لعبــة الموساد

المال .. ورقة المخابرات الإسرائيلية لشراء ولاء «الحمساويين»

لعبــة الموســــــــــاد
لعبــة الموســــــــــاد

رشا صبيح

العلاقة بين حركة حماس الفلسطينية وجهاز الموساد الإسرائيلى وغيره من الأجهزة المخابراتية والأمنية الإسرائيلية أصبحت حقيقة ثابتة سواء من خلال الوثائق والوقائع الثابتة فهى لعبة جهاز الاستخبارات الإسرائيلية المفضلة،   وتعود هذه العلاقة إلى نشأة الحركة فى منتصف ثمانينيات القرن العشرين عندما وجدت إسرائيل أنه لضرب القضية الفلسطينية فى مقتل يجب شق الصف الفلسطينى وإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى والمعترف بها من كل دول العالم ومنظماته تقريبا، وكان تأسيس حركة تجمع بين العمل الإرهابى والأيديولوجية الدينية المتطرفة ممثلة فى حركة حماس هى الوصفة السحرية لتحقيق الهدف الفلسطيني.

ومنذ تأسيس الحركة دخلت القضية الفلسطينية نفقا مظلما سواء على الصعيد السياسى أو على صعيد أعمال المقاومة بعد أن تحول العشرات، وربما المئات من عناصر الحركة إلى عملاء مباشرين للمخابرات الاسرائيلية يسهلون لها قتل واعتقال قيادات المقاومة الفلسطينية بما فى ذلك قيادات فى حركة حماس نفسها إذا ما قررت هذه القيادات الخروج على قواعد اللعبة المتفق عليها مع الاسرائيليين.

وفى عام ٢٠٠٦ نشر وزير الإعلام الأردنى الأسبق والكاتب والمفكر صلاح القلاب مقالا قال فيه «عندما تستطيع الاستخبارات الإسرائيلية الوصول الى يحيى عياش الذى كان أهم القادة العسكريين لكتائب عز الدين القسام، التى هى ذراع «حماس» العسكرى وتستطيع اغتياله بعبوة متفجرة زرعت فى هاتفه الخلوى بينما هو يختبئ فى منزل أحد اقربائه القيادى فى حركة المقاومة الإسلامية فإن هذا يعنى أن هناك اختراقا لهذه الحركة وعلى أعلى المستويات.

وأضاف عندما يتمكن الموساد الإسرائيلى من اصطياد الشيخ أحمد ياسين، مؤسس الحركة بزرع جهاز بث فى كرسيه المتحرك، هو الذى أرشد الطائرة الإسرائيلية التى قصفته بصاروخ موجه وهو متجه لأداء فريضة صلاة الفجر فى دغشة الليل، فإن هذا يعنى أن هذه الحركة مخترقة على مستوى المحطات القيادية العليا.

وإذا كان هذا هو التحليل فإن الوقائع على مدى عشرات السنين تؤكد هذه الحقيقة وهى أن الكثير من عناصر حركة حماس تتعاون مع الموساد ضد الشعب الفسطيني.

ومن أبرز فضائح تخابر عناصر حماس مع الموساد فضيحة العميل يوسف سليمان معمر الذى اعتقلته عناصر سرايا القدس الجناح العسكرى لحركة الجهاد الفلسطينية فى مدينة رفح بسبب تعاونه مع الموساد قبل نحو ١٠ سنوات.

وقالت سرايا القدس فى ذلك الوقت إنها اعتقلت العميل المجاهد الحمساوي، بعد مراقبته ورصده والتحقيق معه، وقد اعترف العميل بأنه كلف برصد تحركات عناصر الجهاد الإسلامى وكتائب الأقصى التابعة لحركة فتح الفلسطينية.
وعندما علمت حماس باعتقال أحد عناصرها أسرعت لعقد اتفاق مع السرايا وتسليمه بشرط اعتقاله وسجنه والتحقيق معه، وبالفعل قامت حماس بنقله الى سجن البحر فى تل السلطات برفح، الذى تم إخلاؤه من عناصر حماس قبل ان تقصفه إسرائيل ليختفى عميل الموساد وتقول حماس إنه هرب أثناء القصف.

وفى نفس سياق العمالة جاءت فضيحة المدعو تحرير الشبلى أحد قادة كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة حماس الإرهابية الذى تم تعيينه فى العديد من المناصب الأمنية فى حكومة الحركة بغزة رغم ثبوت عمالته للموساد منذ تم تجنيده داخل أحد السجون الإسرائيلية. أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى فى الثمانينيات وعندما اكتشف المعتقلون الفلسطينيون عمالته سلم نفسه لادارة السجون الاسرائيلية لمدة ستة أشهر حتى يتجنب المساءلة الفلسطينية.

وتعتبر  قصة العميل مويد بنى عودة تجسيدا كلاسيكيا للسقوط فى فخ المخابرات الإسرائيلية بعد أن أعترف باستدراجه عن طريق سيدة اسرائيلية، كما اعترف بنى عودة عندما تمكنت أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية من القبض عليه عام ٢٠٠٧ بمسئوليته عن مساعدة إسرائيل فى اغتيال ٥ من عناصر المقاومة الفلسطينية.

وظهر بنى عودة على شاشة التليفزيون الرسمى الفلسطينى ليعترف بأن المخابرات الإسرائيلية اسقطته ووظفته لمرافقة النشطاء، وزرع الفتنة بين حركتى فتح وحماس، بحسب ما جاء على لسانه.

الغريب ان أغلب عملاء الموساد من حركة حماس ممن يلعبون أدوارا مهمة فى الحركة مثل وليد راضى حمدية مسئول جهاز الدعوة فى الحركة الذى زود الاحتلال بمعلومات أدت الى اغتيال ياسر النمروطي، قائد الجناح العسكرى فى حماس نفسها الذى اغتيل عام ١٩٩٢ وعماد عقل الذى استشهد عام ١٩٩٣ ومروان الزايغ وياسر الحسنات ومحمد قنديل الذين قتلوا معا، فى حى الصبرا فى غزة فى ٢٤ مايو ١٩٩٢.

ومن العملاء المهمين أيضا سامر المدهون الذى كان يعمل مديرا لمكتب عضو المكتب السياسى لحماس فى غزة ووزير داخليتها الاسبق، فتحى حماد كما كان مسئولا للتواصل الخارجى فى مكتب وزير الداخلية السابق فتحى حماد.

تم القاء القبض على سامر المدهون فى شهر يونيو ٢٠١٦ ليعترف بإمداد جهاز الموساد بمعلومات حساسة عن مجموعات ناشطة لحركة حماس بالضفة الغربية ومصادر تمويلها كما كشف عن الخطط الأمنية والعسكرية لكتائب القسام فى قطاع غزة وتسليم خرائط الأنفاق الهجومية للقسام شرق غزة..وقبل شهور قليلة تم الكشف عن واحدة من أكبر قضايا عمالة عناصر حماس لصالح الموساد بعد ظهور تفاصيل هروب القيادى فى الحركة محمد عمر أبوعجوة الى اسرائيل، وقد قامت عناصر من جهاز الموساد الاسرائيلى قاموا بتهريب القيادى فى «حماس» محمد عمر أبوعجوة المسئول الأول للاتصالات الالكترونية وأمير مسجد الاصلاح بالشجاعة شرق غزة.. ووفق تقارير إعلامية محلية فلسطينية، بدأت علاقة «أبوعجوة» مع الاستخبارات الاسرائيلية منذ ٢٠٠٩ مستغلا منصبه الاستراتيجى فى كتائب القسام ومنصبه كرائد فى مكافحة التجسس فى الأمن الداخلى لحركة حماس، موضحة أن أبوعجوة كان مشرفا على نقاط التواصل للقسام وارقام هواتف مسئولين وخرائط للخطوط الارضية، وكل ما يتعلق بالعلم التقنى الذى استغرق بناؤه لسنوات واتضح ان اسرائيل كانت على علم بكل تلك التفاصيل السرية الذى أثار هيستريا لدى المسئولين فى القطاع.

وبحسب التقارير فإنه تم الكشف عن شبكة تخابر مع إسرائيل تضم عشرات العناصر الحمساوية فى قطاع غزة وهناك شكوك قوية حول تورط عدد من كبار قادة الحركة فى هذه الشبكة.