أمجاد هيلارى| خسائر الخريف العربى بـ1000 مليار دولار.. و50 مليون قتيل وجريح

هيلاري كلينتون
هيلاري كلينتون

قبل ظهور شيطانة الشرق لم يكن لداعش وجود.. وكانت سوريا واليمن وليبيا بأمان ومصر فى سلام

أيهما ينتصر.. هيلارى أم الشيطان؟
أيهما يحسم السباق لصالحه.. بنت أمريكا أم الملعون عدو البشر؟
أيهما يستطيع صناعة المجد.. عرابة الخراب أم غريم الإنسان منذ قديم الأزل؟

لم يكن التنافس حتمياً بين الطرفين، لكن "هيلارى" أرادت التحدى، لتثبت أن جبروت الشيطان مهماً وصل قوته، فإنه لم يتعدى أعمال الوسوسة على إرتكاب الإنسان للأفعال المشينة، أو تجاوز أفعال تحريض الأخ على قتل أخاه، أو الوقيعة بين الأهل والمعارف والأصدقاء، أما هى فتستطيع، بعقلها الذى لا يتجاوز البضعة جرامات، أن تتفوق على عدو الإنسان الأزلى الذى ظهر مع نشأته. وكأنها تقول له: "إن كانت قدراتك محدودة، لا تتعدى أعمال الوقيعة بين البشر، فأنا أستطيع سحق شعوب بأكلمها، وتدمير دولاً كانت بالأمس تعيش فى أمان وسلام".


وللحق.. انتصرت هيلارى فى منافستها، وإستطاعت عبر خطة من تدبيرها، صناعة أزمات أصاب تأثيرها الـ 412 مليون بشرى، وتجاوزت اثارها الـ 41 مليون كيلو متر، وهو تعداد ومساحة منطقتنا الشرق أوسطية، وللحق أيضاً، فإن ما حدث فى منطقتنا المنكوبة، أو التى أصيبت أجزاء منها بالنكبة، بخسائر قدرت بـ 1000 مليار دولار، وقتل وجرح وتشريد قرابة الـ 50 مليون إنسان، علاوة على إرتفاع اعداد العاطلين الناجيين، وسقوط الالاف المغُتصبات، وتدمير البنية التحتية، لم يكن الإ ترجمة عملية لما أسموه بـ "تسريبات إيملات هيلارى"، التى أفرجت الخارجية الأمريكية عنها مؤخراً، بتعليمات من الرئيس ترامب. والكارثة أن كل ما حدث، لم يكن الإ جزءاً ضئيلاً من أحلام هيلارى. ربما إنهار مشروعها للأبد مع ثورة الثلاثين من يونيو، وربما أيضاً تستكمل خطة تدميرها المروعة فى حال فاز "بايدن" فى الإنتخابات الأمريكية المزمع إجرائها. ولكى نتوقع ما قادم، كان علينا أن تعود الى حيث نقطة البداية.


تدرج مرعب
لم يتخيل المواطن العربى، وهو يتابع الأحداث التونسية، مع السنة الأولى فى العقد الأول من القرن الجارى، أن أمواج الشعب الثائرة فى صفاقس، سوسة، بنزرت، القيروان، ستمتد لتطول بلاده، وأن ما كان يسميه ربيعاً، سيتحول الى خريفاً ظلامياً يودى ببلاده الى الهلاك، و أن السلمية التى كان يتغنى بها فى المظاهرات المفاجئة، ستصبح ستاراً للمسلحين المدججين بالذخيرة الحية التى تصوب تجاه الأبرياء، وأن منطقته العربية التى كانت تعيش فى هدوء وسلام، ستصبح حدودها ملتهبة، وما بينها انقاض ملونة بالدم، كما نسماتها المفعمة بروائح البارود والقنابل وأثار طلقات الرصاص والقنابل بكافة أنواعها.


انتقلت رياح التغير من بلدة إلى أخرى، ومن دولة إلى أخرى، وسارت تتقافز على إرادة شعوب لم تتساءل للحظة ماذا سيحدث بعد هذه التظاهرات والاحتجاجات؟، ماذا ستفعل بعد سقوط الأنظمة، هل هناك خطة للمستقبل؟، كيف ستنتقل السلطة من نظام سقط إلى نظام قادم؟، من هم الحكام الجدد، وكيف سيكون حكمهم، هل سيكون أسوء مما سبقه، أم سيكون نفسه النظام مع تغير الوجوه، أم سيكون أكثر واقعية لأحلام الشعوب؟.


سلاح الديمقراطية
ربما لو طرحت تلك الأسئلة لما حدث ما حدث، وربما طُرحت بالفعل، وكانت الإجابة من الميادين بأن امريكيا، واحة الديمقراطية تريد نشر الأمل فى أوطاننا العربية، تريد الخلاص من نظم الفساد وإرساء بدلاً منها الحرية والعدل والمساواة، والدليل أن أمريكا سعيدة بما يحدث، تُشيد بما يجرى، تُشجع على الإستمرار، فكلما سقط نظام على رقعة الشطرنج، قفز أوباما أمام الشاشات مبدياً سعادته، وكلما إنهارت دولة، تنطلق هيلارى اليها، وكلما صعد المسلحين الى المشهد، ظهر العبرى برنارد ليفي، إذاً امريكا معنا وليست علينا، كما تشجعنا على إسقاط النظام، ستشُد على السواعد من أجل تأسيس نظام ديمقراطية عادلة.


ونجحت أمريكا، أو بالأدق خطة "هيلارى"، وصار سلاحها "الديمقراطى" هو الذى يحقق طموحها بتدمير منطقة الشرق الأوسط واحدة تلو الأخرى، بدءاً من تونس التى مازالت تأن وطأة الثورة، وليبيا التى تتمزق من الميلشيات الإرهابية، واليمن السعيد الذى صار تعيساً من غبار المعارك الضروس التى تأكل ابناءه، كما يلتهم البحر ضحاياه دون شبع، وسوريا التى باتت محتلة بالقواعد العسكرية الروسية، الأمريكية، الإيرانية، والعراق الذى لم يسعفه الوقت للتنهد من الإحتلال الأمريكى ليجد نفسه ممزقاً مشتتاً ما بين الجماعات الإرهابية وفاسدين يحاولون القفز على الحكم، وكادت مصر أن تسقط بصعود الإخوان، لولا الإرادة الشعبية التى انتفضت فى الثلاثين من يونيو، واصطفت بجانبها قواتنا المسلحة استعداداً للحرب الشاملة على الإرهاب، بالتوازى الى تحقيق خطة الإكتفاء الذاتى والتحديث والبناء الذى يطول كافة مؤسسات الدولة.

 


توقف ليس إجبارى
كادت أحلام هيلارى مجتمعة أن تتحقق، بعدما استطاعت إسقاط العديد من الدول، لكن توقف المشروع بثورة الثلاثين من يونيو، وبدت أن كلمة الرئيس السيسى عندما قال "انتوا ما تعرفوش انتوا عملتوا ايه فى ثلاثين يونيو"، واقعية تماماً عندما توقفت الخطة التى كادت تطول باقى الدول العربية مثل الجزائر والمغرب والأردن علاوة على دول الخليج بدءاً من البحرين، مروراً بالإمارات والكويت نهاية بالسعودية، وما ما أشارت له الإيملات الخاصة من قبل هيلارى والتى أفرجت عنها الخارجية الأمريكية، مؤكده أن الخطة كانت تطول ايضاً هذه الدول.


التسريبات ليست وحدها الكاشفة، فقبل الإنتخابات الأمريكية الماضية، سألت "اورين كاسلر"، وهو نائب رئيس مجلس إدارة الأبحاث بمعهد الدفاع عن الديمقراطية فى امريكا، ما الفرق بين فوز هيلارى وترامب فيما يخص الشرق الأوسط؟، وكانت إجابته مباشرة وكاشفة، مشيراً الى ان فوز "هيلارى" يعنى إنها الولاية الثالثة للرئيس أوباما، وهى أن خطة تدمير الشرق الأوسط ستستمر بلا بتوقف، أما فوز "ترامب" يعنى الحرب على الإرهاب، وتقديم الدعم اللوجيستى المباشر لدى الدول العربية للخلاص من الجماعات المتطرفة، وهو ما يعنى إفشال خطة هيلارى بشكل خاص، أو الديمقراطيين بشكل عام. لكن السؤال حالياً يعاود طرح نفسه من جديد، خاصة بظهور بايدن "الديمقراطى" وإعلانه الصريح بإنه سيستكمل مشروعه حزبه تجاه الشرق الأوسط، وهو ما يعنى أن من سقط لن يتمنى العودة ابداً، ومن نجى سيعاود الإنهيار، ومن لم تطوله رياح التغيير، سيضربه الإعصار ليتهاوى كما سبقوه.


خسائر هزيلة
رغم الخسائر المدوية والنكبات التى أصابت دولاً فى الشرق الأوسط، ورغم الأرقام المرعبة التى تشير الى حجم الخراب الذى طال أوطاننا العربية بسقوط أكثر من 50 مليون قتيل وجريح ومشرد، وإنهيار الإقتصاد والبنوك والبورصات، وإرتفاع الديون الخارجية والداخلية، وتضاعف أعداد العاطلين عن العمل، وإرتفاع اعداد المغُتصبات عن ايدى العناصر الإرهابية، وتدمير البنية التحتيه بمقدار 1000 مليار دولار، من المستحيل تدراكها قبل عشرات السنوات، الإ ان هذه الأرقام ستكون ضعيفة وهزيلة وضئيلة جداً امام أحلام هيلارى، فى حال إستمرار مشروع حزبها "الديقراطى" بوجه جديد يدعى بايدن.



هيلارى غلفت مشروعها الديمقراطى فى علبة "هدايا" ثم ارسلته الى المتظاهرين فى الشرق الأوسط، وعندما فتحوا الهدية متطلعين إلى الديقراطية، اكتشفوا أنهم أمام قنبلة معدة للانفجار، حولتهم الى أشلاء، كما حولت أوطانهم إلى أنقاض، وأن من كانوا ينادوا بالحرية معهم فى الميادين ما هم إلا متحدثين وعملاء يتحدثون باسمعها، يبيعون أنفاسهم بالمال، ومن كان يتحدث بالدين، ما هم إلا مساعدين لأنصار الديمقراطين، هواة خراب، محترفين قتل وتدمير.