أسرار غرف النوم.. «أون لاين»

علماء الاجتماع: شخصية مهزوزة فاقدة للثقة
علماء الاجتماع: شخصية مهزوزة فاقدة للثقة

نهى رجب

قديمًا قالوا «البيوت أسرار»، لكن يبدو أن الأمثال القديمة صارت مثل الأثاث القديم المتهالك أو ملابسنا القديمة المهلهلة، فقدت معناها، وخرجت تبوح بأسرارها على الملأ ما بين السوشيال الميديا والجيران، أمينة، ظنت أنها تعيش بشكل طبيعي حتى كانت المفاجأة التى لم تتوقعها؛ أدق تفاصيل العلاقة الزوجية بينها وزوجها يعرفها الجميع من الاهل والأصدقاء.

وذات مرت هددتها حماتها بفضح أسرارها الزوجية أثناء مشاجرة بينهما؛ مما جعل الزوجة تقرر الانفصال عن زوجها للتخلص من هذا الكابوس، النماذج كثيرة، شىء سىء أن يعلم الإنسان بأن حياته مشاع للآخرين وأنه جالس بين الناس وهو يعرف أنهم يعلمون عنه أدق تفاصيل حياته.

أمينة.. تطلب الطلاق جوزي بيحكي لأهله وأصدقائه عن علاقتنا الحميمة

أمينة تروي مأساتها بدموع عينيها، قائلة، «تزوجت وانا فى الثلاثين من عمري بعد أن شعرت بانجذاب نحوه وتأكدت بأن هناك صفات مشتركة وطباع متقاربة بشكل كبير بيننا، في العام الأول من الزوج أنجبت طفلي الأول الذى ملأ البيت سعادة وبهجة، لا أنكر أنه كانت توجد بعض الخلافات البسيطة التى ينتج عنها نوع من أنواع المشادات بيني وزوجي التى اعتبرتها فى البداية كما كانت تقول أمي لي بأنها «البهارات» التى تشعل نار الحب ولكن مع الوقت بدأت الامور تتطور ونوع المشاكل والمشاجرات أخذت منحنى آخر لم اعتد عليه، فأنا تربيت على العادات والتقاليد والقيم والحفاظ على أسرار البيت وأن أساس العلاقة الزوجية هو الاحترام المتبادل بين الزوجين، لكن زوجي انقلب على هذه الثوابت، بعد أن اكتشفت حقيقته.

وفي إحدى المرات نشبت بيننا مشكلة بسبب أسباب تافهة وبعد وقت قصير تصالحنا لكنني فوجئت بالصدفة من حماتي خلال محادثة هاتفية بيننا تخبرني بأدق تفاصيل العلاقة الزوجية بيني وزوجي وتبرر ذلك بأن ابنها تربى على ألا يُخفي عنها سرًا مهما كانت خصوصيته فهى تعلم كم اتقاضى راتبًا؟، وأين ذهبنا اليوم؟ وماذا أكلنا على الغذاء؟، وتعلم تفاصيل خناقات الصباح والمساء لكن مالم اتوقعه أنها تعلم أسرار العلاقة الحميمة أيضا.

وقتها شعرت بدوار وفقدت توازني وأحسست بكسرة فى نفسي جعلتني أشعر بنفور شديد نحوه، وبرغم ذلك مرت هذه الواقعة لكن أثرها ظل داخلي كالخنجر في ظهري، ومرت الشهور وأنا فاقدة الاحساس بالأمان والثقة تجاهه، إلى أن حدثت المفاجأة الكبرى التى قلبت جميع الموازيين عندما تشاجرنا ووصل الأمر إلى مشادات كلامية مما جعله يأخذ حقيبة ملابسه ويذهب لأمه وقتها لم أبال تركته حتى تهدأ أعصابي؛ لكن مكالمة من إحدى صديقاتي كانت بمثابة القنبلة التى أنفجرت فى وجهي؛ حيث أخبرتني على استحياء بأن أخذ حرصي من زوجي الذى يحكي لأصدقائه أدق تفاصيل العلاقة الخاصة بيننا شعرت فى هذه اللحظة تحديدا وكأنني عارية دون ستر.

لم اتردد لحظة واحدة فى طلب الانفصال عنه، خاصة بعد أن واجهته ولم ينكر عملته الشنعاء، لكنه رفض تطليقي وفشلت جميع مساعي الصلح بيننا لأنني كنت على يقين بأن هذا الشخص مريض لايتغير، وبرغم أنه فضحني أمام حماتي وكشف غطاء الستر عنا إلا انني تجاوزت عن ذلك أيضا مقابل الاحتفاظ باستقرار أطفالي وبيتي، ولكن أن يصل الأمر ويتطور ويخرج من نطاق العائلة لنطاق الأصدقاء، هنا نفدت طاقتي معه، ولجأت لرفع دعوى خلع أمام محكمة أسرة بني سويف، تنازلت عن جميع حقوقي مقابل التخلص من هذا الكابوس لكن زوجي وحماتي لم يتقبلا هذه النهاية واستمرا فى تهديدي بشكل يومي بحرماني من أطفالي وخطفهم، لم أهتم وكرست حياتي لأطفالي ووالدتي المسنة وبعد شهور قليلة نجح طليقي فى خطف أطفالي الصغار الذين هم قرة عيني، حصلت على حكم بحضانتهم وقرار تسليم صغير من المحامي العام ولكن هذه القرارات ما هى إلا حبر على ورق بسبب تغيير محل عنوان الأب وعدم العثور عليه.

فضفضة
وفاء تعمل مدرسة فى إحدى المدارس الخاصة قالت في دعواها، «تزوجت من ابن عمي زواجًا تقليديًا بحكم القرابة والمعرفة التى تربط بيننا وتعودت عليه بعد عام واحد من الخطبة برغم اكتشافي عصبيته الزائدة وطبعه الحاد فى أغلب المواقف إلا أنني أقنعت نفسي بأن أتعامل مع هذه العيوب قدر ما استطيع، وما هي إلا أيام قليلة حتى اكتشف وجهه الحقيقي دون تجميل، كل أسرار البيت من الألف إلي الياء عند أمه بالكلمة حتى ما يدور بيننا في غرفة النوم، ليست أمه وحدها وإنما شقيقاته ايضا، نشبت بيننا الكثير من الخلافات التى وصلت لحد الإهانة والسب وبرغم ذلك تحملت من أجل ابنتي حتى كانت القشة التى قصمت ظهر البعير بعد خناقة مع زوجي تدخلت فيها حماتي وعايرتني بأدق تفاصيل العلاقة الزوجية وهددتني بفضح الأمر إذا طلبت الانفصال، مما جعلني أقيم دعوى خلع وأتنازل عن جميع حقوقي مقابل التخلص من هذا الكابوس.

ماجدة تعمل محاسبة تقول، منذ بداية الزواج، اتفقنا على أن تكون حياتنا الزوجية تخصنا وحدنا، ووعدني بالفعل ألا يبوح لأحد بأسرار البيت ولكن ما حدث فاق كل التوقعات حين تحولت حياتي لجحيم بعد أن اكتشفت أن زوجي يذيع أسرارنا لاصدقائه، وعندما واجهته لم ينكر مبررا ذلك بأنهم أقرب الناس إليه وطبيعي يخبرهم بكل شىء، طلبت الطلاق أكثر من مرة، خاصة بعدما فشلت جميع مساعي الصلح بيننا؛ لهذا لجأت لرفع دعوى خلع وتوهمت بأن هذا الكابوس قد انتهى لكنه مازال يضايقني ويهددني بخطف طفلي وحرماني منه.
 

سلوك اجتماعي
ما حكم من يفشي أسرار بيته؟، دكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر يقول، «يحرص الإسلام دوما على حماية الأسرة من جميع وسائل التأثير الخارجية ويجعل للشئون الزوجية خصوصية، لأن الأصل فى الزواج هو الخصوصية وهو شرط أساسي لابد من الطرفين الالتزام به، وإفشاء الأسرار الزوجية هو محظور شرعا وعرفا حتى ولو كان لأقرب الناس إليه فخصوصية هذه العلاقة ينبغي أن تظل بين الزوجين فقط، خاصة فيما يتعلق بسلوكيات العلاقة الحميمة، وكل خروج عن هذه الخصوصية يعتبره الإسلام خيانة للأمانة والتعاليم الإسلامية، والأحاديث النبوية الواردة بهذا الشأن كثيرة وكلها تحث على الاحتفاظ بالأسرار الزوجية حتى لاتصبح حديث الناس.

دكتور يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة يقول، «الشخصية المهزوزة غير السوية الفاقدة للثقة فى نفسها، صاحبها هو من يفعل هذه التصرفات، التي سرعان ما تطفو على السطح، وحل جميع هذه المشاكل يكمن فى التربية والتنشئة السليمة منذ نعومة الأظافر؛ لأن ما يتعلمه الطفل منذ الصغر سواء كان مرتبط بالثوابت الاخلاقية والتدين والسلوك الاجتماعي مع الآخرين واحترام قدسية العلاقة الزوجية سيظل باقي في نفسه هذه المبادئ ولن يتخلى عنها يومًا.

دكتورة حنان مجدي أستاذ علم الاجتماع جامعة حلوان تقول، «فكرة إفشاء الاسرار التي تنتهي بفضيحة احد الطرفين وهو سلوك اجتماعي مشين وللأسف الشديد هناك قطاع كبير خاصة من النساء يمارسن هذا السلوك مع الأم مثلا أو الأخت وهو ما يتسبب فى تشويه الصورة الاجتماعية لدى الشخص ويساعد على فقدان الاحترام والتقدير، مهما كان هذا الشخص جيد فى أشياء أخرى سيظل بهذه الصورة غير المقبولة ويزداد الأمر سوءً عندما ينتهز أحد الأطراف هذه الأسرار والخصوصية ويستخدمها كسلاح ضد الآخر وتنتهي بفضيحة فى النهاية، وللأسف أيضا هذا السلوك قد يعتبر سببا رئيسيًا فى تفكك العلاقات الاجتماعية بل وتدميرها وقد يكون أيضا سببًا فى أرتفاع نسب الطلاق؛ لذلك لابد من تقويم السلوكيات الاجتماعية بشكل سليم من خلال حضور تدريبات تقويمية تعالج هذا الأمر، والابتعاد عن أصدقاء السوء والممارسات غير الإنسانية وأن يكون هناك التزام بهذه الآداب والأخلاقيات بين الزوجين.