إنها مصر

والذكرى تنفع المؤمنين

كرم جبر
كرم جبر

وقف الزمن يحبس أنفاسه وقلوب المصريين تخفق بشدة، انتظاراً لما تسفر عنه الأحداث، فإما أن تضيع البلاد إلى الأبد، وإما أن تنقذها العناية الإلهية، وكانت يد الله فوق أيدى الأشرار والمتآمرين، فلا يمكن أن يكون مصير هذا البلد العظيم التفكك والانقسام، ولا يمكن أن يلقى شعبه الطيب ويلات الحرب الأهلية والتهجير.
وتوهمت الجماعة الإرهابية أنها قادرة على الحسم، تدعمها ميليشيات مسلحة، يمكن أن تتحرك من سيناء إلى القاهرة، وخلايا نائمة تتمركز فى المدن والقرى، ودعم خارجى من بعض الدول التى تؤيد الإخوان، بجانب الكوادر الإعلامية الإخوانية، التى تم تجهيزها للانتشار الإعلامى المكثف فى القنوات الإخوانية فى ساعة الصفر، وتم تدريبهم جيداً على ترويج الشائعات والأكاذيب.
وأصدرت التنظيمات الإخوانية الإرهابية، التى نشأت فى صورة أحزاب إسلامية، بيانات شبه عسكرية، تدعو بالحرف الواحد إلى نصب أعواد المشانق فى الميادين العامة، استعداداً لاستقبال رؤوس العلمانيين الكفرة والصليبيين، وإطعام جثثهم النجسة للذئاب والكلاب المسعورة، وأصبح المشهد هو التمهيد لمذبحة مروعة.
كانت ميليشيات الشاطر تجهز أسلحتها، وتعلن النفير العام استعداداً لمواجهة دموية شرسة، ولعبت القنوات الإعلامية الإخوانية على أسطوانة الشرعية، فى محاولة لاختزال شرعية وطن فى أكذوبة جماعة، وسلحوا سلميتهم الكاذبة بالمولوتوف والسيوف والمتفجرات، استعداداً ليوم الجهاد الأكبر، ورصدت الأجهزة الأمنية محاولات تسلل جماعية من عناصر حركة حماس لدخول سيناء والاشتراك فى أم المعارك، كما فعلوا فى 25 يناير.
وفى التاسعة مساء 3 يوليو، وبعد انتهاء المهلة التى منحتها القوات المسلحة للقوى السياسية، لتحمل أعباء الظرف التاريخي، أعلن وزير الدفاع آنذاك الفريق عبد الفتاح السيسى إنهاء حكم المعزول مرسي، وأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ووقف العمل بالدستور المشبوه.
وانفجرت مظاهرات الفرح فى الشوارع، وانطلقت الزغاريد والهتافات وكلمة واحدة تصرخ بها الحناجر «مصر» «مصر»، وعادت الابتسامة للوجوه الحزينة والقلوب الخائفة، وامتلأت الطرق والميادين بملايين البشر، الذين خرجوا كالأمواج الهادرة، يحتفلون بتحرير وطنهم واسترداد ثقافته وتاريخه وحضارته، ولم يسقط شهيد واحد، بعد أن دخلت جحافل الشر جحورها، خوفاً من غضب الجماهير.
عقب البيان قام شيخ الأزهر أحمد الطيب بإلقاء كلمة، أعقبه البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية، وأعلن السيسى خارطة مستقبل، تتضمن تشكيل حكومة كفاءات وطنية تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.
وكتب لمصر عمر جديد، وبدأت الدولة تسترد هيبتها وقوتها ومؤسساتها واحترامها، بينما ظلت الجماعة الإرهابية محشورة فى مقبرة الخيانة والعمالة والتفريط، ومعها بعض القوى الانتهازية ونشطاء التجسس والدولار، وفلاسفة التحاليل السوداء الذين اختفوا من الساحة، تصحبهم لعنات الناس، بعد أن كانوا نجوماً زائفة.