مصر المستقبل

المصداقية والمواقع الإلكترونية

رشا الشايب
رشا الشايب

رشا الشايب

منذ فترة ليست بالقليلة، وعند تصفحى لعدد من المواقع الإلكترونية الصحفية اعتادت عيناى رؤية ما يطلق عليه لفظ «صحافة الإثارة» بكل أشكالها وتفاصيلها أيا ما كانت هذه الإثارة سياسية أو اجتماعية أو جنسية أو حتى دينية للأسف الشديد.
فالكل -إلا قليلا- يلهث وراء الترند (الرائج والمنتشر بين العامة)، والكل يطمح فى الوصول لأعلى المشاهدات وحصد الآلاف من التعليقات، والكل يسعى لنشر ما يلقى رواجا لدى نوعية محددة من القراء حتى لو كان على حساب الحق والحقيقة، أو فى سبيل التضحية بأهم مبادئ العمل الصحفى على الإطلاق وهى المصداقية والتزام الصدق والأمانة فى المعروض على المتلقين باختلاف ألوانهم وأنماطهم.
أو حتى إن اضطر إلى نسف كل القيم الأخلاقية التى فرضتها الأديان السماوية وأبسط المبادئ الإنسانية التى فرضتها المواثيق الدولية أو حتى إن ساقه الترند إلى اغتصاب حقوق الآخرين، فيفضحهم بجهل على غير علم ويكشف سترهم موجها لهم سهام قلمه الظالم الوضيع على غير بينة، وكأن سمعة الآخرين وأعراضهم سلعة رخيصة يتاجر بها من أجل حفنة من المشاهدات ومثلها من التعليقات.
والكثير ينخدعون والأكثر يغرق فى الدوامة بلا أمل فى النجاة أو حتى الاستفاقة من تأثير فتنة الترند، ويا لها من فتنة!
والإعلامى المنافق هو الذى يجرى وراء الترند ضاربا بكل القيم عرض الحائط، هو الذى من يجعل همه الوحيد هو اجتذاب أعداد غفيرة من القراء أو المشاهدين بصرف النظر عن صحة وصدق مضمون ما ينشره، هو من يرى أخبار الإثارة وفضائح الناس مادة غنية لجذب المزيد من مريديه.
هل النجاح هو الوصول لتحقيق أعلى المشاهدات فقط حتى ولو باستخدام أساليب التهويل والمبالغات والإثارة والفضائح؟
أم النجاح هو عمل بديع ينشر قيمة إيجابية فيعززها ويدعو لها أو يحذر من صفة سلبية يدحضها ويبشعها وينفر الناس منها؟
فالإعلامى الذى لا ينشد الصدق منهجا والأمانة أسلوبا فى كل ما يعرضه أو يقوله فهو منافق كذاب، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان».. والمنافق الكاذب لا يؤتمن على توصيل الحقائق للآخرين.