مصر تستطيع بالصناعة

حوار| مستشار وزير الدفاع الكندي:«مصر تستطيع بالصناعة»

الباحثة المصرية وخبيرة الهندسة الدكتورة هدى أحمد المراغي
الباحثة المصرية وخبيرة الهندسة الدكتورة هدى أحمد المراغي

كتبت : أسماء فتحي 


 الاستيراد يرهق كاهل الدولة بالعملة الصعبة
 «كورونا» فتحت الباب للتصنيع المحلي

«الكنز في الرحلة»،هكذا تنقلت الباحثة المصرية وخبيرة الهندسة الدكتورة هدى أحمد المراغي بين محطات عديدة في حياتها، بدأت رحلتها المهنية من جامعة القاهرة حتي جامعة ماكماستر بكندا، في ظل سنوات من البحث والعمل والدراسة حصلت خلالها على درجة الدكتوراه ثم على عدة جوائز لإنجازاتها في مجال هندسة الميكانيكا، وعلى مدار سنوات مرت واجهت الكثير من التحديات، وحققت أيضًا الكثير من النجاحات، حتى تربعت على عرش عالم الهندسة، وأصبحت أول سيدة من أصل عربي تحصل على وسام الشرف من الدرجة الأولى في مقاطعة أونتاريو بكندا، تكريماً لجهودها العلمية في مجال الهندسة، حيث قدمت 350 بحثًا علميًا غيرت موازين هندسة التصنيع في العالم، وكانت أول سيدة تشغل منصب مستشار  لوزير الدفاع الكندي.. الرحلة استغرقت سنوات من الجهد والعمل، استعرضتها خبيرة الهندسة المصرية خلال حوارها لـ«الأخبار المسائي»

كيف كانت  الرحلة بداية من النشأة والدراسة والتدرج  في المناصب بالخارج ؟
«الرحلة لم تكن سهلة علي الإطلاق» فمرحلة النشأة في مصر تختلف عن مرحلة الدراسة والعمل بالتأكيد، وكذلك السفر إلي الخارج، فكانت نشأتي بين أسرة مصرية تحرص علي تعليم أبنائها وأن يتدرجوا في مراحلة حتى يصلون إلي الدراسات الأكاديمية.

واستطردت : أدرك «والداي»منذ طفولتي، ميولي للاكتشاف، والمعرفة، فحرصًا علي توفير جميع سبل الدعم حتي أتقدم في مراحلي التعليمية لأصل لما أنا فيه الآن، واخترت دراسة الهندسة الميكانيكية، في فترة الستينيات من القرن الماضي،وكان مجالاً جديدًا وغير معتاد، بالنسبة للمرأة خلال تلك الفترة، وتخرجت في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وحصلت على المركز الأول على دفعتي، فقد كنت بشهادة أساتذتي متفوقة في دراستي و تم تكريمي، من بين الطلبة المتفوقين في عيد العلم، وقابلت آنذاك الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عدة مرات، وتم تعييني معيدة بالجامعة، إلا أن طموحي كان يتجه لأن أصبح عميدة الكلية، وكانت هي أمنية والدتي أيضاً، ثم جاءت مرحلة  السفر لكندا، بعد زواجي لتحضير رسالة الدكتوراة، لكن الحياة لاتستمر علي وتيرة واحدة، خاصة في ظل الدراسة ومسؤوليتي كزوجة وأم ، ثم فوجئت بعد فترة أن شهادتي المصرية في كندا غير معترف بها، ورفضت أوراقي أكثر من مرة، للتقدم للدكتوراه، لكن كان لدي هدف ولم أيأس من المحاولة مراراً، حتى تم قبول أوراقي واستطعت مناقشة رسالتي و الحصول على درجة الدكتوراه بشهادة معتمدة من جامعة كندية .. ثم تقدمت لشغل وظيفة أستاذ هندسة بجامعة ماكماستر، وكنت المرأة الوحيدة بين المتقدمين، وتم استبعادي واختيار رجل، فتقدمت بشكوى لرئيس الجامعة، لإيماني بأنني لا أقل كفاءة عن أي من المتقدمين، وتظلمت من استبعادي فقط لكوني امرأة، وكانت سعادتي عندما تحقق رئيس الجامعة من الأمر، وقرر تعييني لأشغل منصبي  كأستاذ  بجامعة ماكماستر الكندية، ثم أعلنت جامعة وندسور عن حاجتها لعميد لكلية الهندسة، فترشحت لشغل المنصب، وكنت أول سيدة تتولى منصب عميد كلية الهندسة في عام 1994، وذلك للمرة الأولى في تاريخ كندا.وحصلت على جائزة أفضل مشرف على الطلاب في جامعة ويندسور، لتوفيري مناخاً تعليمياً جيداً للطلاب، وتحفيزهم علي تقديم الأبحاث،وكنت  أول سيدة من أصل عربي تتقلد وسام الشرف من الدرجة الأولى في مقاطعة أونتاريو بكندا، تكريماً لجهودي العلمية في مجال الهندسة.

ما أسباب عودتك إلى مصر في منتصف رحلتك العملية بكندا؟ ولماذا تراجعت عن خطوة التدريس بجامعة القاهرة؟
عدت في منتصف رحلتي العملية بكندا، كي أشارك في مؤتمرات مهمة تتناول قضية التعليم في مصر،وقدمت خلالها عدة محاضرات لطلاب جامعة القاهرة، تضمنت عدداً من ورش العمل، لنقل خبراتي العملية بالخارج إلي مصر، كما اقترحت عدداً من التعديلات على البرامج التعليمية في الجامعات المصرية، اتخذت  قراراً بعودتي للتدريس في جامعة القاهرة مرة أخري والبقاء في مصر، لخدمة وطني والاستفادة من خبرتي وعلمي، لكنني عدلت عن ذلك عندما فوجئت بأننى سأهبط درجة.

ما دورك كمستشار لوزير الدفاع الكندي؟هل هو عسكري؟ أم استشاري؟
كنت عضوا في المجلس الاستشاري العلمي لوزير الدفاع الكندي علي مدي 5سنوات، ووزارة الدفاع في كندا  تسعي دائما لاستخدام أحدث طرق الأمان و اللوجيستيات والإلكترونيات والتقنيات الذكية أيضا،وكان الأمر  يتطلب دائما نصائح ومتابعات من العلماء والخبراء أعضاء المجلس أي دور استشاري ،وكنت في ذلك التوقيت التقي قادة الجيش الكندي والباحثين في المجالات المختلفة،فكان دوري علمياً وتكنولوجياً بحت في المسائل الخاصة بتطوير الصناعة والأمور الفنية المتعلقة بها  ،ولا علاقة له بفنون الحرب أو المجال العسكري.
قمت بتطوير إحدى السيارات بكندا

كيف تقيمين أزمة استيراد السيارات؟ خاصة بعد الاتجاه نحو صناعة سيارة مصرية بالكامل؟
اعتقد أن الاتجاه نحو تصميم سيارة مصرية هو الحل البديل ،لارتفاع تكاليف الاستيراد والجمارك.
والبداية كما يحدث الآن أن يتم تصميم سيارة مصرية وينفذ إنتاجها بالداخل، لكن قد يتطلب الأمر في مراحله الأولي شراكة أجنبية والاعتماد علي قطع غيار بنسبة تتراوح ما بين 30%إلي 40%، ومن خلال زيارتي لمصانع النصر للسيارات، قبل إغلاقها، في محاولة لمساعدتهم على تطوير عملية الإنتاج،كانت المشكلة الأساسية التي تواجه المصنع، هي نقص قطع الغيار بسبب العملة الصعبة، فاقترحت عليهم تصنيع قطع الغيار محليًا بمواصفات عالمية. إننا مع الوقت قادرون على  الاعتماد على أنفسنا بعد نقل التكنولوجيا الخاصة بالإنتاج إلينا ،على أن يتوافر فيها مواصفات عدة،أهمها أن تكون صديقة للبيئة،وموفرة للطاقة، والبنزين ،بجانب أن تؤدي الغرض المرجو من إنتاجها، وسيسهم هذا في زيادة فرص العمل للشباب  وتشغيل المصانع، والسيارة الكهربائية التي تم إنتاجها مؤخراً وكذلك الأتوبيسات التي تعتمد نفس التقنية خير دليل أننا نستطيع ولكن بشكل تدريجي، من خلال مراعاة أن نستهدف إنتاج سيارة مصرية منافسة لمثيلاتها فى السوق المحلية والعالمية، من حيث الامكانيات والمواصفات والثمن، مع الاحتفاظ أيضا بمعايير الأمان والجودة بنسبة مكونات محلية  تزداد  فيما بعد عن 60%. ،كذلك دراسة  مدى قدرة الاقتصاد ومصانع التجميع على تصنيع سيارة مصرية بنسبة تصل إلى 100%، خاصة أن كبرى دول صناعة السيارات مثل اليابان لا يمكنها أن تنتج سيارة يابانية بنسبة 100%، نظراً لاعتمادها على موردين من الهند وعدد من الدول الأخرى في الحصول على مكونات أو أجزاء بالسيارة.

النظام الصناعي الكندي متقدم .. ماذا ينقصنا للنهوض بالصناعة في مصر؟
علينا أن نتخير المصادر المثلى للحصول علي الموارد المالية،وكذلك أفضل الطرق لصرفها  في مشروعات تنموية،وهذا قد أخذ في التحقق بشكل كبير على أرض مصر مؤخراً،فما تشهده الدولة من نهضة تنموية يبشر بالخير الكثير. ولابد من الاهتمام بالتعليم والإنفاق عليه ،وعلى الصحة وإعطائها أهمية كبيرة ،خاصة في ظل أزمة كورونا الراهنة التي يعاني من تداعياتها العالم بأثره.

ماذا عن الاتجاه نحو توطين كثير من الصناعات في مصر ،والحد من الاستيراد مؤخراً؟
الاتجاه نحو الحد من استيراد بعض السلع، خاصة التي يمكن تصنيعها محليا،يتماشي مع خطة الدولة المصرية بتوطين الصناعات، والاستفادة من خبرات العلماء ورجال الصناعة المصريين بالخارج، ممن لهم تجارب ناجحة في دول المهجر بشكل واضح . وهو مايتسق بشكل كبير مع مؤتمر «مصر تستطيع بالصناعة» تعد وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج لإطلاقه قبل نهاية العام الحالي 2020، ولعل أزمة فيروس كورونا المستجد، لعبت دوراً كبيراً للمضي قدما، نحو توطين الصناعات المصرية، فضلاً عن أن الاستيراد علي وجه العموم، يكلف الدولة كثيراً من العملة الصعبة، وهو ما قد يرهق كاهل الدولة في الوقت الحالي. 

كيف نتجنب إهدار الموارد بشكل عام في مصر؟
علينا أن نعتمد على موارد متجددة ،فهذا يجنبنا كثيرا إهدار الموارد المتاحة لدينا، إلي جانب الموارد الطبيعية ،وإدخالها في مجال الصناعة ، والطاقة، وضخ مشروعات تنموية، تستهدف تحقيق إكتفاء ذاتي ولو على مستوي محدود في البداية، مع خطط للتوسع في ذلك. ،فضلاً عن خلق عدد كبير من الوظائف وفرص العمل التي تخدم قطاعاً كبيراً جداً’ من الشباب.

إقرأ المزيد .. مستشار وزير الدفاع الكندي تضع روشتة توطين الصناعة في مصر