«الدين بيقول إيه».. هل التدخين حرام وينقض الوضوء؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تثار مسألة التدخين من وقت لآخر، بين من يراها عادة سيئة فقط، ومن يجزم بتحريمها، حتى أن البعض يشك في صلاته لعدم معرفة هل التدخين ينقض الوضوء أم لا.

وردًا على سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية، نصه: «هل التدخين ينقض الوضوء؟»، قال فضيبة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، إن  التدخين لا ينقض الوضوء.

اقرأ أيضا| «الدين بيقول إيه»| هل يجوز ثبوت النسب بعقد زواج مدني؟

وأضاف أنه يستحب للمسلم أن يُطهِّر فمه من رائحة التدخين عند الصلاة حتى لا يؤذي إخوانه المصلين. 

وإجابة عن سؤال آخر، نصه: «ما حكم التدخين، حيث إني أدخن ما يزيد عن 20 سيجارة في اليوم»، أجابت دار الإفتاء المصرية، بأن التدخين وهو ما يعرف بتعاطي نبات التبغ بالإحراق، وجذب الدخان الناتج عن إشعاله، منذ أن ظهر التدخين وأفتى كثير من العلماء من المذاهب الأربعة بتحريمه رغم عدم اكتشاف الأضرار التي تم اكتشافها في عصرنا الحالي.

 ولفتت إلى أن مدار حكم التدخين على الضرر، فإن تحقق الضرر الذي تمنعه الشريعة الإسلامية، حيث إن الطب ما زال يكتشف لنا كل جديد، ويخبرنا بأضرار التدخين يومًا بعد يوم، وما وصل إليه الطب الحديث في عصرنا أن التدخين، ضار جدًا بالصحة الإنسانية، وأنه يحتوي على مادة مفترة. 

واستشهدت بما ورد عن عبادة بن الصامت أن من قضاء النبي صلى الله عليه وسلم : «لا ضرر ولا ضرار» [رواه أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، والبيهقي في سننه الكبرى].

وبنيت عليه قواعد فقهية كلية وفرعية منها : «الضرر يزال»، ومنها : «دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة»، وعن أم سلمة رضي الله عنها : «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر» [رواه أحمد في مسنده وأبو داود في سننه].

 وانتهت الإفتاء، بناءً على ما سبق أن الشرع حرم الضرر البالغ، والتدخين يصيب الإنسان بالضرر البالغ كما أقر بذلك الأطباء، ويحرم الشرع كل مادة مفترة، والتبغ وكل النبات الذي يدخن يفتر أعصاب الإنسان، وحرم الشرع الشريف إضاعة المال، وهي الإنفاق فيما لا فائدة له، بل فيما فيه ضرر فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الله كره لكم قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال» [رواه البخاري ومسلم في صحيحهما] لذا نرى أن التدخين عادة سيئة محرمة شرعًا، نسأل الله أن يتوب على من ابتُلي بها.

وتناول مركز الأزهر العالمي للفتوى، ما نشرته منظمة الصحة العالمية عام 1975، وفيه: «إن عدد الذين يلقون حتفهم، أو يعيشون حياة تعيسة من جراء التدخين يفوق عدد الذين يلاقون حتفهم نتيجة الطاعون، والكوليرا، والجدري، والسل، والجذام، والتيفوئيد، والتيفوس، مجتمعين، والوفيات الناجمة عن التدخين هي أكثر بكثير من جميع الوفيات للأمراض الوبائية مجتمعة».

وأضاف أن مجموع الدخل الذي تحققه الدول الكبرى من جراء الضرائب الباهظة على إنتاج التدخين هو أقل بكثير من الأموال التي تنفق لمعالجة الأمراض الناتجة عنه، وإنه من الهام معرفة أن الآثار المدمرة للتدخين لا تظهر بشكل واضح، إلا بعد ربع قرن، يدخن الشاب، ولا يدري ماذا يفعل بنفسه، لكن بعد مضي عشرين عاما أو أكثر تبدأ الآثار الضخمة للتدخين في الظهور.

وأكد الأزهر للفتوى أن للتدخين تأثيره على قدرات ووظائف أعضاء الجسم، وأن آثاره الضارة كثيرة وخطيرة، ويؤدي للكثير من الأمراض المزمنة والسرطانات، وتصل نسبة السرطان عند المدخنين لثمانية أمثال غير المدخنين.

وذكر 8 أضرار أخرى تنجم عن التدخين وهي:
- أن عمر الشرايين وتصلبها يتأثر به، فلو دخن الشخص في اليوم عشرين دخانة لنقص من عمره خمس سنوات تقريبا ،وقد أظهرت دراسة أن التدخين لمدة طويلة يقصر من عمر المدخن من1-7 سنوات.

- التدخين يؤدي إلى ضعف الذاكرة، وكثرة النسيان، وفتور النشاط العقلي، فغير المدخن أذكى من المدخن، وأسرع استجابة منه.

- يضعف التدخين الوظائف التنفسية، ويؤدي إلى التهاب الأنف، والبلعوم المزمنين، وإلى التهاب الحنجرة، والقصبات الرئوية.

- معظم الإصابات القلبية، والوعائية القاتلة تعود إلى التدخين.
- يزيد سكر الدم، ويزيد هرمون التجلط، ويسبب التهابا في الملتحمة، وجفافا في الأجفان، والتهابا في العصب البصري، كما يؤدي إلى تسمم الخلية الكبدية، وقصور الكبد.

- أحد أكبر أسباب إصابة الرجل بالضعف الجنسي، وتشوه النطف، ويؤدي إلى العقم عند الرجال والنساء.

- أكثر حالات الإجهاض والإملاص - ولادة الجنين ميتا - بسبب الدخان، وهو سبب الولادة قبل الأوان، ونقص الوزن، ووفاة الرضع بسبب الأم المدخنة، أما التشوهات الخلقية، والوفاة في المهد، وربو الأطفال، والصمم؛ فكله يعزى إلى الأم المدخنة.
- المدخن لا يقصر ضرر التدخين على نفسه، بل يضر بهذا من حوله من زوجة، وأولاده، وزملاءه.

حكم التدخين:
وفيما يخص حكم التدخين، تساءل العالمي للفتوى أنه كيف بعد كل هذا الضرر تأتى الشريعة بإقراره أو بإباحته؟! كيف وكل ضار في الإسلام محرم؟!
وأكد المركز أن التدخين محرم شرعا، وذلك من وجوه:

- الإسلام حرم كل ضار بصحة الإنسان، فقد قال تعالى «ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث»، وقال: «يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات»، وعن عبادة بن الصامت، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قضى أن لا ضرر ولا ضرار».

- صحة الإنسان نعمة تستوجب شكر الله – عز وجل – ومن شكر هذه النعمة المحافظة عليها، وتسخيرها في نفع النفس والناس، فكما أن الشكر يكون بالقول فهو أيضا بالعمل، فقد قال تعالى «اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور».

- إنفاق المال للحصول على الدخان يعد إضاعة له وهو محرم أيضا، فعن المغيرة بن شعبة قال، قال النبي صلى الله عليه و سلم: «إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال».
ولذلك فالتدخين حرام شرعا، ومعصية يعرض الإنسان نفسه من خلالها إلى الهلكة، وهذه الحرمة تنسحب على البائع والمشتري والمصنع وكل من ساهم في عملية إيصال الدخان إلى المدخن.

وطالب مركز الأزهر بضرورة تجنب الوقوع في هذه المعصية، ولو مرة واحدة؛ لأن مادة النيكوتين الموجودة بالدخان تصل إلى الدم، والذي يصل بدوره إلى الدماغ فيعطي الإنسان شعورا بالخدر تارة، وشعورا بالنشاط تارة أخرى، فالدخان مهدئ، ومنشط في آن واحد، وهذا هو سر إدمانه، ولهذا كانت الوقاية خيرا من العلاج.

وأوضح أنه من ابتلي بالتدخين فعليه أن يجاهد نفسه حتى يعينه الله ويكف عنها، وهو ما يحتاج إلى عزيمة قوية، وإرادة جادة، لافتا إلى أن المقلع عن التدخين يشعر بفارق كبير في صحته ونفسيته، ومن الأمور التي يشعر بها: 

- فتبدأ وظائف التنفس بالتحسن ويقل التهيج.
- ويبدأ بالاستمتاع بالنوم الهادئ بعيدا عن الأرق والنوم المتقطع.

- ويتذوق الطعام بمذاقه الحقيقي ويحقق منه استفادة أكبر.
- ويبدأ تدريجيا في استعادة الثقة بينه وبين ذويه، فلن يمتعض ولده الصغير عندما يقترب منه أو يقبله.

- ويبدأ جسده بطرد السموم تدريجيا.