب من المؤتمر
جانب من المؤتمر

شارك الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، اليوم الاثنين 7 ديسمبر، في الاجتماع الدوري السابع للفريق الاستشاري الإسلامي المعني باستئصال شلل الأطفال افتراضيا.

جاء ذلك بمشاركة الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، والدكتور صالح بن حميد، رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، والدكتور أحمد بن سالم، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، والدكتور جمال أبوسرور، رئيس مركز الأزهر للدراسات السكانية، وعدد من قيادات المجلس الاستشاري.

قال الدكتور الضويني خلال كلمته: إن الشريعة الإسلامية من بداية نزولها إلى اليوم الذي نعيش فيه هي شريعة عدل ورحمة وخير للناس كافة، وإن من أوامر الشريعة العظيمة حفظ النفس، وعدم الاعتداء عليها وتحريم كل أمر يمس سلامتها، وذلك ليعيش الإنسان ما كتب الله عز وجل له من عمر آمنا مطمئنا.

وأضاف أن حفظ النفس وسلامتها من الأمراض بأنواعها، أمر يستخف به بعض الناس في هذه الأيام العصيبة، وبعضهم لا يبالي بصحته أو صحة من يعيشون في كنفه، ويعرض نفسه وغيره للإصابة بأمراض خطيرة، بعدم حرصه على الأوامر الربانية، وعدم عمله بالتوجيهات النبوية، وعدم تمسكه بالتعليمات، وهذا أمر لا يجيزه الدين، ومخالف لشريعة رب العالمين؛ لأن حفظ النفس ضرورة من ضروريات الحياة، بل من أهم الضروريات بعد حفظ الدين. فيجب على المسلم أن يعمل على سلامة نفسه وحفظها من الأمراض والأسقام. 

وأوضح أن قضية التطعيم ضد شلل الأطفال قد حسمتها فتاوى الأزهر الشريف ومجمع الفقه الإسلامي، ونصهم متفق عليه في أن «التطعيم ضد شلل الأطفال نوع من العلاج الوقائي، وهو مطلوب شرعا، وتحث عليه أحكام الشريعة الإسلامية، ويجب على المسلمين أن يتعاونوا في سبيل تطعيم أطفالهم وحمايتهم من الأمراض التي تفتك بهم».

وأشار إلى أنه لمن المحزن –أن نسمع صوتا من هنا أو من هناك يشكك في هذه الحملات الصحية الشرعية، ويفتي بحرمتها على خلاف ما أقره العلماء المتحققون، في الوقت الذي نتلقى فيه تقارير عن تحقيق حملات التطعيم نجاحا في البلدان الإسلامية في إيقاف انتشار مرض شلل الأطفال . 

وشدد وكيل الأزهر على ضرورة دعم الجهود التي تبذلها الحكومات والمجتمعات المحلية والاباء والأمهات في البلدان التي يتوطن فيها مرض شلل الأطفال لوقف انتشار المرض، ودعوة الحكومات إلى مواصلة التزامها بتنفيذ خطط عمل وطنية عاجلة ومنسقة للطوارئ.

وأشار إلى أن الأزهر الشريف يبارك ما قرره الفريق الاستشاري الإسلامي من قبل من ضرورة محاربة عدم التطعيم ضد الأوبئة الأخرى التي تجد على الساحة، وكذلك ضرورة دعم وتعزيز صحة الأمهات والأطفال في العالم الإسلامي والعالم أجمع.

ووجه الدعوة للاباء والأمهات وأولياء أمور الأطفال في جميع أنحاء المعمورة إلى الاستجابة لتلك الحملات والمبادرة بتطعيم أبنائهم وبناتهم باللقاحات المضادة لمرض شلل الأطفال، حيث قد ثبتت أهمية هذا التطعيم في تجنيبهم -بفضل من الله ونعمة- شرور هذا المرض العضال الذي لا دواء له، بل ويتسبب في عاهات وإعاقات دائمة تلازم المريض طوال حياته وتقطف بهجتها، وهو واجب شرعي وأمانة في أعناق أولياء أمور الأطفال يتحملون وزر التفريط فيه.

وأكد أن علماء الأزهر ومجمع الفقه الإسلامي الدولي يتطلعون جميعا إلى أن يروا أجيال الأمة الإسلامية وناشئتها يتمتعون بما امتن الله عز وجل عليهم في أحسن تقويم، وبصحة دائمة وعافية تامة، يمضون نحو مستقبل واعد وعاقبة هنيئة، فكلما كان الأطفال -ذكورا وإناثا- أصحاء كان مستقبل الأمة أفضل.

وأضاف أن قضية التطعيمات قضية أمة يجب أن توضع في أولى أولويات الدول التي تسعى لمستقبل واعد لأبنائها، مؤكدا أن مسؤولية مواجهة انتشار الشائعات والمفاهيم المغلوطة التي تؤدي إلى رفض بعض الأسر تطعيم أبنائهم، مسئولية مجتمعية يجب أن تشارك فيها كافة المؤسسات وخاصة الإعلامية والدينية والصحية، ويجب أن تتضافر جهود علماء الدين والمتخصصين في نشر الوعي الفكري والديني لدي هؤلاء الرافضين، باستخدام كافة وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة في تلك الدول.

وفي ختام كلمته، أشاد وكيل الأزهر، بجهود الفريق الاستشاري الإسلامي وأنشطته في مكافحة جائحة كورونا مما يساعد على الحد من انتشار هذا الوباء والتصدي للشائعات التي تخالف تعاليم الشريعة في هذا المجال، مؤكدا أن الأزهر يفتح أبوابه لتدريب الأئمة والمتخصصين وتوجيههم فكريا ومعنويا من أجل تحقيق الهدف الذي نسعى إليه جميعا في مواجهة الشائعات والفتاوى المضللة التي لا تهدف إلا لتدمير البلاد وتخريب عقول العباد وتدمير مستقبل الأطفال والشباب.