استثمارات ضخمة لإيران في العراق

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتبت: ياسمين السيد هاني 

في شهر سبتمبر قام قائد إيراني كبير بزيارة غير معلنة لواحد من أقدس المواقع عند الشيعة في مدينة كربلاء بجنوب العراق. وحسن بلارك، التى فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات قبل أشهر كأحد كبار الضباط في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بتهمة تهريب السلاح، جاءت زيارته للعراق لتفقد مشروع إنشائي تتولى تنفيذه شركة يملكها مع آخرين من رجال الحرس الثوري تربطها صلات بالزعيم الإيراني الأعلى وهي مؤسسة تفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات أيضا.

اقرأ أيضًا: العراق: توزيع لقاح فيروس كورونا مجانا على المواطنين

وبحسب تقرير لرويترز، فإن مشروع التوسعة الذي تبلغ تكاليفه 600 مليون دولار في العتبة الحسينية سيؤدي إلى زيادة الطاقة الاستيعابية لأكبر موقع في العالم للزيارات الدينية السنوية لتتضاءل إلى جانبه أعداد الحجاج المسلمين إلى مكة المكرمة في السعودية. وهذه أكبر توسعة للعتبة منذ 300 عام.

ولم تنشر وسائل الإعلام الإيرانية أو العراقية شيئا عن الزيارة التي أكدها موظف عراقي من العاملين بالمؤسسة.

اقرأ أيضًا: مسئول أمريكي: ميليشيات إيرانية تخطط لاستهداف سفارتنا ببغداد

ويقول عاملون إن بلارك وقادة آخرين في الحرس الثوري يشرفون على المشروع يترددون عليه دون سابق إخطار وتتولى الشركات الإيرانية والمهندسون الإيرانيون المتعاقد معهم حصريا لتنفيذ الأعمال المطلوبة اطلاعهم على التطورات في جولات سريعة.

وستضم المباني متعددة الأدوار التي يعملون على إقامتها وحدات للوضوء ومتحفا ومكتبة. وسيتمكن ملايين الزائرين وغالبيتهم العظمى من الشيعة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي من الوصول إلى مرقد الحسين عن طريق نفق واسع.

وكان موقع المشروع شبه خال قبل نحو عام لكنه سرعان ما امتلأ بهياكل المباني. وقد وقّع بلارك عقدا تقارب قيمته 650 مليون دولار في 2015 مع العتبة الحسينية لكي تقوم مؤسسة الكوثر بتنفيذ مشروع التوسعة باسم "صحن العقيلة زينب"، شقيقة الحسين.

وهذا هو أكبر مشروع تقود تنفيذه مؤسسة الكوثر المملوكة للحرس الثوري لتطوير السياحة الدينية في العراق وسوريا وهناك مشروعات أخرى في الطريق.

وتقول لجنة إعادة إعمار العتبات المقدسة إنها تشرف على 17 مشروعا على الأقل في مراقد مهمة في النجف وكربلاء وبغداد ومدينة سامراء الشمالية. وكثيرا ما تكون تعاقدات هذه المشاريع لسنوات طويلة وتبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات.

وفي النجف قامت مؤسسة الكوثر ولجنة إعادة الإعمار بإصلاح القبة الذهبية في مرقد الإمام علي وإيوانه كما أنهما تنفذان توسعة للبنية التحتية في المرقد أيضا بتكلفة تبلغ 500 مليون دولار.

وفي بغداد صنعت المؤسسة واللجنة شبابيك مزخرفة في مرقدين لاثنين من أئمة الشيعة كما تعملان على إصلاح مئذنة مائلة بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية وفقا لما قاله مصدر مقرب من العتبات.

وتعمل اللجنة أيضا على توسعة مرقد الإمام العسكري في سامراء الذي فجره متطرفون من السنة في 2006 مما أدى إلى اندلاع بعض من أسوأ أعمال العنف الطائفية وإراقة الدماء في العراق.

واستند تقرير رويترز إلى زيارات لموقع مشروع كربلاء وتفحصت المعلومات العامة المتاحة الخاصة بالعتبات والشركات المعنية و 20 مقابلة على الأقل مع عمال ومهندسين ورجال أعمال ومسؤولين دينيين وسياسيين من العراق وإيران.

وكشف التحقيق كيف يحقق الدور الإيراني في السياحة الدينية قوة ناعمة لطهران ويعزز وجودها في المراكز الدينية العراقية التي تعد مركزا للنفوذ الشيعي الإقليمي. كذلك يعمل التحكم في تطوير العتبات المقدسة على تعميق العلاقات التجارية كما أنه ينطوي على فرص اقتصادية لإيران.

فالسياحة الدينية صناعة تدر مليارات الدولارات سنويا في العراق وهي ثاني أكبر مصدر للدخل في البلاد بعد قطاع النفط.

وقال وزير عراقي سابق مطلع على المشروع "صارت علاقة، وصارت توغل إيراني. دخلوا في الدولة العميقة. العلاقة العقائدية أكبر من العلاقة السياسية ... (وهم) يستخدمون السياسة الناعمة جدا". ومن جهته، قال أفضل الشامي نائب الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة لرويترز إن الدور الإيراني ضروري لأن "الوضع الاقتصادي في العراق لا يستطيع أن يبني مثل هذه المشاريع الكبيرة. الشعب الإيراني شعب يحب الأئمة ويحب العراق ويريد أن يتبرع بأموال للعتبات المقدسة".

وفي مارس، فرضت واشنطن عقوبات على اللجنة وعلى مؤسسة الكوثر جناح الأعمال الهندسية التابع لها في العراق. وكان بلارك من المسؤولين المستهدفين بالعقوبات. 

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في نص العقوبات التي فُرضت إن مؤسسة الكوثر "عملت كقاعدة لأنشطة المخابرات الإيرانية في العراق بل وشحن أسلحة وذخائر لجماعات الميليشيات الإرهابية المدعومة من إيران".

وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأمريكية لرويترز إن إيران تسعى لتوسعة نفوذها واستغلال قطاعي المال والأعمال في العراق.