«زواج المسلمة من غير المسلم».. شيخ الأزهر يحسم الأمر

صورة مجمعة
صورة مجمعة


اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الغضب، بعد فتاوى تبيح زواج المسلمة من غير المسلم، على خلاف النصوص القرآنية.


- آمنة نصير: يجوز بشروط
وازداد الموقف اشتعالًا، بعد نشر ما قالته الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، عضو مجلسي النواب والأعلى للشئون الإسلامية، خلال تصريحات لأحد البرامج الفضائية، أمس، بإنه يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير المسلم من أهل الكتاب ولكن بشروط.


وأفادت بأن الرجل غير المسلم إذا طبق مع زوجته المسلمة، ما يطبقه مع زوجته المسيحية أو اليهودية، بأن لا يكرهها على تغيير دينها ولا يمنعها من مسجدها ولا يحرمها من قرآنها ولا يحرمها من أداء صلاتها فلا يوجد مانع والأولاد يتبعون الأب، والفقهاء يرون أن زواج المسلمة من غير المسلم مرفوض خشية أن تتسرب الفتيات المسلمات إلى المسيحية أو اليهودية.


- شيخ الأزهر: غير جائز شرعًا
وكان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر،  أكد خلال رده على سؤال أحد أعضاء البرلمان الألماني «البوندستاج»، خلال زيارته لألمانيا في مارس 2016، أن زواج المسلمة من غير المسلمة غير جائز شرعًا.

وأضاف: «الزواج في الإسلام ليس عقدًا مدنيًا كما هو الحال عندكم، بل هو رباط ديني يقوم على المودة بين طرفيه، والمسلم يتزوج من غير المسلمة كالمسيحية مثلًا؛ لأنه يؤمن بعيسى عليه السلام، فهو شرط لاكتمال إيمانه، كما أن ديننا يأمر المسلم بتمكين زوجته غير المسلمة من أداء شعائر دينها، وليس له منعها من الذهاب إلى كنيستها للعبادة، ويمنع الزوج من إهانة مقدساتها؛ لأنه يؤمن بها».

ولفت الإمام الأكبر، إلى أن زواج المسلمة من غير المسلم، يختلف عن زواج المسلم من الكتابية، فالكتابي لا يؤمن بالرسول محمد، ودينه لا يأمره بتمكين زوجته المسلمة، إن تزوجها، من أداء شعائر الإسلام أو احترام مقدساتها؛ لأن الإسلام لا حق على المسيحية؛ ولذا فهو يؤذيها بعدم احترام دينها والتعرض لرسولها ومقدساتها.وأوضح شيخ الأزهر: «أن المودة غير مفقودة في زواج المسلم من غير المسلمة، بخلاف زواج المسلمة من غير المسلم، فهو لا يؤمن برسولنا محمد، ودينه لا يأمره بتمكين زوجته المسلمة - إن تزوجها - من أداء شعائر الإسلام أو احترام مقدساتها؛ لأن الإسلام لاحق على المسيحية؛ ولذا فهو يؤذيها بعدم احترام دينها والتعرض لرسولها ومقدساتها، ولذا فإن المودة مفقودة في زواج المسلمة من غير المسلم؛ ولذا منعها الإسلام».

 


الإفتاء ترد بالأدلة:
وأوضحت دار الإفتاء، أن هناك أدلة على التحريم، فورد ذلك في قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5]، وإنما قال: {وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} أي يحل لكم أن تطعموهم من طعامكم؛ للتنبيه على أن الحكم في الذبائح مختلف عن المناكحة؛ فإن إباحة الذبائح حاصلة في الجانبين، بخلاف إباحة المناكحات فإنها في جانب واحد؛ هو حِلُّ زواج المسلم من الكتابية، بخلاف العكس؛ فلا يحل للكتابي أن يتزوج بمسلمة.


وذكرت أن العلة الأساس في هذه المسألة تعبدية؛ بمعنى عدم معقولية المعنى -وذلك في كافة الشرائع السماوية-، فإن تجلّى بعد ذلك شيءٌ من أسباب هذا التحريم فهي حِكَمٌ لا عِلَل. فالأصل في الزواج أنه أمرٌ لاهوتيٌّ وسرٌّ مقدس، وصفه ربنا تبارك وتعالى بالميثاق الغليظ؛ فقال تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 21].


ولفتت إلى أن الفقهاء تكلموا في الحكمة من هذا التحريم فقالوا: إنه لو جاز ذلك لكان للزوج غير المسلم ولاية شرعية على الزوجة المسلمة، والله تعالى لم يجعل لغير المسلمين على المؤمنين سبيلًا شرعيًّا، بخلاف إباحة الطعام من الجانبين فإنها لا تستلزم محظورًا.


واستكملت بأن الفقهاء قالوا إن المسلم إذا تزوج من مسيحية أو يهودية فإنه مأمور باحترام عقيدتها، ولا يجوز له -من وجهة النظر الإسلامية- أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها والذهاب من أجل ذلك إلى الكنيسة أو المعبد، وهكذا يحرص الإسلام على توفير عنصر الاحترام من جانب الزوج لعقيدة زوجته وعبادتها، وفي ذلك ضمان وحماية للأسرة من الانهيار.


وتابعت بأنه إذا تزوج غير مسلم من مسلمة فإن عنصر الاحترام لعقيدة الزوجة يكون مفقودًا؛ فالمسلم يؤمن بالأديان السابقة، وبأنبياء الله السابقين، ويحترمهم ويوقرهم، ولكن غير المسلم لا يؤمن بنبي الإسلام ولا يعترف به؛ لأن الإيمان به والاعتراف بصحة ما جاء به يعني ضرورة اتباعه، وحينئذٍ لا مناص له من أن يكون مسلمًا، بل إنه بعدم اتباعه للإسلام يعتبره نبيًّا زائفًا وَيُصَدِّق -في العادة- كل ما يشاع ضد الإسلام وضد نبي الإسلام من افتراءات وأكاذيب، وما أكثر ما يشاع.


ولفتت إلى أنه حتى إذا لم يصرح الزوج غير المسلم بذلك أمام زوجته فإنها ستظل تعيش تحت وطأة شعور عدم الاحترام من جانب زوجها لعقيدتها، وهذا أمر لا تجدي فيه كلمات الترضية والمجاملة، فالقضية قضية مبدأ.


وذكرت أن الإسلام كان منطقيًّا مع نفسه حين حرّم زواج المسلم من غير المسلمة التي تدين بدين غير المسيحية واليهودية، وذلك لنفس السبب الذي من أجله حرّم زواج المسلمة بغير المسلم.


وانتهت الإفتاء إلى أن المسلم لا يؤمن إلا بالأديان السماوية وما عداها تُعد أديانًا بشرية، فعنصر التوقير والاحترام لعقيدة الزوجة في هذه الحالة -بعيدًا عن المجاملات- يكون مفقودًا، وهذا يؤثر سلبًا على العلاقة الزوجية، ولا يحقق «المودة والرحمة» المطلوبة في العلاقة الزوجية.


- علي جمعة يرد
من جانبه، أجاب الدكتور علي جمعة، عضو كبار هيئة العلماء بالأزهر الشريف، على سؤال «لماذا يبيح الشرع زواج المسلم من غير المسلمة ويحرم زواج المسلمة من غير المسلم؟»، قائلًا: لأن الزواج كما قالوا رابطة مقدسة، وكلمة مقدسة أي أنها من عند الله، الله سبحانه وتعالى رسم الخلق وأمره ألا يتزوج أحدنا أمه.

وأضاف الدكتور علي جمعة: «طب ليه كده، مش كفاياكم يا مشايخ نقولكم ليه تقولوا كده، لأ كده، مش هنتزوج أمهاتنا، وألا يتزوج أحدنا ابنته وأخته وعمته، وألا تتزوج المسلمة من غير المسلم، وأن يتزوج المسلم أربعة، أو أن يتزوج المسلم غير المسلمة على خلاف في الفقه في ذلك».

وأشار إلى أن : « القضية هي أنك بتسألني الإسلام بيقول إيه، والإسلام بيقول إن المسلمة متتجوزش غير المسلم، والإسلام بيقول إنه يجوز للمسلم في أحد اجتهادات المجتهدين أنه يتزوج من غير المسلمة، والإسلام بيقول إن عمود النسب يحترم لأنه رباط مقدس ومسألة إلهية، لأن الله يجعل هذه العلاقة خارج عقد الزواج حرام، وجعلها داخل عقد الزواج حلال، معالم للدين أخبرنا إياها فنخبركم بها».