كاتب سويسري يتنبأ بوباء فيروسي يحارب العنصرية

السويسري فريدريش دورنمات
السويسري فريدريش دورنمات

«العنصرية».. أزمة عالمية يعاني منها أغلب دول العالم الغربي منذ عقود، وجسدتها الأعمال الأدبية، والدراما السينمائية في الكثير من الأعمال التي أصدرها مبدعون من أصحاب البشرة البيضاء، وينتقدون الفصل العنصري بينهم وبين أصحاب البشرة السمراء.

وترسخت في المجتمعات الغربية وبالأخص أمريكا وسويسرا منذ أكثر من 400 عام، معتقدات بأن «السود»، هم طبقة دُنيا في المجتمع، لا يجب أن يكونوا سوى «عبيد وجواري»، ولا يجب أن يتدرجوا في وظائهم سيادية، وإدارية، وليس لديهم الحق في التعليم، ولا الزواج من بيض البشرة.

وناضل أصحاب البشرة السوداء حتى مطلع القرن العشرين، لكي يغيروا صورة المجتمع لهم، ويتقلدون أعلى المناصب، حتى اجبروا أغلب دول العالم الغربي على احترامهم وتقديرهم، ولكن البعض الأخر ورث العنصرية حتى وقرر استمرار الفصل العنصري.

كاتب سويسري يتنبأ بوباء فيروسي يحارب العنصرية 

وفي بداية التسعينات قرر الكاتب والفنان التشكيلي السويسري «فريدريش دورنمات»، محاربة الفصل العنصري بـ«الوباء الفيروسي في جنوب أفريقيا»، وكانت تلك القصة التي لم تنشر إلا بعد وفاة صاحبها بأربع سنوات هي خير دليل لقدرة القوى الناعمة في انتقاد الواقع.

ورغم أن الوباء الفيروسي الذي تحدث عنه «فريدريش دورنمات»، كان يحول البيض إلى سود، إلا أن صورة الهلع والعزلة التي جسدها في القصة، كانت تشبة فترة العزل التي عاشتها جميع دول العالم عقب انتشار جائحة فيروس كورونا.

وذكرت «اندبندنت بالعربي»، في تقرير لها أن قصة «الوباء الفيروسي في جنوب أفريقيا»، كُتبت في نوفمبر 1989، وهو العام الذي بدأ يشهد نهاية نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

واختار «فريدريش دورنمات» عنوان للقصة مختلف عما شاعت به وهو «مناهضة الفصل العنصري»، أما الملف الذي ضم القصة كان يحمل عنوان «أفريقيا»، وفي النهاية استقر على العنوان الحالي لهذه القصة الرمزية التي تبشر بنهاية نظام الفصل العنصري، وتدعو إلى المساواة بين البشر.

أجواء قصة «الوباء الفيروسي في جنوب أفريقيا»

وتدور أحداث القصة حول انتشار فيروس وبائي غريب تظهر أعراضه مشابهة لأعراض البرد، المصاحب بالحمى وكان أول المصابين به رئيس حكومة جنوب أفريقيا، والذي كان من أصحاب البشرة البيضاء وفوجئ بعد استيقاظه من النوم بظهور أعراض البرد والحمى، ولم تكن تلك الأعراض مقلقة في ذلك الوقت، رغم ظهورها على رئيس الحكومة وزوجته، ولكن الصدمة الكبرى هو ظهور أصعب عرض للفيروس وهو تحول لون بشرتهم من الأبيض للأسود.

أصيبا بالدهشة وعندما جاء الحرس الخاص برئيس الحكومة لاصطحابه إلى مكتبه لم يصدقوا أن هذا الشخص الأسود هو رئيس الحكومة، فألقوا القبض عليه بتهمة انتحال شخصية رئيس الحكومة، وبعد تلك الحادثة انتشر الفيروس في أفريقيا كما تنتشر النار في الهشيم، ليقل عدد أصحاب البشرة البيضاء وتزيد الصراعات بين السود من أصل أبيض والسود من أصل أسود.


وبعد صراعات عديدة صورها «فريدريش دورنمات»، في قصته، أعلن استسلام  مجلس الوزراء الذي يتكون حصراً من سود أصولهم بيضاء، وذلك بخطاب على لسان رئيس الوزراء قائلًا: «أيها الأفارقة الجنوبيون، نحن سود، سواء كنا سودًا من أصل أبيض أو سودًا من أصل أسود».

واستكمل: «الأسود هو لون بشرتنا.. ونحن نعترف ونقر بذلك، لكن هناك خطراً جديداً يهدد نقاء الجنس الأفريقي الجنوبي، أعني البيض الذين ليسوا سود البشرة مثلنا، بل هم سود من ذوي البشرة البيضاء وضد هؤلاء ستطبق قوانين الفصل العنصري من الآن، تحيا دولة جنوب أفريقيا السوداء، فجرت هذه الخطبة ثورة، أدت إلى الإطاحة بالحكومة، وفرار رئيس الوزراء إلى أنغولا».

يذكر أن «فريدريش دورنمات» كاتب سويسري، عرفه العرب من خلال  الذين مسرحياته وأعماله النثرية، وقصصه البوليسية، وذلك من خلال الأعمال الآتية: «زيارة السيدة العجوز، وعلماء الطبيعة، الوعد، والعطل، والقاضي وجلاده».