الحصانة.. سلاح طائش يحتاج لـ«تقويم»

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

خالد عثمان - ريم حمادة- وباسم دياب

كم من الجرائم ترتكب باسمك أيتها «الحصانة» تلك التي يتم منحها لبعض المسؤولين لحماية مسؤوليتهم من بطش أصحاب السطوة والنفوذ حيث يحصل عليها أعضاء الهيئات القضائية وكذلك البرلمانيون وغيرهم من أجل أداء مهمته دون تدخل من أحد.

ومع الأسف وفي الآونة الأخيرة تم استخدام تلك الحصانة استخداما سيئا بعيدا عن الهدف المنشود وأصبحت حماية شخصية وسلاحاً موجهاً ممن يملكونها ضد أعدائهم بعيدًا عن حماية المصالح العليا للبلاد. 

فما الحصانة وأهميتها لهؤلاء الأشخاص وكيف يتم استخدامها بما يخدم مصالح الدولة وليس مصلحة الفرد الشخصية، هذا ما نتعرف عليه من خلال سطور التحقيق التالي:

العودة للماضي تكشف قائمة خطايا حصانة النواب الذين استغلوها سبيلاً لتحقيق مكاسب شخصية، فمثلاً كانت قضية المبيدات المسرطنة لوزير الزراعة حينها يوسف والي، وقضية «هايدلينا» أكياس الدم الفاسدة لهاني سرور، وياسر صلاح «نائب القمار» وأنور البلكيمي وعلي ونيس في مجلس الإخوان. 

أما الآن فقد ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض على عضو مجلس النواب عن دائرة الخليفة والمقطم والدرب الأحمر في القضية رقم 501 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا، لطلبه وحصوله على مبلغ 300 ألف جنيه ‏على سبيل الرشوة من رئيس مجلس إدارة شركة «نكست هوم» العقارية.

كما أثار فيديو ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي للنائبة وسيلة إسماعيل تطلق النيران من شرفة منزلها جدلاً واسعاً.

وكشف الفيديو قيام النائبة عن دائرة فاقوس بمحافظة الشرقية، وهو ما يخالف القانون الذي يمنع إطلاق النيران سواء في المناسبات الاجتماعية أو لأي أغراض أخرى.

كما أمرت المحكمة الإدارية العليا، برفض الطعن المقدم من سعيد حساسين، حكم الدرجة الأولى الذي قضى باستبعاده من السباق الانتخابي بمجلس النواب، حيث أصدرت محكمة القضاء الإداري، حكمًا يفيد بإلغاء قرار قبول أوراق ترشح سعيد بانتخابات مجلس النواب، لافتقاد المرشح لشرط حسن السير والسلوك لصدور عشرات الأحكام الجنائية ضده.

ومنذ أن دخل المستشار مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك، مجلس النواب، لاحقته طلبات رفع الحصانة للتحقيق معه في عدد كبير من القضايا، والتي كان آخرها مخاطبة اللجنة الأوليمبية لمثول مرتضى للتحقيق أمام اللجنة، وهو ما رفضه مجلس النواب، بسبب عدم الرجوع لمجلس النواب.

يأتي ذلك بعدما طالبت اللجنة مجلس إدارة نادي الزمالك بالدعوة لإجراء انتخابات تكميلية في أول اجتماع جمعية عمومية بالنادي، على بعض المقاعد، على رأسها مقعد رئاسة النادي، بعد قرار وقف رئيس النادي لمدة 4 سنوات.

وفي 2019 امتلأت السوشيال ميديا بفيديوهات جنسية بطلها المخرج السينمائي وعضو مجلس النواب خالد يوسف والشابتان منى فاروق وشيما الحاج ما أثار غضب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. 

وألقت قوات الأمن القبض على الممثلتين بتهمة التحريض على الفسق وخدش الحياء العام، واعترفتا خلال التحقيقات أن مخرجاً شهيراً غرر بهما وصور لهما مقطع الفيديو الإباحي لابتزازهما، وأكدتا أن المخرج طلب منهما عمل الشذوذ.

وفجّرت منى فاروق مفاجأة من العيار الثقيل بعدما كشفت أنها متزوجة من خالد يوسف وأن والديها على علم بالموضوع، كما كشفت شيما الحاج أيضًا أنها متزوجة منه، وتقدمت محاميتهما بعقود زواج عرفية تثبت زواجهما من المخرج خالد يوسف. 

وخرج خالد يوسف ينفى مقطع الفيديو المنسوب إليه، وقال: إن ما يحدث ما هو إلا حملة تشويه لمواقفه السياسية، وانتهت القضية بإخلاء سبيل منى فاروق وشيما الحاج.

غطاس: وهمية ولا تحمي أحدًا سياسيًا

وفى هذا الصدد علق النائب سمير غطاس عضو مجلس النواب ورئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الحصانة البرلمانية الممنوحة للنواب تستخدم بشكل سيء وسلبي،، مؤكداً أن النائب هو مواطن عادي ولا يجب أن يتحصن بأي حصانة.

وقال: «على مدى الدورتين السابقتين تم رصد عدد كبير من النواب الذين استغلوا حصانتهم بشكل معيب وسيء ووصل الأمر إلى تهريبهم مواد ممنوعة متحامين في حصانتهم البرلمانية، وهناك أيضاً من تهرب من عدد من التهم والقضايا المرفوعة ضده متحصنا بها".

وتابع غطاس: "خلال البرلمان الحالي استغل عدد كبير من النواب سلطتهم البرلمانية للتهرب من المساءلة القانونية في كثير من مشاكلهم منهم المستشار مرتضى منصور، حيث إن النائب العام السابق طالب 5 أو 6 مرات برفع الحصانة عنه".

وأضاف: "أيضاً النائب سعيد حساسين الذي رفضت أوراق ترشحه للدورة البرلمانية الجديدة بسبب وجود عدد من القضايا والأحكام الصادرة ضده وهذه القضايا كانت قبل دخوله برلمان 2016"، متسائلا: "كيف تم قبول أوراقه في هذه الدورة ويدخل مجلس النواب ويتحصن بالحصانة البرلمانية".

وأشار غطاس إلى أنه على الصعيد الآخر فإنه يعتبر هذه الحصانة وهمية فيما يخص الشق السياسي داخل البرلمان أو خارجه لأن البرلمان فصل فعليا اثنين من النواب، ووجه إنذارا لاثنين آخرين ولم تحميهما الحصانة.

وأكمل: "قد تقدمت بطلب رسمي لرئيس مجلس النواب الدكتور على عبدالعال بالتنازل طواعية عن تلك الحصانة إلا أن طلبي قوبل بالرفض من قبل رئيس المجلس والأعضاء وقال لي عبد العال: هذا الأمر يحتاج إلى تعديل دستوري". 
من ناحيته دافع الدكتور جمال جبريل أستاذ القانون العام عن الحصانة البرلمانية، مشدداً على أنها تقليد عالمي عام ونظام قانوني متبع في جميع برلمانات العالم وأن مصر لم تستحدثه أو تخترعه.

وأضاف أن الحصانة في البرلمان كانت حصانة جنائية فقط تحمي النائب من السلطة التنفيذية، بحيث لا تتخذ إجراءات ضد النائب إلا بعد رفع الحصانة البرلمانية عنه من المجلس.

وتابع: "مجلس النواب المصري خلال دورات انعقاده بالدورة الحالية استحدث وأضاف إلى الحصانة الجنائية الحصانة التأديبية، رغم كونها ليست موجودة بدول العالم المختلفة وهي تحمي النائب من السلطة الرئاسية بألا تتخذ أي إجراءات تأديبية ضده كفصله أو توقيع أي عقوبات عليه".

وأيد أستاذ القانون تلك الحصانات حتى المستحدثة منها واصفاً إساءة استغلال هذه الحصانة من قبل عدد من النواب يسمى «ممارسة» ويمكن محاسبة أي نائب على إساءة استغلالها.